إلى أي حد يمكن لألمانيا أن تضطلع بدور الوسيط في أزمة سوريا؟
٨ أكتوبر ٢٠١٣بدأت سوريا للتو بتدمير ترسانتها النووية تحت إشراف مفتشين دوليين. وخلال الحوار الذي أجرته مجلة دير شبيغل مع بشار الأسد نفى الأسد أي مسؤولية له ولنظامه في عمليات العنف القائمة في البلاد. كما قدم للمجلة تصريحاً مفاجئاً، حينما أشار إلى أنه سيقبل أن قامت ألمانيا بدور الوسيط لحل الصراع القائم. هذا التصريح يمكن أن يُفهم كطلب رسمي موجه للحكومة الألمانية، إذ قال للمجلة: "سأكون سعيداً لو بعثت ألمانيا بمسؤولين إلى دمشق للحديث معنا حول حقيقة الأوضاع القائمة". وأضاف: "عندما تعتقدون بأنه يجب عليكم عزلنا، فسأقول فقط: أنتم تعزلون أنفسكم، وبالتحديد عن الحقيقة".
دعم المبعوث الأممي الخاص
غير أن وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله رفض عرض بشار الأسد، إذ صرح للموقع الإلكتروني لمجلة دير شبيغل الألمانية خلال زيارته إلى أفغانستان: "لدينا المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا الأخضر الإبراهيمي، الذي ندعم مساعيه بقوة في الوساطة للتوصل إلى حل سياسي". كما انتقد فيسترفيله إنكار بشار الأسد استخدام الأسلحة الكيماوية: "إنكار الأسد استخدام الغاز الكيماوي لا يساعد على خلق أرضية مناسبة لإيجاد حل سلمي".
وحسب تقدير الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ فإن رفض ألمانيا القيام بدور الوساطة كان في محله. ويوضح الباحث لدى مؤسسة العلوم والسياسة في حوار مع DWبالقول: "كل من يدعم الحل السياسي للنزاع السوري يجب أن يدعم الأخضر الإبراهيمي". ويرى شتاينبيرغ بأن باقي الدول يُمنع عليها القيام بدور الوسيط. إضافة إلى ذلك فإن ألمانيا على أبواب تشكيل حكومة جديدة "ولا أحد يعرف من سيحصل على منصب وزير الخارجية" على حد قول شتاينبيرغ.
ضرورة تفادي الغرور السياسي
ومن جانبه أشاد توماس ييغر، أستاذ السياسة الدولية والسياسة الخارجية في جامعة كولونيا، بقرار الحكومة الألمانية قائلاً في حوار مع DW: "أطراف الصراع السوري هي بشكل أخص الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. وفي حال تزايد الدور السياسي لألمانيا كوسيط بين واشنطن وموسكو فإن ذلك سيكون بمثابة غرور سياسي".
ويضيف ييغر أن قيام برلين بدور الوسيط ستكون له عواقب وخيبة تجاه حلفائها. وسيُفهم ذلك ـ حسب ييغرـ كرسالة من برلين مفادها بأن الحكومة الألمانية تعتقد بأنها يمكن أن تقوم بدور أكبر في الصراع السوري الصعب، الذي بات يتخذ طابعاً عالمياً.
لكن تحفظ برلين من لعب أي دور ليس خياراً جيداً حسب أستاذ السياسة الدولية والسياسة الخارجية في جامعة كولونيا، الذي يقول في هذا الصدد: "الدول الأوروبية تشعر بمسؤولية أكبر من طاقتها بخصوص مساهمتها في الخروج بحل مناسب للصراع القائم، فالأمر لا يتعلق بصراع يندرج داخل السياسة الخارجية ويمكن للدول الأوروبية أن تتغلب عليه".
سياسة اللجوء
رغم ذلك فبإمكان ألمانيا بل يجب عليها أن تلعب دوراً نشيطاً في الصراع السوري، كما يوضح الخبير في شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ، الذي يضيف بالقول: "أعتقد أنه يجب على ألمانيا التدخل بشكل ما لكي نظهر للسوريين بأننا معنيين بالصراع بدرجة ما".
ويرى شتاينبيرغ بأن شكل المساعدة البناء تجاه سوريا يمكن أن يتجلى في السياسة تجاه اللاجئين. فالخطورة الأولى ـ حسب شتاينبيرغ ـ هي وجوب فتح تركيا لحدودها مع سوريا واستقبال المزيد من اللاجئين. وهنا يمكن للحكومة الألمانية تقديم دعم لوجستي ومالي، وفي نفس الوقت فكل من لبنان والأردن بدورها في حاجة إلى المساعدة.
ويخاف شتاينبيرغ من التهديد الذي يطال لبنان والأردن بفقدان الاستقرار السياسي بعد استقبالها أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين. "أما في الخطوة الثانية فيجب على الاتحاد الأوروبي استقبال المزيد من اللاجئين السوريين. ويمكن لألمانيا المساعدة في هذا الشأن أيضاً".
ويتفق توماس ييغر مع شتاينبيرغ حول أهمية المساعدة الإنسانية، ويرى أنه بإمكان الحكومة الألمانية المساهمة في التغلب على تبعات الحرب الأهلية السورية في المنطقة. إضافة إلى ذلك، فباستطاعة ألمانيا العمل على "دعم الحوار لتفعيل الحل الذي سيتم الخروج به"، كما يقول ييغر، الذي يضيف أن" ألمانيا يمكن أن تقدم أفكار أو تساهم في تطوير أخرى مطروحة".