إصلاح اللجنة الأممية لحقوق الإنسان ضرورة ماسة
بدأت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عملها في جنيف حيث من المقرر أن تقوم في دورتها الواحدة والستين التي تستمر في الفترة ما بين 14 مارس/آذار حتى 22 أبريل/نيسان بإدخال إصلاحات جذرية وعملية على آليات عملها. ويأتي هذا التطور في ظل إجماع المنظمات الدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان على ضرورة إجراء هذه الإصلاحات الأساسية من أجل استرجاع مصداقية هذا المحفل الدولي الكبير، وذلك بعد ازدياد النقد الذي صب في خانة الانتهاكات التي ترتكبها الدول ومحاولة إفراغ اللجنة من محتواها. والجديد في هذا السياق هو أن الأصوات المطالبة بإصلاح أداء اللجنة قامت بتحميل كل الدول الأعضاء مسؤولية ما وصلت إليه لجنة حقوق الإنسان من جمود و"هيمنة الدفاع عن المصالح والتسييس على قضايا حقوق الإنسان المبدئية".
إقرار بضرورة الإصلاح الجذري
وفي غضون ذلك أشار الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي عنان في خطابه الذي عرض فيه الاقتراحات المتعلقة بإصلاح اللجنة إلى "أن أحدا ليس بإمكانه التفوه بأنه ملتزم كل الالتزام بقيم حقوق الإنسان"، كما أشار إلى أن "انتهاكات حقوق الإنسان ترتكب في البلدان المتقدمة والبلدان الفقيرة على حد سواء". وأكد أمام الحاضرين على أنه "يضع مسألة حقوق الإنسان في قلب الإصلاحات التي يقترحها لمنظمة الأمم المتحدة"، وحذر أيضا من أن "أي تأخير في إدخال الإصلاحات على الدفاع عن حقوق الإنسان، قد يعرض مصداقية منظمة الأمم المتحدة للخطر".
هيمنة التسييس على قضايا حقوق الإنسان
تعود عدم فعالية عمل لجنة حقوق الإنسان إلى التناقض بين أولويات الدول الأعضاء في اللجنة المتمثلة بحماية مصالحها الوطنية وبين العمل على حماية حقوق الإنسان على أرض الواقع، فالكثير من أعضاء اللجنة مثل السودان وزيمبابوي والصين والسعودية دول متهمة بانتهاك حقوق الإنسان. وهو ما أشار إليه عنان بوضوح أمام دورة اللجنة السنوية التي تستمر ستة أسابيع بقوله: "لقد بلغنا نقطة ألقى فيها تراجع مصداقية اللجنة بظلاله على سمعة نظام الأمم المتحدة."
ومن أجل تجديد الثقة المفقودة في آليات حقوق الإنسان يريد عنان إنشاء مجلس أصغر لحقوق الإنسان، في إطار برنامج الإصلاح الشامل للأمم المتحدة، وحسب عنان يتعين على هذا المجلس إقرار هذه الحقوق والدفاع عنها وفقاً لأعلى المعايير. ويهدف هذا الإجراء الإصلاحي الجديد إلى تحقيق درجة أكبر من الشفافية في عمل اللجنة وتحسين القدرة على محاسبة الدول التي تقترف جرائم تمس بحقوق الإنسان الأساسية. ومن هذا المنطلق يأمل المراقبون بأن تمكن عجلة الإصلاحات اللجنة من انتهاج سياسة أكثر شمولا وموضوعية.
تدهور حقوق الإنسان في العالم العربي
تصف تقارير جديدة تدهور أوضاع حقوق الإنسان في عدد من الدول العربية. وترى منظمات عربية ناشطة في الدفاع عن هذه الحقوق أن التدهور وصل إلى "مستويات مقلقة". كما تعطي قوانين الطوارئ المفروضة في كثير من الدول العربية مثل مصر أجهزة الأمن إمكانية الاعتقالات العشوائية وتغييب أبسط أبجديات دولة القانون وكل ما يتناسب مع المعايير التي أقرتها المواثيق والاتفاقيات والأعراف الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وفي سوريا ساءت أوضاع حقوق الإنسان في العام الماضي استنادا إلى معلومات موفدة من لجنة حقوق الإنسان السورية في لندن. ونوهت اللجنة في تقريرها السنوي إلى ازدياد عدد الاعتقالات العشوائية و"التعذيب المنهجي" وتضييق حرية الصحافة. وعلاوة على ذلك قال تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية أن انتهاكات حقوق الإنسان في دول الخليج تزايدت مثير للقلق كنتيجة مباشرة "للحرب على الإرهاب".
لا ديمقراطية دون إحترام حقوق الإنسان
لا شك أن حقوق الإنسان الأساسية تشكل جزءاً إلزامياً ومعياريأً من مفهوم الديمقراطية، ومما يعنيه ذلك أنه لا يمكن الحديث بجدية عن الديمقراطية دون التشديد على فحواها "القيمي" المتمثل في مبدأ مساواة البشر وتكريس حقوق الأقليات والاعتراف بدور المجتمع المدني كأحد ركائز المجتمع في عملية التنمية الشاملة.
وفي هذا السياق طالب أستاذ العلوم السياسية عمرو حمزواي المثقفين العرب بالتوقف عن إلقاء لوم مشاكلهم على العوامل الخارجية فقط. وطالب المحلل المصري في مقالة نُشرت في 5 يوليو/تموز 2000 في صحيفة" الشرق الأوسط" الصادرة في لندن المثقفين العرب بالتوقف أيضاً عن النظر إلى الدولة وكأنها "الحامي الوحيد لخير مواطنيها" على حد قوله. فالمطلوب في هذه الفترة هو تغيير جذري في ذهنية المفكرين العرب والنخب العربية، والكف عن نشر التشاؤم الجماعي فيما يتعلق بفرص تحقيق إصلاح ديمقراطي شامل جذري في المنطقة العربية، لأن مصير التغيير الديمقراطي (الدمقرطة) مرتبط بمصير حقوق الإنسان الأساسية والعكس صحيح.
لؤي المدهون