الإخوان والسلفية: شبحان مرعبان أم ظاهرة مجتمعية طبيعية؟
٨ أبريل ٢٠١١بدأت أشباح التيارات الإسلامية تلوح في سماء مصر لتجعل نظرة المصريين إلى مستقبلهم مشوبة بشيء من القلق، فهم يشاهدونها وهي تحاول أن تجد لنفسها مساحة كبيرة على الخريطة السياسية المصرية. وبعد أن زال غطاء القمع السياسي زاد نشاط الإخوان المسلمين والسلفيين ليظهروا بكثافة في الإعلام المصري وعلى مواقع الإنترنت. عن ذلك يعلق الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديث مع دويتشه فيله بالقول: "كل ما كان بداخل البناء المجتمعي في مصر يظهر الآن بإيجابياته وسلبياته".
جماعة منظمة وممنهجة
تنشط جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها قبل أكثر من 80 عاماً سياسياً واجتماعياً، وتعد أكثر التيارات الإسلامية انتشاراً وشهرة في مصر، فالإخوان يبنون مساجد ووحدات صحية ومدارس من خلال تبرعات يجمعونها، مما يزيد من شعبيتهم عند عامة الناس بشكل خاص.
وظهرت قوة التنظيم الممنهج للإخوان خلال مرحلة استفتاء التعديلات الدستورية، حينما ركزوا على التأثير على الناخبين لكي يوافقوا على التعديلات الدستورية من خلال توزيع المواد الغذائية عليهم. ولم يتوقف الأمر عند المساعدات الغذائية فقط، بل نشرت جريدة "الأهرام" قبيل الاستفتاء إعلاناً للجماعة، تطالب فيه المصريين بالتصويت الإيجابي على التعديلات الدستورية لأن هذا "واجب شرعي".
انقسام السلفيين
واستخدم تيار آخر ورقة الإسلام لإقناع الناخبين بالموافقة على التعديلات الدستورية، ففي بيان للحركة السلفية تم الخلط ما بين السياسة والتطرف الديني. وجاء في البيان: "إن أعداءكم يريدون دولة مدنية، ودولة مدنية = لا دينية، أي فصل الدين عن الدولة، فيجوز أن يكون الرئيس غير مسلم، وحتى نقطع الطريق عليهم، نذهب (...) إلى دوائر الاستفتاء المختلفة والتصويت بنعم للتعديلات الدستورية".
ويرى الصحفي والخبير في شؤون التيارات الإسلامية في مصر سيد محمود حسن في حوار مع دويتشه فيله أن المشكلة تكمن في أن صورة السلفيين صورة غير واضحة للكثيرين. ويتابع قائلاً: "نتحدث عن الحركة السلفية كما وأنها كتلة واحدة. يوجد أكثر من تيار داخل الحركة السلفية". وبحسب حسن فإن الحركة السلفية في مصر تنقسم إلى أربعة تيارات، "تيار الجهاد السلفي" و"السلفية الحركية"، وهذان التياران يبيحان الاشتراك في العمل السياسي. أما التيارات الآخران فهما "السلفية التقليدية" و"السلفية العلمية"، وهما يحرمان المشاركة السياسية.
عدم تحبيذ المشاركة السياسية هو أيضاً أحد الأسباب لعدم مشاركة السلفيين في الأيام الأولى لثورة 25 يناير، فكانت بعض المجموعات السلفية تصدر فتاوى بتحريم المشاركة لأسباب عديدة، منها مثلاً إنها ثورة علمانيه لا تدعو إلى تحكيم الشريعة على الدولة. أما الاتجاهات السلفية الأخرى فلم تشارك في المظاهرات بسبب اقتناعها بأن "الخروج عن الحاكم سيجلب مفسدة أكبر من مصلحة"، كما يقول حسن.
وفي آذار/ مارس 2011 أعلنت الدعوة السلفية في الإسكندرية رسمياً أنها اتخذت قراراً بالمشاركة الايجابية في العملية السياسية ولكن لم يرد في الإعلان طريقة عملها السياسي.
تطرف وفتنة طائفية
ولعل المشكلة الأخرى تكمن في ما يتابعه المصريون من خلال وسائل الإعلام حول أفعال ومقولات السلفيين، بداية بخطبة الداعية السلفي محمد حسين يعقوب الشهيرة بخطبة "غزوة الصناديق" وصولاً إلى التهديدات، التي تلقها المركز المصري لحقوق المرأة، حيث تلقى عدداً كبيراً من البلاغات من نساء في محافظات مختلفة حول تهديدهم من قبل السلفيين بإقامة الحد عليهن في حالة عدم التزامهن بالزى الشرعي. بالإضافة إلى هدم الأضرحة في عدد من محافظات مصر وإلى قطع أذن مواطن قبطي.
ويوضح حمزاوي أنه لا يوجد رصد محدد لمن يرتكب تلك الأفعال ووصفها بأنها بصفة عامة أحداث مقلقة "لأنها تتضمن فتنة طائفية وعنف ومحاولة تخويف". وأضاف الخبير المصري قائلاً: "تلك اللحظة تشجع الكل على المشاركة والكل يبحث عن دور سياسي وهذا الأمر يبقى مشروعاً، طالما يوجد هناك التزام قانوني وسياسي بمتطلبات المشاركة في الحياة السياسية".
السلبية غير مطلوبة
وفي خطوة لطمأنة المصريين أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن مصر لن تكون إيران أو غزة ولن يحكمها "خمينى آخر". عن ذلك يقول حمزاوي: "إن المخاوف التي تثار الآن مرتبطة بالخوف من الفراغ السياسي وبأن التيارات الإسلامية هي الأكثر تنظيماً مما يجعلها من الممكن أن تملئ هذا الفراغ. ويتابع قائلاً: "التحاور يبقى مهماً، لكن في إطار الضوابط القانونية والدستورية، التي تضمن مدنية العمل السياسي وسلميته" .أما حسن فيرى أن على المجتمع المدني تفعيل حضوره واستخدامه بشكل واضح لكي لا يكون هناك أثر للسلفيين كالأثر الحالي المبالغ فيه.
منى حفني
مراجعة: عماد م. غانم