يواخيم غاوك... هل هو الأفضل لرئاسة ألمانيا؟
١٨ مارس ٢٠١٢يوأخيم غاوك كان قسيساً وناشطاً حقوقياً في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة، وكان غاوك مناهضاً للنظام الشيوعي وناطقاً باسم المعارضة في مدينة روستوك شرق ألمانيا، مسقط رأسه قبل انهيار الجدار بين الألمانيتين. ناضل ضد الحكم الدكتاتوري في ألمانيا الشرقية سابقاً الذي انتهى بتوحيد شطري ألمانيا.
ورغم أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي أيضاً من شرق ألمانيا، ويراها الرأي العام الألماني بمثابة ممثل للشرق الألماني في الوسط الحكومي، إلا أن منصب الرئاسة في عامنا الحالي 2012 عُرِضَ وبشكل مباشر على يوأخم غاوك المنحدر من الشرق الألماني أيضاً، وهو ما يراه بعض الألمان أمراً غير ضروري تماماً.
لكن يوأخيم غاوك يحظى بشعبية في ألمانيا نظراً للطريقة التي حاول أن يوفق بها بين الحقيقة والعدالة والمصالحة بصفته أول مسؤول في ألمانيا الاتحادية عن أرشيف الشرطة السرية الألمانية الشرقية سابقاً، إذ عمِل مديراً لقسم قام بتوثيق سجلات جهاز أمن جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة: وهو جهاز الأمن السري المعروف اختصارا باسم "شتازي". وأدار هذا القسم اعتباراً منذ عام 1990 لحوالي 9 سنوات، كان خلالها مسؤولاً عن أكثر من 2700 موظف، قاموا بأرشفة وحفظ معلومات جهاز أمن الدولة لألمانيا الشرقية السابقة. وهي وثائق هائلة العدد متعلقة بالملفات الشخصية لمئات الآلاف من المواطنين والمرشحين للمناصب العامة.
إجماع الحكومة والمعارضة
كان يوأخيم غاوك معروفاً في الأوساط السياسية الألمانية منذ وقت طويل، بل ودارت عام 1999 أحاديث في الوسط السياسي الألماني، ومنها الحزب الاجتماعي المسيحي في ولاية بافاريا، حول ترشيحه للمنصب الرئاسي. إذ أن شهرته في ذلك الوقت فاقت حتى شهرة المستشار الألماني السابق غيرهارت شرودر، في بداية تولي هذا الأخير منصب المستشارية في الحكومة الألمانية.
ويحظى يوأخيم غاوك، الذي يبلغ من العمر يبلغ من العمر 72 عاماً، بدعم أحزاب الائتلاف الحكومي والمعارضة على حد سواء. وتملك الحكومة (المتمثلة في اتحاد الأحزاب المسيحية بزعامة المستشارة الألمانية ميركل وحليفه الليبرالي) والمعارضة (المتمثلة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر) أكثرية مريحة تسمح بانتخاب غاوك. وكان غاوك هو مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر في حزيران/ يونيو 2010 في مواجهة الرئيس السابق كريستيان فولف، الذي لم تتمكن ميركل حينها من إيصاله إلى الرئاسة إلا بصعوبة كبيرة.
"محافظ ليبرالي ويساري"
وصف غاوك نفسه ذات مرة بأنه "محافظ ليبرالي ويساري". وانتقد حركة "احتلوا وول ستريت" العالمية المطالبة بفرض قوانين صارمة على البنوك، ووصفها بأنها "غبية". ووصف غاوك كتاب تيلو سارازين عن المهاجيرن في ألمانيا بأنه "شجاع": وهو كتاب تم نشره في صيف عام 2010 أراد فيه سارازين البرهنة على أن اندماج المهاجرين المسلمين في ألمانيا قد باء بالفشل.
لكن غاوك نأى بنفسه عن أطروحات سارازين الأكثر إثارة للجدل، وأكد بأن ثناءه كان متعلقاً بخرق العادة الدبلوماسية المألوفة في الدوائر السياسية الألمانية، وهو ما قام به السياسي سارازين عبر كتابه. وبهذا الشأن أكد غاوك أنه يرفض أي نوع من الحظر الفكري. يشار إلى أن يوأخيم غاوك له مبادرات داعمة للديمقراطية ومناهضة للعنصرية.
تأثر غاوك في طفولته بحادث اختطاف والده إلى معسكر عمل تابع للزعيم السوفييتي ستالين عام 1951. وكان عمره حينها 11 سنة. وكانت أمنيته أن يصبح صحفياً، ولكن منعه النظام الشيوعي حينها من ممارسة هذه المهنة. وبدلاً من ذلك درس غاوك علم اللاهوت المسيحي البروتستانتي، ووجد في الكنيسة بعضاً من الحرية. إذ كان جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقاً يراقبه ولكن لم يتم اعتقاله. وفي إحدى الوثائق الكثيرة لجهاز أمن الدولة "شتازي" ذُكِرَ عن غاوك أنه: "شخص مناهض للشيوعيين بتزمُّت ويرى الاشتراكية والشيوعية على أنها ظاهرة مؤقتة ...".
وفي مدينة روستوك مسقط رأسه شمال شرق ألمانيا، مارس عمله كقسيس في الكنيسة، وكانت خطبه ملفتة للنظر بسبب محتواها المنتقد للنظام إبان الحكم الشيوعي. وبعد انهيار النظام الشرقي وقيام الوحدة الألمانية، ترأس غاوك عام 1990 اللجنة الخاصة بقرار حل وزارة أمن الدولة. وفي 2 أكتوبر/ تشرين الأول 1990 تم اختياره كمدير لأرشيف أمن دولة جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً.
بيتر شتوتسله/ علي المخلافي
مراجعة: عماد غانم