أطفال ونساء يرزحون في جحيم مخيمات اللاجئين السوريين
١٨ يناير ٢٠١٣يمكن وصف مخيم الزعتري في الأردن الواقع عند الحدود مع سوريا بأنه جحيم من الأعفار. ونُشرت صور من الزعتري في كل أنحاء العالم تظهر فيها طرق مغمورة بالمياه وخيم غير عازلة للماء وغير كافية للحماية من البرد. ومخيم أطمة في شمال غرب سوريا الواقع عند الحدود مع تركيا يتكون بالدرجة الأولى من الطوب وتحيطه الأوحال.
زرتُ المخيمين مرات عدة، وقضيت في الزعتري ليلا باردا. وتسللتُ إلى المخيم آنذاك بمساعدة صديق لي يعمل كمساعد في منظمة خيرية وحصلت منه على بطانية خفيفة من منظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين. وأعطاني ذلك فكرة حول ما يعني العيش هناك.
تعرفت في الزعتري على شخصين قاما بدور المرشدين لي. وهما سوري في سن السابعة والعشرين يحصل من الحكومة الأردنية على بعض الأموال مقابل مرافقة الصحفيين الأجانب عبر المخيم، وفتاة في سن الثانية عشر تحمل اسم نادين التي جاءت للمخيم هاربة مع أفراد أسرتها من درعا وتعيش الآن معهم في إحدى خيم الزعتري.
أُطلقتُ على الرجل السوري الشاب في هذا التقرير اسم عمر، فهو يقضي الليالي خارج المخيم في قاعة نوم قريبة من مدخله، لانه لا يستطيع دفع أجرة سكن.
مرارة أوضاع اللاجئين
قضى عمر السنوات الست والعشرين الأولى من حياته في دمشق، حيث درس الهندسة واجتمع مع أصدقائه في مقاهي. وإذا أراد الآن استخدام هاتفه النقال، يجب عليه، شأنه في ذلك شأن جميع الشبان في المخيم، أن يحاول ذلك في قمة أعلا تل فيه، لان هذا التل هو المكان الوحيد الذي يمكن ان تلتقط فيه شبكة الهاتف، في بعض الأحيان.
قضيتُ في أحد الأيام مع زملائي بضع ساعات في خيمة أسرة نادين، حيث تحدثنا مع أمها وإخوتها وأخواتها الأصغر سنا، في حين أخذ أبوها مرة بعد الأخرى هاتفه النقال من جيب بنطلونه، فدخل الأسرة كان كافيا قبل هربها من سوريا لشراء هاتف نقال غال.
يشعر أفراد الأسرة دائما بالبرد، فكما قالوا لم تحصل كل أسرة إلا على بطانيتين من الضروري أن ينام جميع أفرادها تحتهما. ويأكل سكان المخيم ما يُوزع فيه، وهو الأرز والعدس في معظم الأحيان. ويستخدمون مراحيض وغرف استحمام مشتركة. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في المخيم أكثر من 40 ألف شخص، هرب كثيرون منهم من مدينتي حمص ودرعا المدمرتين.
غياب المساعدات
من يريد زيارة مخيم أطمة يجب عليه أن يمر بنقطة تفتيش تركية. وبخلاف الحال في مخيم الزعتري، فإن مخيم أطمة معزول عن أي دعم دولي. ورغم أن الحكومة التركية تقدم بعض المساعدة، إلا أن ذلك لا يكفي.
ويقع المخيم في صحراء من الأوحال. ويتم في أحد الخيم إعداد الأرز والفول في أواني كبيرة. وكل يوم يحمل رجال سوريون الأواني إلى خارج هذا المطبخ لتوزيع الطعام فيها. وفي بعض الأحيان ينزلقون في الأوحال فيتلف الطعام.
كانت تتبعني مرأة شابة مع طفلها الصغير بشكل متواصل. وبعد كل مقابلة أجريتُها، تسألني بالعربية عن ملابس سميكة لطفلها. وأوضح مدير المخيم لها أن مهمتي تكمن في كتابة تقاريرعن الوضع في المخيم وليس في توزيع تبرعات. "لا تقدمي إليها أي شيء" قال لي المدير. ورغم أنني كنت شاكرة له، إلا أنني كنت في الوقت نفسه متحسرة جدا.
تعيش في أطمة 50 مرأة حامل تقريبا. وهن قلقات جدا لأنهن مجبرات على رعاية أطفالهن في هذا الصحراء من الأوحال والطقس البارد. وتعرفتُ في المخيم على مرأة في سن التاسعة والعشرين. والطفل الذي ستنجبه قريبا، سيكون طفلها الحادي عشر.
في أحد الأيام التي قضيتُها في مخيم أطمة، قام نجم تلفزيوني سوري مؤيد للثورة ضد الرئيس بشار الأسد بزيارة إلى سكانه للتحدث معهم وتشجيعهم ورفع معنوياتهم. واجتمعت مجموعة من الأطفال أمام سيارة مرت بالخيم. ورفع الأطفال شعار "حرروا سوريا". ومن المأمول أن يشهدوا سوريا حرة، وذلك في أسرع وقت ممكن.