إنجازات قطر الرياضية لا تحجب وضعا حقوقيا قاتما
٢٩ يناير ٢٠١٥تعيش قطر هذه الأيام على إيقاع نشوة الوصول إلى نصف نهائي بطولة كرة اليد، التي تستضيفها هذه الإمارة الخليجية الغنية. كما أن المسؤولين القطريين، الرياضيين منهم والسياسيين، يفتخرون بكسب تحدي تنظيم "أنجح بطولة عالم لكرة اليد على مر التاريخ"، على غرار ما صرح به ثاني الكواري، مدير عام اللجنة المنظمة لبطولة العالم لكرة اليد المقامة في الدوحة، لعدد من وكالات الأنباء الدولية.
ويستشهد المنظمون القطريون في إبراز تفوقهم في التنظيم بشهادات وفود المنتخبات المشاركة في البطولة وتصريحات بعض الوجوه الرياضية العالمية البارزة، مثل توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، وحسن مصطفى، رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد. لكن هل يمكن للتفوق الرياضي القطري والنجاح في تنظيم الفعاليات العالمية محو الصورة القاتمة التي رسمتها تقارير المنظمات الحقوقية العالمية عن أوضاع حقوق الإنسان هناك؟
تسليط الضوء على الوضع الحقوقي
نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أكد أن "تنظيم أي نشاط رياضي كبير، سواءً تعلق الأمر ببطولة كأس العالم لكرة اليد أو كرة القدم، هو نوع من الدعاية للبلد الذي حظي بشرف التنظيم". لكن في نفس الوقت، شدد حوري، في حوار مع DW عربية، على أن مثل هذه التظاهرات الرياضية العالمية "تكون أيضاً فرصة لتسليط الضوء على وضع حقوق الإنسان في البلد المنظم".
هذا وتتعرض قطر لضغط متزايد من أجل وضع حد لما وصفته عدة منظمات حقوقية بأنه "استغلال" للعمال الوافدين في المشاريع الإنشائية الضخمة استعداداً لاستضافة الإمارة الخليجية لبطولة كأس العالم عام 2022. وكان الجدل حول وضع العمال في قطر قد تفجر في شهر سبتمبر/ أيلول عام 2013، بعدما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً حول وفاة 44 عاملاً نيبالياً في حوادث عمل متفرقة.
ضرورة إصلاح نظام الكفيل
في هذا الصدد، أشار حوري إلى أن "أمام قطر تحديات كبيرة إذا ما أرادت أن تصبح عاصمة للرياضة في منطقة الشرق الأوسط"، في إشارة إلى تصريح ثاني الكواري لوكالة الأنباء الألمانية بأن "هناك رغبة شعبية قوية بأن تصبح قطر عاصمة الرياضة الأولى في الشرق الأوسط".
ووصف حوري هذا الطموح القطري بـ"الهدف النبيل"، إلا أنه شدد على أن "الوصول إلى ذلك لا يتأتى ببناء الملاعب والمنشآت الرياضية وإعداد مختلف البنيات التحتية فقط"، إذ يجب "أن تركز (قطر) أيضاً على ظروف بناء هذه المنشآت وحقوق العمالة التي تسهر على تشييدها"، مطالباً الدوحة بالقيام "بإصلاحات جدية لتمكين العمال الأجانب من نيل حقوقهم وإصلاح نظام الكفيل على وجه الخصوص".
وكانت قطر قد أعلنت أنها ستقوم بتغيير نظام الكفيل (الحاجة إلى ضمانة أحد المواطنين القطريين من أجل الحصول على تصريح عمل) إلى نظام يرتكز على عقود العمل، مع تغيير نظام مأذونية الخروج المعمول به هناك، والذي يتطلب موافقة صاحب العمل على سفر الموظف خارج الدولة، إلى نظام آلي جديد يعمل من خلال وزارة الداخلية. ويرى حوري أن "الإصلاحات التي اعتمدتها قطر تبقى إصلاحات شكلية وليست جوهرية ولا ترقى إلى الوعود التي قطعتها على نفسها".
وبشكل عام، يعتبر كثير من المراقبين أن محاولات قطر تكثيف حضورها الرياضي على الساحة الدولية استراتيجية ذكية يمكن تصنيفها كنوع من "القوة الناعمة". لكن هذه السياسة تبقى محدودة الفعالية إذا ما تواصل نشر التقارير الحقوقية التي تتهم قطر بعدم احترام حقوق الإنسان.