قمة تكساس: الاحتفاظ بالمستوطنات الكبيرة وتطبيق خارطة الطريق
يخص الرئيس بوش أصدقاءه وحلفاءه المقربين باستضافتهم في مزرعته الخاصة في تكساس. وهذا ما ينطبق على زيارة شارون الحادية عشرة منذ تولي بوش منصب الرئيس. وهي زيارة كرست للعلاقات القوية التي تجمع الرجلين، وجاءت تصريحاتهما في المؤتمر الصحفي الذي تلا محادثاتهما لتعكس مدى التناغم في المواقف الأمريكية والإسرائيلية. بوش حث شارون على إزالة المستوطنات غير القانونية، وصرح قائلاً: "ابلغت رئيس الوزراء بقلقي تجاه قيام إسرائيل بأي نشاط يتنافى مع الالتزامات بموجب خارطة الطريق أو يستبق مفاوضات الوضع النهائي". وتابع " يتعين على إسرائيل أن تزيل المواقع الاستيطانية غير المصرح بها وان تفي بالالتزامات الواردة في خارطة الطريق فيما يتعلق بالمستوطنات في الضفة الغربية". شارون من ناحيته تعهد بتطبيق خريطة الطريق، وأعلن قائلاً: "فيما يتعلق بالمواقع الاستيطانية غير الشرعية، فأود أن أؤكد أن إسرائيل تحتكم إلى المجتمع وحكم القانون. ولذلك، فسأفي بالتزاماتي لكم سيدي الرئيس وأقوم بإزالة كافة المستوطنات والمواقع الاستيطانية غير الشرعية".
وتبخرت أمال الفلسطينيين في ممارسة ضغوط بشأن الاستيطان الإسرائيلي إذ سرعان ما أعلن الرئيس الأمريكي بوش تمسكه برأيه حول المستوطنات الكبيرة في الضفة الغربية الذي عبر عنه قبل كذلك في رسالته الشهيرة للشعب الإسرائيلي ابريل/نيسان الماضي، وأكد من جديد أن بإمكان إسرائيل الاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية الكبيرة في الضفة الغربية. معتبراً أن من غير الواقعي الحديث عن حدود 1949 من جديد. وكرر شارون اتهاماته بأن المسئولين الفلسطينيين لا يبذلون الجهد الكافي لمكافحة المتطرفين المعادين لإسرائيل. ثم عبر عن تأييده لإقامة دولة فلسطينية على أراضي جغرافية متصلة في الضفة الغربية. وكان رد السلطة الفلسطينية واضحاً فقد رفضت وضع شروط مسبقة لمفاوضات الوضع النهائي، في رد غير مباشر لتصريحات بوش حول حدود 1949، كما حثت شارون إلى الاستجابة لمطالب بوش فيما خص وقف المستوطنات. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لرويترز تعقيباً على تصريحات بوش وشارون في تكساس "آمل أن يلتزم رئيس الوزراء شارون بدعوة الرئيس بوش لوقف كل الأنشطة الاستيطانية لأنني اعتقد أن هذا هو مفتاح كل شيء".
تهديدات باقتحام الأقصى
من ناحية أخرى تلاحقت الأحداث التي شهدتها المناطق الفلسطينية في الأيام القليلة الماضية لتهدد مجددا بنسف مساعي التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وانزلاق منطقة الشرق الأوسط إلى دوامة العنف. ففي الضفة الغربية توغلت قوة من الجيش الإسرائيلي اليوم في مدينة نابلس الواقعة شمالي الضفة الغربية. ووفقا لمصادر فلسطينية فإن القوة المكونة من 20 مدرعة باشرت بمحاصرة عدة مبان تقع في وسط المدينة واعتقلت 12 شخصا من كوادر شهداء الأقصى وكذلك الناشط في كتائب العودة التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) فراس الطنطور. وفي القدس هددت جماعة "ريفافا" التي قامت الأحد بمحاولة اقتحام فاشلة لساحة الحرم القدسي الشريف باقتحام المسجد الأقصى من جديد. وأكدت المنظمة اليمينية المتطرفة أنها ستقوم في التاسع من مايو / أيار المقبل بمحاولة ثانية لدخول باحة المسجد الأقصى.
وردا على محاولة المنظمة اليهودية دخول ساحة الحرم القدسي الشريف، عمت مظاهرات نظمها الفلسطينيون الأحد تحت شعار "نصرة الأقصى" معظم المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وندد الفلسطينيون بتهديدات جماعات يهودية متطرفة بالدخول إلى ساحة الحرم القدسي الشريف. وعلى الصعيد السياسي، قالت مصادر إعلامية إسرائيلية إن وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز هاتف الرئيس الفلسطيني محمود عباس وطالبه بالتصدي لقصف مستوطنات إسرائيلية بالصواريخ والقذائف في قطاع غزة. تجدر الإشارة إلى أن قيام الفلسطينيين بقصف المستوطنات الإسرائيلية جاء على أثر إقدام الجيش الإسرائيلي على قتل ثلاثة فتية فلسطينيين في مخيم رفح بغزة.
بيريز يدعو إلى ضبط النفس
وفي حين يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية، دعا المسؤول الثاني في الحكومة الإسرائيلية شيمعون بيريز إسرائيل إلى ضبط النفس وعدم الرد على القذائف والصواريخ التي أطلقها فلسطينيون على مستوطنات في قطاع عزة. وقال بيريز في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية إنه يجب إعطاء الفرصة للرئيس الفلسطيني عباس لأنه "مهتم بالحفاظ على الهدوء". وأضاف بيرز أن الحكومة الإسرائيلية تفضل التعامل مع محمود عباس على التعامل مع سلفه عرفات أو مع شخص يأتي بعده. في الوقت ذاته حذر بيريز حزب الله اللبناني من قيامه بإثارة توتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. وحسب المراقبين فإن شارون استغل قيام الفلسطينيين بإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على المستوطنات اليهودية للترويج لسياسة الاستيطان التي تمارسها حكومته. إلى ذلك، وصف شارون رد الفلسطينيين على قتل قوات الجيش الإسرائيلي للفتيان الفلسطينيين الثلاثة بأنه "خرق واضح لاتفاقيات شرم الشيخ" التي وقعها مؤخرا الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي في منتجع شرم الشيخ. وقال شارون على متن الطائرة التي أقلته إلى الولايات المتحدة إن قصف المستوطنات اليهودية سيكون له "أهمية مركزية" في المشاورات التي سيجريها مع الرئيس الأمريكي جورج بوش.
قريع يطالب بوقف الاستيطان
من الجانب الفلسطيني تزامن بدء أعمال القمة الإسرائيلية الأمريكية مع مطالبة رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بإبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون بوقف الاستيطان، قائلا إن ذلك "سيؤدي إلى دفن عملية السلام" التي اتفق عليها الجانبان مؤخرا في منتجع شرم الشيخ. وقال قريع في مؤتمر صحفي مشترك مع المبعوث الأوروبي لعملية السلام مارك آوت عقد في رام الله إنه يجب على شارون وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتمثلة في توسيع الاستيطان وتهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري. وتابع قريع أن مواصلة الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية يعني "حفر قبر لعملية السلام". هذا ويستضيف الرئيس الأمريكي جورج بوش رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم الإثنين في مزرعته بتكساس للتأكيد على الدعم الذي تقدمه واشنطن للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. ووفقا للمراقبين فإن قضية توسيع مستوطنة معاليه أدونيم قد تشكل نقطة خلاف بين بوش وشارون. من جانبهم يخشى الفلسطينيون من أن تؤدي أعمال توسيع المستوطنة المشار إليها إلى عزل الضفة الغربية عن الجزء الشرقي من مدينة القدس التي يصر الفلسطينيون على أن تكون عاصمة دولتهم في المستقبل.
ناصر جبارة