اكتشاف جديد يناقض مقولة بناء الأهرامات بالسُخرة
١١ يناير ٢٠١٠رغم أن الهرم الأكبر قد شُيد قبل نحو 4500 سنة كمقبرة للمك خوفو، ما زال علماء الآثار حتى اليوم يتجادلون حول هذا البناء الذي اعتبره الناس في العالم القديم من عجائب الدنيا السبع. وما زال علماء الآثار يختلفون حول عدد العمال الذين عملوا على بناء الهرم، وكذلك حول طريقة بنائه والمدة التي استغرقها تشييده. ويرجِح عدد كبير من علماء الآثار أن تكون الأحجار الثقيلة التي يزن كل منها أطناناً قد تم سحبها على طريق صاعد باستخدام الحبال والقوة البشرية، غير أنهم ما زالوا يتجادلون حول السؤال التالي: هل استخدم فرعون عبيداً لبناء الأهرام؟ أم أنه سخّر الفلاحين الفقراء للعمل في بناء الأهرامات في وقت الفيضان، أي خلال توقفهم الإجباري عن العمل في الحقول؟
"عمال بناء الهرم الأكبر لم يكونوا من العبيد"
وعلى ما يبدو فإن علماء المصريات قد اقتربوا خطوة من الإجابة على السؤال الأخير، إذ أعلن وزير الثقافة المصري فاروق حسني يوم الأحد (10/1/2010) أن بعثة آثار مصرية حققت اكتشافات أثرية مهمة بعثورها على مقابر عمال بناة هرم خوفو. وقال حسني إن هذه المقابر تؤكد أن العمال الذين بنوا أكبر أهرامات الجيزة الثلاثة لم يكونوا عبيداً أو يعملون بالسخرة، وإلا ما كانوا بنوا مقابرهم إلى جانب مقابر الملك. وأضاف الوزير ان البعثة "عثرت على مجموعة مقابر جديدة ترجع إلى الأسرة الرابعة (2649- 2513 قبل الميلاد)، وتعود هذه المقابر إلى العمال الذين بنوا الهرم الأكبر". واكتُشفت مقابر العمال الأولى عام 1990 إثر سقوط سائحة عن ظهر جوادها جنوب شرق تمثال "أبو الهول".
من جهته اعتبر رئيس البعثة الأثرية زاهي حواس أن "الكشف عن مقابر العمال من أهم الاكتشافات الأثرية في القرنين العشرين والواحد والعشرين، لأنها تُلقي الضوء على الفترة المبكرة للأسرة الرابعة وتؤكد سقوط فكرة قيام العبيد ببناء الأهرام، وذلك لأن هذه المقابر تقع مباشرة إلي جوار الهرم بل وتطل عليه، ولو كانوا عبيدا لما استطاعوا بناء مقابرهم في هذه المنطقة".
وقال حواس إن "من أهم مقابر العمال مقبرة لشخص يدعى "ايدو"، وهي عبارة عن بناء مستطيل الشكل به العديد من آبار الدفن التي كسيت من الحجر الجيري المحلي الموجود بالهضبة، كما كسيت جدران المقابر من الخارج بطبقة من الطوب التي طُليت باللون البيض، بالإضافة إلى وجود كوات تواجه كل وحدة منها بئرا للدفن لتسهيل دخول وخروج الروح من المتوفى القابع في هذه البئر حسب معتقدات قدماء المصريين.
"الهرم خوفو كان المشروع القومي لمصر وأن الشعب كله اشترك في بنائه"
وكشفت البعثة عن مجموعة من العظام والرفات التي تحيط بالمقبرة الرئيسية من جهة الغرب. وتتسم هذه المقابر بصغر حجمها وبساطة تصميمها وزخرفتها المعمارية. كما تم الكشف عن مقبرة أخرى تقع إلى الجنوب الغربي من مقبرة ايدو. ويرى حواس أن هذا الكشف "يعطينا فكرة واضحة عن الحياة الدينية للعمال الذين اشتركوا في بناء الهرم". وأضاف أن الأدلة التي عُثر عليها "تفيد أن العائلات الكبيرة في الصعيد والدلتا كانت ترسل يومياً حوالي أحد عشر عجلاً وثلاثة وعشرين خروفاً، وذلك لإعاشة العمال وفي المقابل كانوا لا يدفعون الضرائب للدولة". واعتبر حواس أن ذلك "يثبت أن الهرم كان المشروع القومي لمصر كلها وأن الشعب كله اشترك في بنائه".
وأكد حواس أن "عدد العمال الذين اشتركوا في بناء الهرم الأكبر بالذات لا يزيد عن 10 آلاف عامل، عكس ما قاله المؤرخ اليوناني هيرودوت بأن عدد العمال كان يصل إلى 100 ألف عامل". وقال حواس إن الكشف يؤكد أن "هؤلاء العمال جاءوا من العائلات الكبيرة، والذين دفنوا بالجبانة هم العمال الذين ماتوا أثناء بناء الأهرامات ".
(س ج / د ب أ، أ ف ب، رويترز)
مراجعة: ابراهيم محمد