دي ميزير في الدول المغاربية بحثا عن "سوريين زائفين"
٢٩ فبراير ٢٠١٦ركزت مباحثات وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزيير مع نظيره المغربي محمد حصاد الأحد (28 فبراير/شباط 2016 ) على قضية المهاجرين المغاربة الذين رُفضت طلبات لجوئهم في ألمانيا. لقاء الوزيرين جرى داخل ناد للرياضة المائية بالعاصمة الرباط وتم التحضير له منذ أسابيع، وسبق للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن طرحت الموضوع في مكالمة هاتفية مع العاهل المغربي الملك محمد السادس.
موجة هجرة غريبة
أرقام كبيرة أصدرها مكتب شوؤن الهجرة في ألمانيا أثارت مطلع السنة قلق وزير الداخلية الألمانية. فبعدما سُجل خلال عام 2015 قدوم بضع مئات من المهاجرين المغاربة شهريا إلى ألمانيا، أحصت السلطات المعنية بين أكتوبر 2015 ويناير 2016 أكثر من 7.000 مهاجر. ْوشهدت ألمانيا وصول مهاجرين حتى من الجزائر ، وقد فاق عددهم ثلاث أو أربع مرات عددهم المسجل قبل عام. في الوقت نفسه يفتقر الوزير الألماني لأي مؤشر على توتر مفاجئ للوضع في تلك البلدان."الدول الثلاث حسب علمي تعد دولا آمنة"، كما أعلن الوزير دي ميزيير في مستهل زيارته عن موقف الحكومة الألمانية. وفيما يخص الأشخاص الذين قدموا "منذ مدة قصيرة بأعداد كبيرة إلينا"، يقول الوزير "ليس لهم أية فرصة في البقاء هنا".
ويشدد في ذلك على كلمة "أية" بشكل لا يدع مجالا للشك. ومن المفترض أن يكون العدد الحقيقي للمهاجرين من إفريقيا الشمالية أكبر بكثير، لأن الوزير الألماني إفترض أن كثير من الشباب القادمين من دول المغرب العربي دخلوا ألمانيا "كسوريين زائفين"، يعني أنهم انتحلوا جنسية سورية بدون أوراق ثبوتية. وحتى الجناة الذين شاركوا في أعمال التحرش الجنسي ضد نساء خلال ليلة رأس السنة في كولونيا قدموا أنفسهم على أنهم سوريين، لكن الجزء الأكبر منهم ينحدر من شمال إفريقيا.
ترحيل سريع وفعال
وتبقى فرص المواطنين من تونس والمغرب والجزائر للحصول على حق اللجوء في ألمانيا ضئيلة جدا. فنسبة الاعتراف بحق اللجوء عند التونسيين تصل إلى نحو 0.2 في المائة فقط، فيما تصل نسبة الاعتراف بالمغاربة إلى 3.7 في المائة. وفي كل الأحوال فإن 200.000 شخص في ألمانيا "يجب عليهم مغادرة البلاد"، بينهم الآف من بلدان المغرب العربي. وغالبا ما تفشل عملية الإبعاد بسبب موقف الدول المعنية باستقبال مواطنيها رغم أن ألمانيا لديها اتفاقيات مع المغرب والجزائر تضمن التكفل باستقبال الرعايا المرفوضة طلبات لجوئهم. وعليه فإن الوزير الألماني ينوي خلال جولته المغاربية طرح الأسباب، علما أنه "يوجد التزام قانوني لكل دولة باستعادة مواطنيها"، كما يقول دي ميزيير. وخلال مباحثاته يعتزم الوزير الألماني البحث مع وزراء داخلية ورؤساء حكومات عن سبل لإعادة المهاجرين الذين لا يحق لهم البقاء في ألمانيا. وقال الوزير دي ميزيير:"نحن مستعدون لتقديم المساعدة في عملية العودة، لكنها يجب أن تتم بشكل أسرع وأكثر فاعلية مما هو عليه الحال الآن".
وزير التنمية الألمانية كان هو الآخر موجودا في المنطقة
وحتىحين يعلن وزير الداخلية أنه لا يمكن "بالمعنى الضيق تصور تقديم خدمات وعروض مقابلة"، فإن ألمانيا ستقدم عروضا في تلك البلدان. وزير التنمية الألمانية غيرد مولر تناول بدوره خلال محادثاته موضوع الهجرة، وأبرز في الوقت نفسه الإمكانات الكبيرة المتاحة للتعاون المشترك التي سيكون من المؤسف عدم استنفادها. وزير الداخلية من جانبه أظهر بعض الاهتمام الذي قد يشكل أساسا جيدا لمحادثاته. ففي مجال محاربة الإرهاب مثلا تريد ألمانيا التعاون مع الدول المغاربية . دي ميزيير يعتزم تقوية التعاون مع المغرب والجزائر وتونس:"هي أيضا مهددة ونحن ندعمها في مكافحة الإرهاب".
في الدول الثلاث ستتمحور المحادثات حول الأمن والهجرة. وبعد محطة الرباط سيسافر الوزير دي ميزيير إلى الجزائر العاصمة وبعدها تونس.أما السؤال حول هل سيحضر الوزير دي ميزيير مرة أخرى مأدبة عشاء أمام منظر جميل كما كان في الرباط، فيبقى أمرا ليس حاسما بالنسبة إلى نجاح مهمته.