أين ذهبت المساعدات الأوروبية للمهاجرين في البوسنة؟
٢٤ يناير ٢٠٢١طريق البلقان تحول منذ أزمة اللاجئين في 2015 إلى أراضي جمهورية البوسنة والهرسك. وبما أنه تم إغلاق حدود صربيا المتاخمة لدولتي الاتحاد الأوروبي المجر وكرواتيا أمام المهاجرين الذين في طريقهم من اليونان إلى الغرب الغني وشمال الاتحاد الأوروبي، يحاول عدد متزايد من الناس حظهم في تجاوز الجبال على الحدود البوسنية الكرواتية.
والعدد الحقيقي للأشخاص من افغانستان والمغرب وباكستان وسوريا ودول حروب وأزمات أخرى الموجودون حاليا في البوسنة غير معروف. وينطلق الاتحاد الأوروبي من 8000 مهاجر، فيما تعتبر منظمات إغاثة محلية أن عددهم يصل إلى 12.000 شخص. وهناك إجماع بين الجهات المغيثة في أن إمكانيات الإيواء والمواد الغذائية والرعاية الصحية في البلاد التي تضم 3.5 مليون نسمة غير كافية. وفي نهاية ديسمبر حصل تصعيد في الوضع في غرب البوسنة بالقرب من الحدود الكرواتية، بعدما غادر العاملون الأجانب معسكر اللاجئين "ليبا"، لأن السلطات البوسنية لم تجهز المعسكر ضد الشتاء، فحصل هناك حريق. ومنذ تلك اللحظة يقيم نحو 1.300 مهاجر في درجات حرارة تحت الصفر في بنايات فارغة بدون تدفئة أو في العراء. والخيم العشرون القابلة للتدفئة التي وضعها الجيش البوسني نهاية الأسبوع الماضي رهن التصرف لا تكفي لإيواء المهاجرين.
ونظرا لهذا الوضع المتردي يُطرح السؤال: ماذا حصل بالفعل مع 90 مليون يورو التي صرفها الاتحاد الأوروبي منذ 2017 لدعم المهاجرين في البوسنة؟ المسؤول عن توزيع المساعدات المالية الأوروبية للبوسنة هي المنظمة الدولية للهجرة. وحسب معطيات مكتب هذه الأخيرة في العاصمة البوسنية سراييفو تم إيصال منذ 2017 ما مجموعه 76.851.217 يورو من بروكسل. ومن هذا المبلغ تم حتى نهاية العام الماضي صرف 51.560.327 يورو.
نظام شفاف لمساعدين دوليين
"مراقبة الميزانية تخضع للجنة تجتمع بانتظام"، كما تقول إديتا سليمبيغوفيتش، المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة في العاصمة البوسنية سراييفو. وتضم اللجنة ممثلين لوفد الاتحاد الأوروبي في البوسنة ووزارة الأمن البوسنية وشرطة الحدود ومكاتب شؤون الأجانب ومنظمة الإغاثة الدنماركية. "هذا هو أيضا المنتدى الذي تناقش فيه تعديلات الميزانيات الأصلية وتُتخذ القرارات عندما تتغير الحاجة في عين المكان"، كما تفيد سليمبيغوفيتش. ولضمان من يتحمل المسؤولية عن أية ميزانية والشفافية في التعامل مع الأموال الأوروبية، تقدم المنظمة الدولية للهجرة لوزارة الأمن البوسنية ووفد الاتحاد الأوروبي في كل ثلاثة أشهر تقريرا مفصلا حول استخدام المساعدات. وهذا التقرير يتم تسليمه لوزارة المالية في البوسنة لاتخاذ موقف. وإذا كان هذا الأخير إيجابيا، فإنه يتم إنجاز التقرير وطرحه على الحكومة البوسنية. وعلاوة على ذلك تصدر المنظمة الدولية للهجرة تقريرا ماليا سنويا مفصلا، كما تفيد المتحدثة باسم المنظمة.
لا جواب من وزارة الأمن
ما الذي يحصل مع المؤسسات والمنظمات المحلية؟ دويتشه فيله طلبت من وزارة الأمن أن تشرح ما هي المساعدات الأوروبية التي تم منحها لجهات الإغاثة البوسنية لتجاوز أزمة المهاجرين وما هي المشاريع التي حصلت على الموافقة. ولم يرد جواب حتى بعد مرور 12 يوما على السؤال. ويتضح أن غالبية المساعدة المالية صُرفت على إقليم أونا سانا الواقع مباشرة على الحدود مع كرواتيا. وهناك يقيم نحو 80 في المائة من مجموع المهاجرين في البوسنة. وجزء من الأموال الأوروبية تم صرفه على إجراءات الإيواء مثلا في فنادق تقع بين مدن بيهاج وفليكا كلادوشا.
إيواء وغذاء ومساعدة ضحايا عمليات الترحيل
ومراكز الإيواء السبعة الموجودة في البوسنة التي تحتضن بين 5000 و 6000 شخص استنفدت حسب المنظمة الدولية للهجرة حتى الآن 7.140.000 يورو ما يمثل 14 في المائة من الأموال المصروفة إلى حد الآن. و39 مليون يورو إضافية أو 77 في المائة تم صرفها على الغذاء والدواء ولوازم النظافة والخيم وتكاليف العاملين في دور اللاجئين. "وجزء من الأموال تم صرفه في إطار المساعدة في عمليات الترحيل من كرواتيا إلى البوسنة"، كما تكتب نيكولا باي، رئيسة مجلس اللاجئين الدنماركي في البوسنة. "وهذا يشمل تجميع تصريحات شهود العيان والرعاية الصحية لضحايا العنف على الحدود".
وحصلت مؤسسات بوسنية ومنظمات حسب معطيات المنظمة الدولية للهجرة على نحو 3.5 مليون يورو" وتم بذلك تمويل اقتناء عربات لشرطة الحدود ومكاتب شؤون الأجانب والشرطة في إقليم أونا سانا. إضافة إلى ذلك تُحسب رواتب الموظفين العاملين في تجاوز أزمة الهجرة"، كما ردت المنظمة الدولية للهجرة كتابيا على سؤال من دويتشه فيله.
رئيس البلدية: ليس هناك أموال لبيهاج
"أعرف من الذي لم يحصل على شيء"، يقول سرحات فزليتش، رئيس بلدية بيهاج "إنها مدينتنا". علما أن إدارته بالاشتراك مع الإقليم صرفت منذ مارس 2020 نحو ربع مليون يورو كوسائل للتجهيز الأساسي لمعسكر اللاجئين المغلق ليبا. ويحذر فازليتش بانتظام في وسائل الاعلام البوسنية من أن الجماعات المعنية في البلاد من أزمة الهجرة قد تخرج خاوية الوفاض في توزيع المساعدات الأوروبية.
والمؤكد بين عاملي منظمات الإغاثة والمراقبين أن جميع المؤسسات والمنظمات التي تُعني في البوسنة والهرسك بالهجرة والمهاجرين ترشحت بمشاريع للحصول على مساعدات مالية أوروبية. ومثير للانتباه أنه بعد أيام وأسابيع ليس هناك من هو مستعد للإجابة على أسئلة دويتشه فيله.
"رغم كل الانتقاد للمنظمة الدولية للهجرة وللاتحاد الأوروبي: فبدونهما لحصلت كارثة منذ مدة في بيهاج وإقليم أونا سانا"، كما يعتبر رئيس البلدية سرحات فازليتش. "ولا أحد من غيرهما قام هنا في النهاية بشيء لتجاوز أزمة الهجرة".
درغان ماكزيموفيتش / روديغر روسيش/ م.أ.م