ألمانيا: جمعية اتحادية للمسلمات تعيد الحجاب إلى دائرة النقاش
١٥ ديسمبر ٢٠١٣تعزيز دور المرأة المسلمة داخل المجتمع الألماني ليكون لها صوت مسموع وحضور قوي في شتى المجالات، من أبرز المهام التي أخذتها أول جمعية اتحادية للنساء المسلمات في ألمانيا على عاتقها. وتسهر داريا ساهان، مديرة الجمعية صحبة زميلاتها على رسم خطط فاعلة لتحقيق هذه الأهداف، كما تقول ساهان، من بينها أن " تكون المرأة المسلمة طرفا للحوار في القضايا التي تتعلق بالفرد وبالأسرة وبالتعايش داخل المجتمع".
الجمعية، قام بإنشائها مطلع الشهر الجاري الإتحاد التركي الإسلامي „DITIB“الذي يعد أكبر تنظيم إسلامي فاعل داخل ألمانيا. ويتبعه نحو 900 مسجد وجمعية إسلامية، كما يتوفر على 200 ألف عضو حسب بيانات الاتحاد نفسه.
وأوضحت داريا ساهان أن الهدف من الجمعية النسائية لا يقتصر على تعزيز حضور المرأة المسلمة داخل المجتمع الألماني، بل أيضا على العمل لإعادة إحياء النقاش حول ارتداء الحجاب في ألمانيا، حيث تقول: "نريد أن نشارك في النقاش، حتى يتم إيجاد حل بشأن ارتداء المدرسات المسلمات للحجاب في ألمانيا".
جدل قانوني حول ارتداء الحجاب
الجدل حول ارتداء الحجاب في المدارس الألمانية ليس بالجديد، فقد سبق للمحكمة الدستورية الألمانية أن أقرت سنة 2003 بحق معلمة مسلمة ارتداء الحجاب أثناء التعليم، لعدم وجود أي سند قانوني يحظر ارتداء الحجاب في المدارس. الجدير بالذكر، أن الحكم كان قد جاء بعد استئناف المعلمة المسلمة فيريشتا لودين لقرار المحكمة الإدارية في ولاية بادن فورتمبيرغ التي اعتبرت ارتداء الحجاب في الفصل الدراسي من أشكال التأثير الديني الذي تمارسه المعلمة على الأطفال. ومباشرة بعد حكم المحكمة الدستورية، قامت العديد من الولايات الألمانية بسن قوانين جديدة في هذا الشأن، إذ قامت 8 ولايات من أصل 16 بإصدار ما يسمى بقوانين "الحياد" التي تحظر الرموز الدينية في المدارس.
ياسمين كاراكاسوغلو، المتخصصة في العلوم التربوية، مقتنعة تماما بأن الولايات الألمانية قامت بخطأ كبير، حين سارعت إلى سن هذه القوانين مباشرة فور صدور الحكم. وكانت ياسمين كاراكاسوغلو قد أعدت آنذاك تقريرا كلفت به من قبل المحكمة الدستورية حول "التدين وأسباب ارتداء الحجاب بين الشابات المسلمات في ألمانيا". وفيه شددت الخبيرة على "أن القضاة دعوا في ذلك الوقت إلى ضرورة فتح نقاش عام حول الحجاب. بيد أن ذلك لم يحدث، بل صيغت مسودات تشريعية عاجلة وغير مكتملة" وهو ما أدى إلى "اختلاف النصوص وما تلا ذلك من مزيد من الارتباك". تقول الخبيرة.
الحجاب: رمز سياسي أم قناعة شخصية
وبغض النظر عن الوضعية القانونية لارتداء الحجاب، إلا أن هذا الملف يبقى من المواضيع المثيرة للجدل داخل المجتمع الألماني. ففي الوقت الذي ترى فيه النساء المحجبات الحجاب كجزء من هويتهن الثقافية والدينية، وارتداءه حق تضمنه حرية المعتقد، يرى المعارضون له، أن الحجاب رمز ديني- سياسي. وفي هذا الصدد تقول ليلى أكغون، النائبة البرلمانية السابقة عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي والمتخصصة في قضايا الهجرة بأن النقاش العام لا يركز على ارتداء الحجاب كقناعة شخصية، بل "الهدف منه، كما هو الحال عليه في تركيا، هو تعزيز حضور الحجاب داخل المؤسسات العمومية بما فيها الجامعات والإدارات وداخل الحقل السياسي،...وهو ما يثير حساسية كبيرة داخل المجتمع الألماني".
وتم مؤخرا في تركيا رفع الحظر على ارتداء الحجاب في الخدمة العمومية بمبادرة من الحكومة التركية التي يقودها حزب العدالة والتنمية المحافظ. ولم تبق هناك إلا استثناءات قليلة، حيث يمنع على ضباط الشرطة والقضاة والمدعين العامين والجنود ارتداء الحجاب.
ولأن أكغون تعتبر أن الاتحاد التركي الإسلامي "ما هو إلا ذراع حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الممتدة داخل ألمانيا"، فإنها تقول "إن الاتحاد لا يختلف نهائيا عن وزارة "ديانات" التركية للشؤون الدينية، والتي بدورها لا تمثل سوى حزب العدالة والتنمية الحاكم"؛ ومن ثمة فإن الحكومة التركية تسعى عبر الاتحاد إلى فرض ساستها المحافظة داخل ألمانيا عبر الجمعيات الدينية، معتبرة أن "القرارات تتخذ في أنقرة ثم تطبق عبر الجمعيات في ألمانيا". ولهذا تقف أكغون ضد هذا التوجه، مشددة على ضرورة أن تقوم السياسة الألمانية بدعم المسلمين الليبراليين بشكل أكبر.
بازك أوتساي/ أمين بنضريف