كرواتيا ... عنف ممنهج ضد اللاجئين؟
١٦ أغسطس ٢٠١٨يخرج رجل في منتصف العمر من صف اللاجئين في مخيم، حيث ينتظرون في مدينة فليكا كلادوشا الصغيرة للحصول على طعام. الرجل يخلع قميصه لنشاهد ظهره المتأثر بالضرب والدم. هذا المشهد يبدو لنا معتادا: صور بهذا النوع من الجروح مثل التي يعاني منها الجزائري يتم نشرها منذ أيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي ـ مع الإعلان بأن تلك الجروح هي نتيجة "معاملة" من قبل رجال الشرطة الكروات.
من بين اللاجئين في شمال غرب البوسنة والهرسك الذين حاولوا الوصول إلى كرواتيا ـ ثم إلى تراب الاتحاد الأوروبي ـ يتحدث تسعة من بين عشرة مؤخرا عن سلوك الشرطة الكرواتية. فهم يتحدثون عن عنف وإهانات وأموال مسروقة وهواتف مكسرة. كما مُنعوا من تقديم طلبات اللجوء. كما أنهم أُجبروا على ما يبدو من طرف رجال الشرطة على السير عبر الغابات في المنطقة الحدودية للعودة إلى البوسنة. البعض منهم يأتي من تلقاء نفسه إلينا، ويكشف عن جروحه ويطلب منا الكتابة عنها ـ " كي تعلم أوروبا ماذا يحصل هنا".
"العنف يُستخدم بصفة منهجية"
منظمة الإغاثة NO Name Kitchen نشرت صور الرجل المضروب من الجزائر أولا في وسائل التواصل الاجتماعي. المتطوعون من هذه المنظمة يساعدون لاجئين في روما الإيطالية وفي يسد الصربية وفي فليكا كلادوشا. فهم يزودون المهاجرين بالغذاء والأغطية والألبسة وإمكانيات الغسل. كما أن المنظمة جزء من شبكة توثق تقارير حول عنف الشرطة ضد مهاجرين في طريق البلقان. وعلى موقع الإنترنيت www.borderviolence.eu قام الموظفون بتدوين 200 حالة منذ بداية عام 2017 استخدمت فيها الشرطة العنف ضد مهاجرين على الحدود بين كرواتيا وصربيا وصربيا والمجر والبوسنة وكرواتيا.
"في كل يوم لدينا حالة أو حالتين جديدتين. ليس لدينا القوة الاستيعابية لتوثيق كل هذا"، يقول مارك براتلوس من منظمة No Name Kitchen. "أن يُستخدم العنف بصفة منهجية، يمكن رؤيته في كل يوم. يجب فقط الذهاب إلى مخيم اللاجئين. البارحة كنا في محطة الحافلات حيث كان ينام 25 شخصا أعيدوا من كرواتيا. 14 منهم تعرضوا للضرب، وبعضهم أضلعه مكسرة".
العنف كجزء لسياسة لجوء أوروبية جديدة؟
المهاجرون الذين يُجبرون على العودة من كرواتيا إلى الأرض البوسنية يؤكدون أن الشرطة الكرواتية عنيفة للغاية تجاههم. ففي تقرير لأحد الشهود على موقع www.borderviolence.eu تحكي عراقية في الـ 47 من عمرها لها جروح واضحة في الوجه والأذرع والأرجل أن رجال الشرطة ضربوها هي وابنها البالغ من العمر 14 عاما بدون أي سبب. كما تم تجريدهم من أموال وهاتف نقال وحاسوب محمول. وهذه الحالة ليست إلا واحدة من حالات كثيرة، كما تحذر منظمات غير حكومية تدعم اللاجئين في البوسنة. "في الأسبوعين الماضيين قمنا بتوثيق 17 إعادة بالعنف لنساء من سلوفينيا وكرواتيا إلى البوسنة. وفي أكثر من نصف الحالات كانت تطال أطفال دون سن الرشد"، كما ورد في تقرير لمنظمة الإغاثة Are You Syrious.
"وأثناء عمليات الإعادة تمنع الشرطة الكرواتية اللاجئين من تقديم طلبات لجوء ـ وتخرق بذلك الدستور المحلي والقانون الإنساني الدولي"، تقول أمينة بوتشينكيس من المبادرة لدعم اللاجئين Dobrodosli التي تعني "مرحبا". وتغير سلوك أجهزة الأمن تجاه المهاجرين ـ من المساعدة في 2015 إلى استخدام العنف اليوم ـ هو بالنسبة إلى بوتشينسكي وزملاؤها نتيجة سياسة اللجوء الجديد في أوروبا: " الاعتقال ثم الترحيل".
الشرطة الكرواتية: لا وجود لاستخدام العنف ونظام استقبال العائدين يشتغل
مرتين قدمت منظمة Dobrodosli شكاوى في السنة الماضية ضد وزارة الداخلية في العاصمة الكرواتية زغرب ـ في كلا الحالتين بدلائل حول عمليات إعادة عنيفة للاجئين. "ننتظر إلى اليوم الحصول على جواب"، تقول أمينة بوتشينسكي.
وردت الوزارة على DW بأنه "في الحالات المسجلة إلى حد الآن التي تم التحقق من معلومات حول استخدام العنف الجسدي من قبل رجال شرطة بحق مهاجرين أو السطو على ممتلكاتهم لم تُستخدم وسائل الإجبار". والحقوق الأساسية وكرامة المهاجرين يتم احترامها في كرواتيا، ويتم السهر على أن تكون لهم إمكانية ولوج نظام الحماية الدولي. وورد في الرسالة القصيرة من الوزارة إلىDW أن " جمهورية كرواتيا لها اتفاقية نشطة وفعالة لاستقبال العائدين مع البوسنة والهرسك، وهي تنظم عودة الأشخاص الذين دخلوا بصفة غير قانونية".
وتفيد الرواية الكرواتية الرسمية أنه تم في السنة الماضية اعتقال 4.808 من الأشخاص أثناء العبور غير القانوني لحدود الدولة. وفي الشهور السبعة الأولى لهذا العام عددت شرطة الحدود 3.172 من الأشخاص. وطبقا لمعلومات الوزارة البوسنية المسؤولة تم حتى نهاية يوليو الماضي إعادة 300 شخص على أساس الاتفاقية مع كرواتيا. والوزير المسؤول، دراغان ميكتيش يقول في تصريح بأن " الاتفاقية الثنائية حول الإعادة لا تعمل في الواقع".
كيف يمكن الوصول إلى الحقيقة؟
بيتر فان أوفيرات، مدير مهمة المنظمة الدولية للهجرة في البوسنة يفيد بأن موظفيه يسمعون الكثير من الحكايات حول عمليات إعادة عنيفة للاجئين من كرواتيا ـ لكنه من المستحيل التحقق من صحتها. "أعلم كذلك عن العنف بين المهاجرين"، كما يقول فان أوفيرات " ويكون أحيانا من الصعب الكشف من أين تأتي الجروح دون القيام بتحقيق مناسب".
ومراقبة عمل شرطة الحدود من قبل مساعدي اللاجئين على الحدود بين كرواتيا وسلوفينيا أدت إلى نجاح عدد متزايد من اللاجئين في طلب اللجوء في سلوفينيا. ويفيد أحد الباحثين في علم الاجتماع في عاصمة سلوفينيا أن "مبدأ الابتزاز المتبادل" في الاتحاد الأوروبي هو السبب الحقيقي وراء عنف الشرطة السلوفينية والكرواتية تجاه المهاجرين.
أمير بوريتش/ م.أ.م