زيادة الضغوط على الممتنعين عن الاندماج في المجتمع الألماني
١٨ أكتوبر ٢٠١٠في خضم النقاش الدائر منذ مدة حول الهجرة والاندماج في ألمانيا، ووضع الأتراك والعرب فيها، قرّرت الحكومة رفع وتيرة ضغوطها على الممتنعين عن الاندماج في المجتمع الألماني. وقال الناطق باسم الحكومة شتيفان زايفرت في مؤتمر صحافي في برلين اليوم الاثنين (2010/10/18) إن الحكومة الألمانية ستبحث في اجتماعها الدوري الذي ستعقده يوم الأربعاء في اتخاذ تدابير جديدة تتعلق بموضوعي الإقامة والهجرة، والسعي إلى تطبيق التزامات الاندماج التي تفترض المشاركة في دورات تعلم اللغة، ومكافحة التزويج القسري للفتيات، والزواج الصوري وغير ذلك من الأمور.
ورأى زايبرت أن الحكومة تطرح هذه الأمور الملموسة المتعلقة بالأجانب والمهاجرين ضمن مفهوم دعمهم من جهة، ومطالبتهم بتحقيق التزاماتهم من جهة أخرى، مضيفا أن "من واجب الدولة عرض النواقص في عملية الاندماج وطرح الحلول لها دون ترك انطباع بأن احدا ما يريد تعريض ملايين المندمجين في المجتمع الألماني إلى التمييز".
تساؤلات حول مقولة "موت تعدد الثقافات"
وعما تقصده المستشارة أنغيلا ميركل من نعيها لمجتمع "متعدد الثقافات" في ألمانيا في الكلمة التي ألقتها في نهاية الأسبوع في مؤتمر منظمة الشباب المسيحي التابعة لحزبها الديمقراطي المسيحي، وهي مقولة رفع لواءها اليسار الألماني عموما، وحزب الخضر خصوصا ابتداء من ثمانيات القرن الماضي، اعترف الناطق الرسمي بأن للمقولة تعريفات عدة. وقال إن المقولة تحمل في رأيه مفهوم ترك الأجانب في ألمانيا يعيشون حسب عاداتهم وثقافاتهم وعدم وضع الاندماج أمامهم كمهمة أولية، "كما أن أحدا لم يطالبهم بتعلم اللغة والاطلاع على قيم المجتمع الألماني وثقافته والاعتراف بدستوره وقوانينه". وتابع أنه يعتقد أن هذا ما أرادت المستشارة ميركل قوله، أي "أننا نعيش بسرور مع مئات آلاف، بل ومع ملايين الناس المندمجين معنا ولهم جذور أجنبية، ولكن المرء يلمس منذ سنوات أن اندماج قسم من الأجانب لم يحصل بسبب رفضه ذلك، ولذا على مجتمعنا أن يتحرك في مواجهة هذا الأمر".
ولا بد من الإشارة إلى أن الجدل الدائر حاليا حول نواقص الاندماج أطلقت شراراته الجديدة مع كتاب "ألمانيا تلغي نفسها" الذي أصدره المصرفي السابق تيلو زارتسين أخيرا ووضع مسؤولية التراجع العلمي ونسب الذكاء في المجتمع الألماني على عاتق الأتراك والعرب الذين اتهمهم بالكسل والعيش على حساب الدولة الألمانية وعدم المساهمة في الإنتاج القومي. ونقل رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا المشارك في الحكومة الاتحادية هورست زيهوفر عن زاراتسين هذه الفكرة رافضا فتح باب الهجرة أمام الأتراك والعرب والمسلمين عموما أو السماح لأصحاب الكفاءات منهم بالمجيء إلى ألمانيا للعمل فيها، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات السياسية والمدنية ضده مع توجيه الاتهام له بخدمة توجهات اليمين المتطرف في البلاد.
أسباب النظرة السلبية إلى الإسلام
وتساءل الباحث في الإسلام نافيد كرماني، وهو ألماني إيراني الأصل ينتمي إلى حزب الخضر، عن أسباب النظرة السلبية إلى قيم الإسلام فقال إن الألمان يرون أن الإسلام يهدد هويتهم، والهوية تبنى من خلال وضع حدود مع مجموعة أخري تتمايز عنها. وأضاف أن هذا الأمر "طبيعي، لكنه يصبح مشكلة عندما يصبح الآخر في مرتبة عدو". واعتبر أن الحجاب والبرقع هما أكثر ما يثيران الحذر لدى الألمان وغيرهم الذين يتساءلون عما إذا كانت المرأة المسلمة مضطهدة. ويعتقد الباحث السياسي كلاوس ليغيفي أن النقاش الدائر حاليا حول الإسلام "سطحي جدا لأن الكثيرين يعرفون القليل عن المسلمين الأصوليين والمسلمين العاديين". وأعرب كذلك عن استغرابه من انعدام التمايز لدى الأوروبيين إزاء المسلمين رغم أسفارهم الكثيرة إلى الخارج وتعاطيهم مع ظواهر العالم وثقافات مجتمعاته.
جدل حول مقاييس جلب المهارات من الخارج
ولمس النقاش حول الهجرة مظهرا آخر يتمثل في حاجة الاقتصاد الألماني إلى عدة مئات الآلاف من اليد العاملة المهنية الماهرة حيث عادت المستشارة ميركل وحليفها المسيحي الآخر زيهوفر إلى رفض فتح باب الهجرة، خصوصا أمام المسلمين، وسط غضب رجال الأعمال والشركات الذين حذروا من أن الانتعاش الاقتصادي سيصاب بنكسة إذا وضعت الحكومة عراقيل جديدة. وأيد ثلاثة وزراء على الأقل من حزب المستشارة فتح باب الهجرة هم وزراء الداخلية والعمل والتربية إضافة إلى وزراء الحزب الليبرالي الثلاثة وبينهم وزير الاقتصاد راينر برودرله. وأمام ذلك اتفق التحالف الحكومي الثلاثي على الاجتماع في من18 الشهر المقبل في برلين للوصول إلى حلول وسط للمسائل العالقة ووضع تصور مشترك، خاصة وأن الجميع يعترف بوجود نقص كبير في اليد العاملة المؤهلة والأكاديميين.
اسكندر الديك
مراجعة: حسن زنيند