المرحلة الحاسمة من الانتخابات اللبنانية في غياب برامج انتخابية
توجه الناخبون اللبنانيون في محافظة جبل لبنان والبقاع الشرقي إلى صناديق الاقتراع في إطار المرحلة الثالثة والأكثر أهمية من الانتخابات البرلمانية اللبنانية. وتعد انتخابات اليوم الأكثر سخونة لأن الكتلة النيابية التي تنتج عنها هي أكبر كتل البرلمان اللبناني، إذ يبلغ عدد أعضاء نواب الجبل لوحده 35 نائباً من أصل 128 يشكلون مجمل مقاعد البرلمان المذكور. وتدور أشرس المعارك الانتخابية بين الزعيم المسيحي الجنرال ميشيل عون والزعيم الدرزي وليد جنبلاط في دائرة بعبدا- عالية ذات التنوع الطائفي.
ميقاتي: هناك مهام ليست سهلة
أعرب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قبيل بدء الانتخابات عن رضاه على سيرها حتى الآن. ووجه ميقاتي شكره إلى الشعب اللبناني الذي مارس حقه في التعبير عن رأيه دون حوادث تذكر. كما حدد في مقابلة مع تلفزيون دويتشه فيله أهداف المرحلة المقبلة بتعزيز خطى الإصلاح وتنظيم العلاقة مع سورية وإعادة دور لبنان في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف في هذا السياق أن مواجهة تحديات هذه المرحلة "ليس بالأمر السهل ولكنه ليس بالأمر الصعب على اللبنانيين". وفيما يتعلق بالتحقيق في الاغتيالات أكد حرص حكومته على التعاون مع المجتمع الدولي للكشف عن الجناة وفي مقدمتهم القتلة الذين اغتالوا رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. كما تحدث ميقاتي في المقابلة التلفزيونية المرفقة بهذا المقال عن الموقف من نزع سلاح حزب الله وأولويات الحكومة المقبلة إضافة لقضايا أخرى.
توقع فوز قوى المعارضة
يبلغ مجموع المقاعد التي يتم التنافس عليها اليوم 58 مقعداً برلمانيا تمثل مليون وربع المليون ناخب. ويتوقع المراقبون فوز القوى المعارضة لسورية بزعامة شخصيات مثل وليد جنبلاط الذي يدعمه تيار المستقبل بزعامة سعد الدين رفيق الحريري. يجدر ذكره قائمة الأخير فازت بمقاعد بيروت في المرحلة الأولى من الانتخابات قبل أقل من شهر. أما الجنرال عون فيحاول الفوز بلائحته في دائرتي كسروان وجبيل إضافة إلى مواجهة تحالف جنبلاط في دائرة عالية- بعبدا عن طريق التحالف مع الأمير طلال أرسلان وهو زعيم تقليدي درزي يُعد من الموالين لسورية. غير أن الاستطلاعات الأولية تفيد أن فرصته في الدائرة الأخيرة ضئيلة، فحسب هذه الاستطلاعات يفضل العدد الأكبر من الناخبين القوى المعارضة له. وقد بلغت نسبة الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع ممن يحق لهم الانتخاب حتى ساعات الظهيرة بين 20 بالمئة في البقاع و 35 بالمئة في الجبل.
غياب البرامج الانتخابية
تثير الانتخابات اللبنانية العجب والاستغراب بسبب التحالفات التي لم تكن لتخطر على بال قبل أسابيع. فقد خلطت هذه التحالفات الأوراق وأدت إلى خوض أعداء الأمس انتخابات اليوم في لوائح مشتركة. وعلى سبيل المثال فقد تحالف ميشيل عون وهو من أشد المعارضين لسورية مع الأمير طلال أرسلان المحسوب على السوريين. كما تحالف جنبلاط وهو أيضاً على راس قائمة المعارضين لدمشق مع حركة أمل وحزب الله مع أنهما من حلفاء سورية. ويتوج هذا الخلط غياب برامج انتخابية لمواجهة المشاكل السياسية والاقتصادية التي تواجه لبنان بعد الانتخابات البرلمانية. وبدلاً من ذلك برزت مطالب متفرقة مثل مطالبة ميشيل عون بمحاربة الفساد والمعارضة باستقالة الرئيس اميل لحود. وعلى ضوء ذلك لا يبدو الهدف من الانتخابات معالجة المشاكل المذكورة بشكل منهجي بقدر ما يبدو الوصول إلى مناصب سياسية تعكس امتيازات كبيرة لأصحابها في إطار نظام سياسي يقوم على التعددية الطائفية والمذهبية. غير أن ذلك لا يغير من حقيقة أنه من أكثر النظم ديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط برمتها.
د. ابراهيم محمد