ملفات شائكة بانتظار برلين خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي
٢٧ ديسمبر ٢٠٠٦مع اقتراب تسلم ألمانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع العام القادم ارتفع سقف التوقعات من هذه الرئاسة التي تعد مهمة شاقة. وتبذل الحكومة الألمانية من قصارى جهدها للتقليل من حجم هذه التوقعات مدفوعة بأسباب مختلفة. فإلى جانب مجموعة كبيرة من القضايا الدولية الشائكة التي ينبغي على الاتحاد المساهمة في حلها، تواجه برلين مهمة شاقة تتمثل بإخراجه من السبات الذي دخل فيه بعدما رفض الفرنسيون والهولنديون مشروع الدستور الأوربي الجديد.
ويزيد مهمة برلين صعوبة دخول رومانيا وبلغاريا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي مطلع عام2007. وبذلك يصبح عدد دوله 27 ، ليس من السهل تنسيق مواقفها والحصول على إجماعها حول قضايا عديدة مثل الدستور الأوروبي واستراتيجية الطاقة والعلاقات مع روسيا.
إحياء مشروع الدستور الأوروبي في مقدمة التحديات
يحتل الدستور الأوروبي أولوية قصوى في الأجندة الألمانية، إذ تعهدت المستشارة انجيلا ميركل بإحياء مشروعه خلال الأشهر القادمة. ومن أجل قيامها بذلك لا بد لها من تحقيق التوازن بين مصالح الدول الثماني عشرة التي صدقت على مشروع الدستور، ومصالح الدول الأخرى المتحفظة عليه مثل بريطانيا وجمهورية التشيك وبولندا. ويهدف هذا المشروع إلى ضبط عملية صنع القرارات في الاتحاد الأوروبي بعد توسيعه. كما يُنظر إليه على أنه عنصر حيوي لضمان عمل الاتحاد بشكل سلس.
وسينصب الجهد الألماني على إعداد جدول عمل يتم من خلاله إتمام عملية التصديق على الدستور بحيث يبدأ العمل به قبل الانتخابات البرلمانية الأوروبية عام 2009. وفي هذا السياق تعهدت برلين بالحفاظ على جوهر الدستور الحالي رغم احتمال إخراج دستور مصغّر وطرحه للتصويت كالذي يدعو اليه نيكولا ساركوزي مرشح الرئاسة الفرنسي. وفي هذا الإطار قال كاتينكا باريش من مركز الإصلاح الأوروبي في لندن: " ربما يبدو الدستور المصغر كهزيمة بالنسبة للألمان، لكن إمكانية نجاحه واردة ما دمنا لا نطلق عليه كذلك".
برلين ستحاول تحريك عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط
ويحتل استئناف عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط أهمية كبيرة في أجندة الحكومة الألمانية خلال الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. وفي هذا الإطار تسعى برلين إلى تفعيل عمل اللجنة الرباعية التي تضم الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة. لكن الجهود المثيرة للجدل التي تبذلها برلين بهدف إشراك سوريا في العملية المذكورة فشلت، كما ان الاضطرابات المستمرة في لبنان والصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين إضافة إلى الفلتان الأمني في العراق تلقي بظلالها على هذه المنطقة المضطربة.
اتفاقية تعاون مع روسيا لم تعد على سلم الأولويات
على صعيد العلاقات مع روسيا لم تعد مهمة التوصل إلى اتفاقية تعاون جديدة بين الاتحاد الأوروبي وموسكو على سلم الأولويات كما يبدو. وقد أفشلت وارسو بدء المحادثات بهذا الخصوص، لأنها تريد من روسيا إنهاء حظرها على واردات اللحوم البولندية قبل ذلك. كما أن سياسة التقارب بين دول أوروبا الغربية ودول أوروبا الشرقية/ اوست بوليتيك أخذت تتراجع في وقت ازادت فيه المخاوف من سياسة الكرملين على ضوء جريمة مقتل صحفية روسية وضابط سابق في جهاز المخابرات السوفيتي سابقا/ كيه.جه.بي، وكلاهما من المنتقدين لنظام الرئيس بوتين في ظروف غامضة.
وقال الكسندر رار من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية في برلين إن هذه القضية لم تعد من الاولويات، والحكومة تنأى بنفسها عن سياسة التقارب. وبدلا من ذلك ربما تركز ألمانيا على سياسة الطاقة والتغير المناخي. ومن المتوقع أن تقدم المفوضية الأوروبية اقتراحات حول خطة خاصة بالطاقة. وبهذا الخصوص ستقود المانيا محادثات تهدف الى وضع الخطة خلال قمة أوروبية تعقد في بروكسل خلال مارس/ آذار القادم. ومما يجعل وضعها صعباً اعتماد أوروبا الشديد على الطاقة الروسية والانقسامات الموجودة داخل الائتلاف الحاكم في برلين حول مستقبل الطاقة النووية.
استقلا كوسوفو ومفاوضات انضمام تركيا من القضايا الأخرى المهمة
غير أن مهام ألمانيا خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي لا تتوقف عند العلاقة مع روسيا. ففي أوائل عام 2007 ربما تواجه مهمة صعبة تتمثل في التوصل الى توافق في الآراء حول قضية استقلال كوسوفو عن صربيا. ويدعم هذه المهمة غالبية دول الاتحاد الأوروبي، في حين ترفضها روسيا.
ومن بين القضايا الأخرى التي تفرض نفسها على جدول الأعمال الألماني قضية الملف النووي الإيراني وسعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأشار مسؤولون ألمان خلال الأسابيع الاخيرة إلى أن أزمات غير متوقعة قد تظهر. تجدر الإشارة هنا إلى أن فنلندا والنمسا التي تولت كل منهما رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر في 2006 أمضتا جزءا كبيرا من رئاستيهما في التعامل مع حرب لبنان والخلاف على الغاز الطبيعي بين روسيا وأوكرانيا.
وهكذا فإن قضايا شائكة وملفات مؤجلة في انتظار الرئاسة الدورية الألمانية للاتحاد الأوروبي، الأمر الذي قد يحد من قدرة برلين على الحركة بسبب غياب القواسم المشتركة بين أعضاء الاتحاد حول هذه القضايا. غير أن العملاق الاقتصادي الألماني قد يستطيع رغم ذلك دفع عجلة الاتحاد الأوروبي إلى الأمام وإضفاء نوع من الديناميكية على مؤسساته إذا ما ساعدته العوامل الداخلية والخارجية على ذلك.
دويتشه فيله+ وكالات (هـ. ع)