التبادل الثقافي في القاهرة: الرقص على الحبل الغربي الشرقي
"إبن البلد يمكن أن يكون مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً، تديُّنه معتدل، يتمسك من خلال الدين بالقيم" وهو يتبع المثل الشعبي القائل: "إمش عدل يحتار عدوك فيك ...". الحديث هنا عن إبن البلد، إبن مصر، القاطن في القاهرة، أكبر حضارات الشرق، بسكانها البالغ عددهم أكثر من 13 مليون نسمة.
تكريم للقاهرة
يوجد في هذه المدينة مكتب مهم للهيئة الألمانية للتبادل الاكاديمي DAAD كان يديره الكسندر هريدي منذ عام 1999. وقد أصدر هريدي عند توديعه للمدينة تقديراً لها عبر مجلد "الرقص على الحبل الغربي الشرقي"، شارك فيه كوكبة من الكتاب المصريين والألمان. صدر المجلد المفعم بالصور باللغتين الألمانية والعربية، وبعض النصوص بالإنجليزية والعربية، وهو يجمع تأملات ورؤى تمتد لأبعد من مدينتي برلين والقاهرة، فهي تطال أساطير الشرق والغرب، وتتناول الأدب والترجمة، وتعرض صوراً لـ "أماكن محرمة"، وتتحدث عن "الغريب" وعن الإصلاح، وتؤكد أهمية الثقافة والعلوم في تحقيق التفاهم المتبادل. تم اقتباس المقدمة عن نص لم ينشر حتى الآن للكاتب المصري المعروف جمال الغيطاني. لكنْ هذا التفاؤل الذي يملأ هذا الإقتباس يجب ألا يحجب عنا الحقيقة أن تحقيقه يتطلب عملاً وحواراً حقيقيين. وبالرغم من كل الحركة في "الرقص على الحبل الغربي الشرقي" إلا أنه ليس عرض سيرك.
فالباحث في حقل الأدب إكاهارت تشوكة (من جامعة براون شفايج التقنية)، والباحث في الأدب الألماني والعلوم الإسلامية سيد فتح الله أبو زيد (من جامعة الأزهر في القاهرة)، يتجادلان بشكل حاد ومكشوف حول الأصولية والإرهاب على صفحات المجلد. ولا يتنازلان لبعضهما البعض بشيء، سوى بالإستعداد لمناقشة ضارية، بإعتبار المناقشة شرطاً ضرورياً من شروط الحوار بين الثقافات.
صورة الشرق
أما كلوديا أوت، المترجمة المحتفى بها بعيد ترجمتها لقصص "ألف ليلة وليلة"، فيهمها نقل الأدب بشكل موثوق به. وقد قدمت أوت تقريرا عن "العمل الأركولوجي في الترجمة"، يبين كيف أن الصورة المعروفة عن الشرق، المطبوعة في مخيلة الأوروبيين، قد حرَّفت النص عند نقله في ذلك الزمن، وكيف أن "إعادة صياغتهم للأشعار" بالشكل الرومنطيقي قد أكدت بدورها على صورة الشرق المغلوطة. لا يتطرق قرابة 50 نصاً لكاتبات وكتّاب ألمان ومصريين إلى المعضلات وحسب، بل يتوغلوا في البحث. فهم يعطون في مجملهم إنطباعاً بالأمل في تحقيق تفاهم متبادل.
فالنصوص تصادق كذلك على الدرب الذي شُقَ لهذا التفاهم والذي يتميز بالإنفتاح والفضول لمعرفة الآخر. ويبرهن الكتاب في مجمله، عبر التواصل الوثيق بين الكاتبات والكتَّاب، على أهمية الهيئة الألمانية للتبادل الاكاديمي DAAD فرع القاهرة.
هارالد لوخ
ترجمة يوسف حجازي
حقوق الطبع القنطرة 2005