عملية تل أبيب تخلط الاوراق في المنطقة وتأخذ أبعادا اقليمية خطيرة
جاء اعلان سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي، ليقطع الشك باليقين، فقد اكدت السرايا في بيان رسمي نشر على موقع حركة الجهاد على شبكة الانترنت اليوم الاحد مسؤوليتها عن العملية الانتحارية التي اسفرت عن مقتل اربعة اسرائيليين وجرح 53 اخرين مساء الجمعة في تل ابيب. ووزع السبت في مدينة طولكرم في شمال الضفة الغربية، شريط فيديو يظهر فيه منفذ العملية الانتحارية عبد الله بدران (21 عاما) وهو من قرية دير الغصون قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية. وقد جاء هذا البيان عقب معلومات متناقضة عن هوية الجهة التي تقف وراءها. محمد الهندي المتحدث باسم الحركة في قطاع غزة كان قد صرح بأن الحركة ليس لها علم بهوية المنفذين وانها ملتزمة بالتهدئه المتفق عليها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهذا ما عزا بجهات رسمية في السلطة الفلسطينية الى توجيه أصابع الاتهام الى طرف ثالث له مصلحة في تخريب الاتفاق على وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في شرم الشيخ بين السلطة واسرائيل في بداية الشهر الحالي. الحكومة الاسرائيلية بدورها اتهمت حزب الله الشيعي اللبناني وسوريا بالهجوم، الامر الذي أنبا بتداعيات خطيرة للعملية على الساحة الاقليمية برمتها. ويظهر التناقض الواضح بين تصريحات الجهاز السياسي والجهاز العسكري لحركة الجهاد ضعف التنسيق وعدم قدرة القيادة السياسية للحركة على التأثير على قرارات المجموعات المسلحة التابعة لها، الامر الذي من شأنه ان يضعف من مصداقية الاتفاقات التي تتوصل لها السلطة مع المنظمات الاسلامية المعارضة لعملية السلام في الشرق الاوسط، وهذا بدوره يعطي ذريعة لاسرائيل بعدم الالتزام باية هدنة موقعة بين السلطة وهذه المنظمات.
اتهام سوريا بالعملية
نفت سوريا ان تكون ضالعة في العملية التي نفذها انتحاري من حركة الجهاد الاسلامي، كما نفت انها تؤوي هذه الحركة الفلسطينية المتشددة في دمشق. وقال وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز مساء السبت خلال اجتماع مع المسؤولين الامنيين في مقر هيئة الاركان في تل ابيب "لدينا ادلة تظهر ارتباط سوريا المباشر بهذا الاعتداء". هم سوريا بـ "برعاية المنظمات الارهابية وحثِها على تنفيذ اعتداءات، الامر الذي يعرض العملية مع الفلسطينيين والاستقرار الاقليمي للخطر." وشدد نائب وزير الدفاع زئيف بويم من جهته اليوم الاحد على اهمية التركيز على خيار ممارسة الضغوط الدبلوماسية على سوريا نظرا للظروف الدولية الراهنة. وقال للصحافيين ان تنفيذ "علميات (عسكرية) امر ممكن. وقد حصلت في الماضي، وعلى اسرائيل ان تحتفظ بهذا الخيار. لكن الرد الاسرائيلي يجب ان يأخذ في الاعتبار ان سوريا موضوعة في الاساس في قفص الاتهامات من قبل دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا" بسبب دورها في لبنان. والمح بوضوح الى ان اسرائيل يجب ان تركز على التحرك الدبلوماسي. وكذلك اتهم المسؤول الثاني في الحكومة شيمون بيريز سوريا "بالضلوع المباشر او غير المباشر" في عملية تل ابيب مشددا على ضرورة الا تقوم اسرائيل باي تحرك من شأنه ان يثير استياء الولايات المتحدة. وحثت واشنطن السبت الفلسطينيين على القيام بتحرك "فوري" لتحديد المسؤولين عن العملية الانتحارية.
شارون: لا تقدم في عملية السلام الا اذا حاربت السلطة الفلسطينية المسلحين
من جهته قال رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون اليوم الاحد انه لا يمكن تحقيق تقدم في عملية السلام في الشرق الاوسط الا اذا قامت السلطة الفلسطينية بمحاربة الجماعات الفلسطينية المسلحة بشكل فعال. وصرح شارون في بداية اجتماع الحكومة الاسبوعي "لن يحدث اي تقدم سياسي اذا لم تحارب السلطة الفلسطينية الارهاب". وهذا اول رد فعل لشارون على الهجوم الانتحاري، وهو اول هجوم منذ اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقفا لاطلاق النار في قمة عقدها مع شارون في شرم الشيخ في الثامن من شباط/فبراير. وحذر شارون، الذي اعلن ايضا وقف العمليات العسكرية الاسرائيلية في قمة شرم الشيخ، من ان "ضبط النفس" لن يستمر الا اذا قامت حكومة عباس بالتحرك ضد جماعات مثل حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والجهاد الاسلامي. وقال شارون ان "اسرائيل اظهرت ضبط النفس اخيرا للسماح بحدوث مثل ذلك التقدم ولكن من الواضح انه بدون قيام السلطة الفلسطينية بعمل فعال ضد الارهاب، فان اسرائيل ستضطر الى تكثيف عملها العسكري". واكد نائب وزير الدفاع زئيف بويم اليوم الاحد ان اسرائيل تعتبر ان حركة الجهاد الاسلامي انتهكت وقف اطلاق النار وبالتالي فان الجيش الاسرائيلي سيستهدفها. وصرح زئيف للاذاعة العامة ان عباس "لا يقوم بالتحرك الكافي لمواجهة الجهاد الاسلامي، ولذلك فعلينا ان نتولى امر تلك المنظمة بانفسنا".
السلطة في وضع حرج
أحدثت هذه العملية ارباكا واضحا في القيادة الفلسطينية انعكس في تصريحات بعض مسؤوليها الذين سارعوا الى اتهام طرف ثالث دون أن يكون هناك معلومات مؤكدة لديهم. العمليه كان لها صدى سلبي في الشارع الفلسطيني هذه المرة، وذلك لأن الفلسطينيين بدأوا يرون بعض التحسن فيما يتعلق بتوقف الغارات الاسرائيلية واطلاق سراح 500 سجين فلسطيني وتخفيف القيود على العمال والمسافرين الذين يعبرون الى اسرائيل. كما أن حالة الفوضى وعدم قدرة السلطة على ضبط الامور من شأنه أن يعزز الموقف الاسرائيلي القائل بأن الفلسطينيين غير مستعدين بعد لمسألة قيام الدولة في أي مباحثات مستقبلية لانهاء النزاع الفلسطيني الاسرائيلي