"أحداث العيون ستكون لها تداعيات سلبية على محادثات الصحراء"
١٦ نوفمبر ٢٠١٠ما بين شد وجذب متصاعدين، يدافع المغرب عن اقتحام قواته الأمنية مخيم احتجاج أقامه نشطاء صحرايون في مدينة العيون كبرى حواضر الصحراء الغربية، ويتهم نشطاء صحراويين بارتكاب "ممارسات وحشية" منها قتل 11 من أفراد قوات الأمن، وذبح شرطي مغربي. وفي المقابل يقول نشطاء صحراويون إن الاحتجاجات كانت سلمية وركزت على مطالب اجتماعية مثل الوظائف والمساكن، ولم تكن متعلقا بأي قضايا سياسية، ومن جهتها جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية، تطالب تحقيق دولي في الأحداث وتتهم قوات الأمن المغربية بإرتكاب"جرائم ضد مدنيين عزل".
عبد الرحيم صابر، الناطق الرسمي السابق بإسم منظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية غير الحكومية والخبير الحقوقي في الأمم المتحدة، توقع في حوار مع دويتشه فيله، أن تكون تداعيات تلك الأحداث "سلبية للغاية "في المرحلة المقبلة. ولم يستبعد صابر إرجاء المفاوضات المقررة شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ليس بسبب أحداث العيون فقط، وإنما لأسباب أخرى تحدث عنها في الحوار التالي:
دويتشه فيليه : هناك الآن مطالب من جبهة البوليساريو وأطراف أخرى للقيام بتحقيق دولي في أحداث العيون الأخيرة، هل تعتقد أن الأمم المتحدة ستتجاوب مع هذا المطلب؟
عبد الرحيم صابر: لا أدري. كل ما أعرفه هو أن هناك منظمات حقوقية دولية توجد الآن في منطقة العيون بالصحراء الغربية، التي شهدت أحداث العنف الأخيرة. وتقوم هذه المنظمات الآن بتحريات ميدانية في المنطقة. وهنالك أيضا بعثة من طرف البرلمان المغربي ستتوجه إلى المدينة نفسها كبعثة تقصي حقائق، ومنظمات حقوقية مغربية، فضلا عن مؤسسات إعلامية مستقلة.
هناك روايتان متضاربتان للأحداث .. المغرب يتهم جبهة البوليساريو بإثارة هذه الأحداث في مدينة العيون لإجهاض المفاوضات المرتقبة.. والبوليساريو تتهم المغرب بارتكاب تجاوزات كبيرة في تلك الأحداث.. كيف سيؤثر ذلك على المفاوضات المقبلة بعد شهر من الآن؟
بكل تأكيد ستكون ردود الفعل سلبية للغاية، خاصة وأن ما وظف حتى الآن إعلاميا على الأقل، لا يخدم البحث عن الحقيقة. فقد أذاعت بعض وسائل الإعلام الإسبانية صورا لأحداث مأسوية وضحايا من قطاع غزة وصورا لجريمة أخرى وقعت في الدار البيضاء على أنها أحداثا وقعت في مدينة العيون. بالتأكيد كانت هناك مجموعة من الجرائم وقعت في مدينة العيون، ونقل التلفزيون المغربي صورا لجرحى من أفراد قوات الأمن. هناك بدون شك جرائم أخرى لنحو 11 من رجال الأمن في مدينة العيون. وهناك اعتقالات من طرف السلطات لمجموعة كبيرة من الصحراويين. لذلك يجب أن تكون هناك تحريات ميدانية من منظمات مجتمع مدني مغربية ودولية، لكن هذا التوظيف السيئ لما حصل في مدينة العيون لا يخدم لا الحقيقة ولا الإعلام.
وهل تتوقع أن المفاوضات المقررة الشهر المقبل معرضة الآن للإرجاء؟
إرجاء المحادثات بات احتمالا قويا جدا، ليس فقط لما حصل في العيون، بل هناك عدة أسباب. المشكلة ليست بين طرفين، هناك تداخلا لدول الجوار في قضية الصحراء، وهناك أطراف لا تريد إنهاء هذا الملف في الوقت الراهن. وللأسف الصراع لم ينضج بعد لإيجاد حل يكون فيه كل الأطراف رابحين.
وجهت مؤسسات إعلامية إسبانية وأوروبية انتقادات للمغرب بمنع صحافيين وشخصيات أخرى أجنبية من زيارة العيون .. ألا يثير ذلك شكوك منظمات حقوق الإنسان الدولية حول وقوع انتهاكات خطيرة؟
ما يمكنني قوله كخبير في منظمة دولية وكموظف سابق في منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن لدينا باحثين الآن في الصحراء ولم يمنعوا من دخول مدينة العيون. سمعنا عن منع بعض الصحافيين الإسبان. ولكن ما يقوله وزير الاتصال المغربي إن هؤلاء الصحفيين ليسوا بحياديين وأصبحوا يتناولون القضية من منظور سياسي وكأنهم جزء من الصراع بدلا من نقل الوقائع بموضوعية.
قلت إن هناك وفودا من منظمات دولية الآن في منطقة العيون.. في حال تأكيد وقوع تجاوزات من جانب السلطات المغربية.. هل تعتقد أن الأحداث الأخيرة في العيون ستؤثر سلبا على التأييد الذي حصل عليه مقترح المغرب بحكم ذاتي من دول أوروبية وأميركية؟
المهم هو البحث عن الحقيقة وإيجاد معطيات واقعية والبحث فيها فيما أدى لهذا الصراع في منطقة العيون.
ولكن قد يعيد ذلك الملف خطوة إلى الوراء أو إلى المربع صفر؟
لا أريد أن أتوقع ما سيكون عليه رد الفعل الأوروبي أو المجموعة الدولية لأنه ليست لدي أي معطيات حول حقيقة الأوضاع في مدينة العيون. وبالتالي فمن الصعب التكهن بموقف الاتحاد الأوروبي.
أجرت الحوار أميرة محمد
مراجعة: منصف السليمي