توقعات بتجاوز أسعار النفط 100 دولار للبرميل.. والأسباب؟
٢٦ يناير ٢٠٢٢تتأرجح أسعار النفط حول 90 دولار أي ما يعادل 79 يورو للبرميل ما يمثل تكرارا لسيناريو عام 2014 جراء الطلب المتزايد وتقليل المخاوف بشأن قوة واستمرارية التأثير الاقتصادي لمتحور أوميكرون من فيروس كورونا.
وخلال الأسبوع الماضي، اخترق سعر خام برنت خلال تعاملات الأربعاء حاجز الـ 88 دولارا للبرميل لأول مرة منذ سبعة أعوام ما يمثل أيضا زيارة تقدر بأكثر من الربع عن الأسعار التي تم تسجيلها بعد ظهور متحور كوفيد الجديد، فيما اقترب سعر خام غرب تكساس الوسيط من عتبة الـ 86 دولارا للبرميل.
وإزاء ذلك، رفع المحللون وخبراء بنك الاستثمار الأمريكي غولدمان ساكس توقعاتهم لأسعار النفط بأن تخترق حاجز المائة دولار للبرميل العام الجاري ما يربك سياسات مكافحة معدلات التضخم المرتفعة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في كبرى الاقتصادات خاصة في الولايات المتحدة وألمانيا.
وفي مقابلة مع DW، قال إدوارد مويا- كبير محللي السوق في شركة أواندا - "يستعد قطاع الطاقة خاصة التجار لوصول أسعار النفط إلى مائة دولار للبرميل إذ يبدو أن الطلب على النفط الخام يعود إلى مساره الصحيح لمستويات ما قبل وباء كورونا فيما يرجح ألا تشهد الإمدادات انفراجا حتى نهاية العام."
ويرى الخبراء أن هناك خمسة أسباب رئيسية وراء التوقعات بتجاوز أسعار النفط مائة دولار للبرميل وهي:
ارتفاع الطلب على النفط
يشهد العالم ارتفاعا في الطلب على النفط رغم ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في مختلف أنحاء المعمورة، بيد أن دلائل أن متحور أوميكرون لن يمثل عائقا كبيرا أججت الطلب على النفط كما كان يُخشى في البداية.
فرغم أن حركة السفر والمطارات لم تصل بعد إلى مستويات ما قبل وباء كورونا، لكنها نجحت في الصمود بشكل كبير أمام تفشي متحور أوميكرون حتى الآن وهو الأمر الذي زاد في الطلب على وقود الطائرات في أوروبا فيما كانت زيادة أسعار الديزل مدفوعة أيضا بزيادة الطلب على زيوت التدفئة وسط ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي ووقود النقل وغيرها.
وفي هذا السياق، يقول خبراء غولدن ساكس إنه يبدو أن تأثير متحور أوميكرون على حركة السفر والنقل لم يشبه تأثير سلالة دلتا المتحورة خارج الصين حتى الآن، لذا يتوقع أن واردات النفط التي بلغت عند 0.7 مليون برميل يوميا في يناير/ كانون الثاني سوف تتبدد بحلول مارس / آذار المقبل".
كذلك يتوقع أن يزداد الطلب على الوقود الأحفوري فقط خلال العطلة الصيفية في بلدان نصف الكرة الشمالي مع بدء موسم الإجازات.
عوائق أمام زيادة المعروض
أدت الانقطاعات المفاجئة في إمدادات النفط في ليبيا وكازاخستان والإكوادور إلى تقليل معدل المعروض حاليا من النفط والغاز، إلا أنه بشكل عام فإن أزمة قلة المعروض وزيادة الإمدادات لن يتحسن في أي وقت قريب.
ويعكف تحالف "أوبك بلس" المؤلف من أعضاء منظمة "أوبك" وحلفائها بقيادة روسيا بشكل تدريجي على تقليص تخفيضات الإنتاج القياسية التي جرى التوافق عليها عام 2020 لمواجهة تهاوي الطلب بفعل الجائحة.
وفيما يعمل التحالف على زيادة الإنتاج الشهري المستهدف بمقدار 400 ألف برميل يوميا، فإن الزيادة الفعلية في الإنتاج لم يتم الوفاء بها حيث لا يزال منتجو النفط في روسيا التي تعد ثاني أكبر منتج في تحالف "أوبك بلس" ونيجيريا يعانون من نقص الاستثمارات فضلا عن القضايا المتعلقة بالتشغيل.
ومن شأن هذا الأمر أن تصبح الدول ذات الوزن الثقيل في منظمة أوبك لا سيما السعودية والإمارات والعراق الوحيدة القادرة على زيادة الإنتاج في غضون فترة قصيرة بسبب توافر الاحتياطيات النفطية.
بيد أن الخبراء يؤكدون على أن القدرات الاحتياطية وصلت عند أدنى مستوى لها منذ سنوات بالإضافة إلى أنها ليست كافية لتعزيز الثقة بين المتداولين حتى يمكن أن تمتص أي صدمات قد تنجم عن تعطل في الإمدادات النفطية خاصة عندما تنخفض مخزونات النفط العالمية إلى ما دون مستويات ما قبل وباء كورونا مع استمرار الانكماش.
التوتر بين روسيا وأوكرانيا
يضاف إلى أسباب توقعات الخبراء بتجاوز أسعار النفط حاجز المائة دولار للبرميل التوترات السياسية في أنحاء العالم لا سيما تصاعد التوتر بين روسيا من جهة والولايات المتحدة والدول الأوروبية من جهة أخرى بسبب الوضع في شرق أوكرانيا.
وتشكل هذه الأزمة – خاصة في حالة إقدام روسيا على غزو أوكرانيا - خطرا كبيرا على أسواق النفط.
وفي ذلك، قال لاوديو جاليمبيرتي - نائب رئيس التحليل الأول في شركة "ريستاد إنرجي" الاستشارية - "نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير ويستأثر قطاع النفط بشكل غير مباشر نظرا للتحول من الغاز إلى النفط في توليد الطاقة".
وفي مقابلة مع DW، أضاف "أن التأثير المباشر على منشآت إنتاج النفط في سيبيريا سيكون أمرا مستبعدا ".
التوتر في الشرق الأوسط
ولا يقتصر الأمر على التوتر في شرق أوكرانيا بل يشمل ذلك الأزمات السياسية التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط خاصة أن أسواق النفط حساسة بشكل خاص التوترات الجيوسياسية.
وعلى وقع ذلك، إذا استمر الوضع السياسي المتدهور في كازاخستان وليبيا – وهما بلدان من أكبر منتجي النفط في العالم – فإن أسعار النفط سوف تزداد.
كذلك فإن إمدادات النفط الكبيرة من منطقة الشرق الأوسط قد تكون عرضة للخطر في حالة تصاعد التوتر بين السعودية وإيران عقب هجمات بطائرات مسيرة شنتها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران والتي استهدفت الإمارات.
وفي هذا السياق، أوضح إدوارد مويا- كبير محللي السوق في شركة أواندا – أن "التوترات الجيوسياسية تشبه ورقة الجوكر بالنسبة لأسعار النفط الخام إذ من المرجح أن تكون الحافز الأساسي ارتفاع الأسعار تتجه نحو الأعلى".
سحر وول ستريت
قال المحلل الاقتصادي خافيير بلاس في وكالة بلومبرغ إنه بمجرد اختراق أسعار النفط حاجز التسعين دولارا للبرميل، فإن هذا سيترتب عليه تحمس المتداولين في وول ستريت الذين سيرفعون أسعار النفط في نهاية المطاف إلى أكثر من 100 دولار للبرميل.
وأضاف بلاس في مقال "تدفع القضايا المتعلقة بقاعدة العرض والطلب أسعار النفط مثل خطط إنتاج "أوبك بلس" والقضايا المتعلقة بسوق والتنقل بالسيارات في أمريكا التي تعد الأكثر أهمية ..هذا هو الوقت الذي تظهر فيه القوة السحرية لوول ستريت بمعنى ارتفاع أو انخفاض الأسعار متخطية المقومات الأساسية المادية. ويبدو أن سوق النفط على أعتاب أن يشهد مثل هذه اللحظات".
وأضاف المحلل الاقتصادي أن هناك اهتماما بالقوة الشرائية من قبل تجار النفط الذين أنشأوا محفاظ قوية من عقود خيارات الشراء ما يمنحهم الحق في شراء النفط بسعر وتاريخ محددين عندما انخفض الطلب على النفط وأسعاره أثناء وباء كورونا.
وأرجع تجاوز أسعار النفط مائة دولار للبرميل إلى مثل أمور متعلقة بعقود الشراء، مضيفا "المستثمرون في صناديق التحوط وغيرهم من كبار المستثمرين ينتظرون للحصول على جائزة أكبر بكثير تتمثل في صعود أسعار النفط إلى مستويات كبيرة ما يمكنهم من تفعيل عقود خيارات الشراء بالكامل والتمتع بحق شراء النفط الخام بسعر منخفض عن سعره السوقي".
----
أشوتاش باندي / م ع