ممثل لليهود بالمغرب لـ DW: لم نُستشر في مشروع نصب الهولوكست
٢٨ أغسطس ٢٠١٩هدم السلطات المغربية لمشروع النصب التذكاري لضحايا الهولوكوست بإقليم الحوز جنوب المغرب طرح مجموعة من التساؤلات حول السبب الحقيقي وراء هذا الهدم، وأيضا حول طبيعة هذا المشروع وأهداف الجهة التي تقف وراءه.
تفاصيل القضية تعود إلى سبتمبر/أيلول من العام 2018 عندما بدأت منظمة ألمانية غير حكومية اسمها "بيكسل هيلبر" ببناء مشروع أول نصب تذكاري للمحرقة في شمال إفريقيا، في مكان يقع على بعد 26 كيلومترا من مراكش، في اتجاه مدينة ورزازات.
وكان أوليفي بينكوفسكي رئيس منظمة بيكسل هيلبر قال إن النصب التذكاري سيتكون من أكثر من 10 آلاف قطعة حجرية لتقريب الزوار من أهوال المحرقة. رئيس المنظمة الألمانية أكد أنّه "سيتمُّ عرض مقاطع فيديو وعروض مسرحية حية في هذا المشروع، حتى يفهم الناس في أذهانهم وحشية المحرقة".
لكن وبعد مرور قرابة عام على إطلاق هذا المشروع، أعطت السلطات المحلية (إقليم الحوز) أوامرها أول أمس الاثنين (26 أغسطس/ آب 2019) بهدم هذا المشروع. وأصدرت بيانا أوضحت فيه أن "الأنباء المتداولة بخصوص إقامة نصب تذكاري، على شكل لوحات فنية (...) لا أساس لها من الصحة"، مضيفة أن المصالح المختصة بهذا الإقليم لم تصدر أي ترخيص لإقامة أي مشروع من هذا القبيل. وتابع البيان "إقامة أي مشروع من هذا النوع تخضع للإجراءات القانونية وتستلزم الحصول على التراخيص الإدارية الجاري بها العمل."
"السلطات المغربية كانت على علم بالمشروع"
DW عربية حاولت التواصل مع رئيس جماعة قرية آيت فاسكا، التي أقيم المشروع على أرضها إلا أنه رفض تقديم أي معلومات إضافية بهذا الخصوص، مع العلم أن أعضاء مجلسه أصدروا بيانا أكدوا فيه أن الأمر يتعلق ببناء عشوائي غير مرخص له.
من جهته قال أولفر بينوفسكي إن السلطات المغربية والسفارات (الأجنبية بالمغرب) كانت على علم بالمشروع منذ البداية لكنها رفضت التعاون معه، كما أن رئيس الجماعة لم يوافق على أي من المواعيد التي تم اقتراحها، حسب بينوفسكي.
وأضاف رئيس منظمة بيكسل هيلبر في حوار مع DW "قائد المنطقة رفض إعطاءنا الرخصة للبناء ورفض استقبالي في العام الأول. السلطات في قرية آيت فاسكا عملت كل ما بوسعها من البداية لطردنا من المنطقة لكن سنبقى هناك. فنحن لدينا عقد كراء لثلاثة أعوام مع إمكانية الشراء".
أكثر من تذكار للهولوكوست
مشروع بينوفسكي في ضواحي مراكش لم يقتصر على بناء النصب التذكاري بل شمل أيضا مخبزا يتم من خلاله توزيع الخبز على فقراء القرية بالإضافة إلى مساعدات مختلفة لأطفال المنطقة؛ لكن ما أثار حفيظة سكان القرية هو تقديم صاحب المشروع نفسه على أنه ماسوني. ففي تصريح نقلته صّحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيليية قال بينوفسكي: "لأني ألماني ذو جذور بولندية وخلفية ماسونية، بدأت العمل على هذا المشروع، حتى أظهر للعالم ما قد يفعله الناس بالآخرين إذا خضعوا لمنطق الدكتاتورية، مثل ألمانيا النازية".
وقد عبر ناشطون في المجتمع المدني بالمنطقة عن خشيتهم بأن يكون هدف المنظمة الألمانية لا يقتصر على التذكير بالمحرقة اليهودية وإنما يمتد إلى نشر أفكار ومعتقدات أخرى بالمنطقة.
الطائفة اليهودية بالمغرب لا علم لها
وما عزز هذه الشكوك، هو تأكيد ممثل الطائفة اليهودية بمراكش جاكي كدوش بعدم وجود أي تنسيق بين ممثلي اليهود بالمغرب ومنظمة بيكسل هيلبر بخصوص هذا المشروع. وقال ركدوش لـ DW عربية إن "المشرف على هذا المشروع لم يتواصل معنا نحن ممثلي اليهود في المغرب ولم يخبرنا بشيء"، مضيفا "نحن لا نعلم نية هذا الشخص ولا المنظمة التي قامت بهذا المشروع".
كما أكد كدوش دعمه لقرار السلطات المغربية بهدم هذا البناء، موضحا ذلك بالقول "نحن في دولة القانون ولا يحق القيام بذلك دون استصدار ترخيص". وأشار إلى أنه لا يشك في حرص السلطات المغربية وعلى رأسها الملك محمد السادس على حماية تاريخ اليهود، باعتبار أن "المغرب البلد العربي الوحيد الذي يدرس أهوال المحرقة النازية في المقررات المدرسية".
ويبدو أن قصة مشروع نصب الهولوكوست لن تنتهي مع الهدم، بل إن صاحب المشروع أعلن أنه سيتقدم بدعوى في المغرب وفي ألمانيا وسيطالب فيها السلطات المغربية بـ 100 ألف يورو كتعويض عن الخسائر التي لحقته من هدم المشروع الذي بناه.
كما ذكر بينوفسكي في حوار مع DW أنه حصل اليوم على إذن بتمديد إقامته لعشر سنوات إضافية بالمغرب كمستثمر، وتعهد بتقديم طلب جديد للسماح له ببناء المشروع مرة أخرى.
ويشار إلى أن الملك محمد الخامس، جد ملك المغرب الحالي، كان قد حمى اليهود المغاربة من النازيين ورفض تسليمهم واعتبرهم جزءا لا يتجزأ من باقي المواطنين المغاربة، مثلما يؤكد عليه أيضا كدوش في حديثه لـ DW عربية.
هشام الدريوش