احتدام النقاش حول موت التعددية الثقافية في المانيا
١٧ أكتوبر ٢٠١٠ازدادت وتيرة النقاش في ألمانيا، خصوصا بين السياسيين، حول مشكلة اندماج الأجانب من أصول تركية وعربية في المجتمع الألماني. ووصل النقاش ذروته بعد اعتراف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بفشل مشروع التعددية الثقافية في البلاد أو ما وصف بإعلان "موته". وكان حليف ميركل، رئيس وزراء ولاية بافاريا هورست زيهوفر، قد تعرض لانتقادات شديدة بسبب تصريحات له طالب فيها بعدم فتح أبواب ألمانيا أمام المهاجرين العرب والأتراك.
ومن جانبه حذر رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الخضر المعارض في البرلمان الألماني "البوندستاغ" يورغن تريتين، في تصريح إلى صحيفة بيلد أم زونتاج، من تصريحات زيهوفر وإعلان فشل التعددية الثقافية. وأضاف تريتين بأن كلام زعيم حزب سياسي ديمقراطي كالسيد زيهوفر يعطي التوجهات اليمينية المعادية للأجانب في ألمانيا "قوة أكبر ويمنحها شرعية". كما حذر عمدة برلين، القيادي البارز في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، كلاوس فوفرايت، مما وصفه بـ"تسميم المجتمع بمثل تلك الأفكار".
أصوات من داخل الحزب الحاكم
أما من داخل حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، فقد دعت وزيرة التعليم آنيتا شافان إلى مزيد من الهدوء في النقاش الدائر حول اندماج الأجانب. وأضافت الوزيرة قائلة "يجب أن لا يقلق أحد حول موضوع الهجرة، فألمانيا بلد يستقبل المهاجرين منذ مدة طويلة ولن يتوقف".
من جهتها رأت وزيرة العمل أورزولا فون دير لاين في الهجرة عاملا اقتصادياً مهماً، حين دعت إلى تسهيل هجرة العمالة المحترفة إلى ألمانيا، ورفع الحواجز التي تعيق عملهم؛ فالاقتصاد الألماني وخاصة الشركات المتوسطة الحجم "بحاجة إلى عمال مهرة من الخارج". وأيدها بهذا الرأي رئيس رابطة أرباب العمل، ديتر هوندت، الذي أكد على انه يجب تخفيف شروط الهجرة إلى داخل ألمانيا للخبراء والمهرة.
وفي مقابلة مع مجلة "فوكوس" الأسبوعية طرحت وزيرة شؤون الأسرة في ألمانيا كريستيانا شرودر موضوعا آخر، حينم طالبت بإجراء مناقشات صريحة حول من وصفتهم بالـ"عنصريين من المسلمين، خاصة في ظل وجود تيارات إسلامية تعزز مبدأ التفوق الإسلامي تجاه غير المسلمين". وأضافت الوزيرة أن مثل هذا التوجه يهدد التعايش السلمي في ألمانيا ويتطلب إجراء مناقشات مفتوحة تتسم بالصراحة والوضوح.
الكنيسة الألمانية مع الاندماج
من جانب آخر حث الكاردينال يواخيم مايسنر رئيس أساقفة مدينة كولونيا المهاجرين المسلمين على الاندماج في المجتمع الألماني. و في عبارات تشبه تلك التي قالها الرئيس الألماني كريستيان فولف خلال كلمته بمناسبة مرور 20 عاما على الوحدة الألمانية، قال مايسنر في حديث لصحيفة "باساور نويه بريسه" الألمانية "إن المسلمين في ألمانيا جزء من مجتمعنا وعليهم العيش معنا فهم ينتمون إلينا". وأضاف الكاردينال بأنه "عندما يأتي صاحب الثقافة الأجنبية إلى بلد فإن أمامه فرصة الدخول إلى ثقافة هذا البلد والتعرف عليها مع تمسكه بجذوره بالشكل الذي يجعله ينخرط في الحياة الثقافية ولا يظل واقفا أمام الباب".
وفي الوقت نفسه طالب مايسنر بإجراء مناقشة صريحة وحرة حول عناصر الثقافات الأجنبية التي لا تتفق مع الثقافة الألمانية. وأشار الكاردينال إلى ما ذكره الرئيس الألماني فولف في كلمته عندما قال :"نحن جميعا في هذه الدولة نقف معا على أرضية دستورنا فهو أساس قيمنا وقانوننا" ومن بين أساسياته كرامة الإنسان وحرية الأديان.
أما داعية حقوق الإنسان في ألمانيا الشرقية السابقة والمرشح السابق لمنصب الرئاسة الألمانية، يواخيم كاوك ، فقد دعا، في تصريح له لصحيفة "فيستفالن بلات" الصادرة في بيليفيلد، إلى ذكر أمثلة جيدة للاندماج في صلب النقاش الدائر حالياً. وأضاف كاوك " لو استطعنا أن نبعد عنصر الخوف من النقاش الدائر لتمكنا من تحقيق الكثير".
من جهتها أشادت ماريا بومر مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الاندماج بدعوة الرئيس التركي عبد الله غول لمواطني بلاده المقيمين في ألمانيا إلى الاندماج في المجتمع الألماني. وقالت بومر إن دعوة غول مواطنيه في ألمانيا إلى تعلم اللغة الألمانية والتحدث بها بطلاقة تعد بمثابة "إشارة هامة ومشجعة". ورأت بومر أن المشاركة والانخراط في المجتمع الألماني ممكنة فقط عبر إجادة اللغة الألمانية.
( ع خ / د ب ا / أ ف ب )
مراجعة: أحمد حسو