"ينبغي على مجلس الأمن إحالة ملف سوريا لمحكمة الجنايات الدولية"
٣١ أغسطس ٢٠١١رصدت منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير حول سوريا ارتفاعاً حاداً في عدد حالات الوفاة في السجون السورية وأثناء الاحتجاز في أقسام الشرطة في الأشهر القليلة الماضية مع محاولة نظام الرئيس بشار الأسد سحق الاحتجاجات المستمرة ضد حكمه منذ 15 آذار / مارس الماضي. وقالت المنظمة إن لديها تفاصيل عن وفاة 88 شخصا على الأقل تحت التعذيب أثناء اعتقالهم في الفترة ما بين نيسان/ أبريل إلى منتصف آب/ أغسطس 2011. ولتسليط الضوء على هذا التقرير وانتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب في السجون السورية، أجرت دويتشه فيله الحوار التالي مع فيليب لوثر، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى منظمة العفو الدولية في لندن.
دويتشه فيله: ما أسباب هذا الارتفاع الكبير لعدد ضحايا التعذيب في السجون السورية مؤخرا؟
فيليب لوثر: لاحظنا خلال الأشهر الماضية ارتفاعاً حاداً في عدد الأشخاص الذين اعتقلوا من قبل قوات الأمن السورية في إطار الاحتجاجات الشعبية منذ شهر مارس/ آذار الماضي. وقد وثقنا في هذا التقرير ما لا يقل عن 88 حالة وفاة وقعت في الحجز خلال هذه الفترة، والرقم لهذه الفترة، وهي أربعة أشهر ونصف فقط، يتجاوز عدة مرات معدل الوفيات خلال الحجز في السنوات الأخيرة، وكل الضحايا ألقي القبض عليهم خلال الاحتجاجات في الشوارع أو بعدها.
إذن تعيدون هذا الارتفاع الكبير في عدد ضحايا التعذيب، إلى الاحتجاجات ومشاركة هؤلاء فيها بشكل فعال؟
نعم، السبب الأول هو الارتفاع الكبير في عدد المعتقلين في سوريا خلال الأشهر الماضية، والسبب الثاني هو تفشي التعذيب في مراكز الاعتقال في سوريا. إذ أن هناك في ما لا يقل عن 52 حالة من الحالات الـ 88 أدلة على وقوع التعذيب وغير ذلك من أشكال سوء المعاملة أدت مباشرة إلى الوفاة أو ساهمت في وقوعها.
يقال إن هناك عددا من الأطفال بين ضحايا التعذيب، كيف يمكن تفسير هذا الأمر؟
هذا صحيح، إذ أن هناك بين الضحايا 10 أطفال على الأقل، بينهم اثنان لم يتجاوزا الثالثة عشرة، وقد تم توقيف هؤلاء الأطفال خلال الاحتجاجات التي وقعت في درعا مثلاً، وتم توقيفهم في مراكز اعتقال تابعة لقوات الأمن مثل المخابرات الجوية والأمن العسكري. وفي مراكز الاعتقال لدى هذه الأجهزة الأمنية تم عزل المعتقلين عن العالم الخارجي، ولم يسمح لهم بالاتصال بذويهم أو بمحامٍ، وتبين لنا أنهم توفوا خلال فترة الاعتقال.
هل كشفتم جميع حالات الوفاة التي وقعت تحت التعذيب أم أن هناك حالات لم تكتشف بعد؟
بالتأكيد هناك حالات لم تكتشف بعد، وقد حصلنا على هذه المعلومات بصعوبة؛ إذ لم يسمح لمنظمتنا (العفو الدولية) بدخول سوريا منذ بدء الاحتجاجات.
إذن كيف تحققتم من صحة المعلومات والحالات التي كشفتم عنها؟
تحققنا من صحة ما نشرناه، من خلال قيام مبعوثي منظمة العفو الدولية بإجراء مقابلات مع شهود وآخرين هربوا من سوريا إلى لبنان وتركيا فاتصلنا بهم وبأشخاص آخرين مازالوا في سوريا بينهم أقرباء بعض المعتقلين ونشطاء حقوقيين ومعتقلين سابقين وأطباء. بالإضافة إلى ذلك تمكن نشطاء وأقارب بعض الضحايا من تصوير جثث الضحايا وعليها آثار التعذيب والإصابات التي ربما تكون قد أدت إلى الوفاة. وأرسل هؤلاء الصور إلى خارج البلاد، وقمنا نحن بتقديمها إلى أطباء مستقلين مختصين في الطب الشرعي وطلبنا رأيهم بالإصابات التي تظهرها الصور.
لا شك أنكم أرسلتم التقرير للحكومة السورية أيضا واتصلتم بها، هل حصلتم منها على أجوبة عن حالات الوفاة تحت التعذيب؟
لا، فنحن وكما العادة قدمنا التقرير والمعلومات الواردة فيه حول حالات الوفاة تحت التعذيب، للسلطات السورية وخاصة وزارة العدل، وطلبنا توضيحات للمعلومات الواردة في التقرير وعن حالات الـ 88 للوفاة أثناء الاحتجاز، ولكن لحد الآن لم نحصل على أي رد من السلطات السورية.
هل ترقى هذه الحالات التي كشفتم عنها والقتل تحت التعذيب لأن تكون جرائم ضد الانسانية، ويمكن تقديم المسؤولين عنها لمحكمة الجنايات الدولية؟
نحن نرى أن الجرائم التي أدت إلى الوفاة في الحجز وخاصة التعذيب مع جرائم أخرى ترتكب بحق المدنيين في أماكن مختلفة في البلاد، تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية. ويبدو أن هذه الجرائم تمثل جزءاً من هجوم واسع النظاق ومنظم على المدنيين. لذلك نقول بأنه ينبغي على مجلس الأمن الدولي إحالة ملف سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية، لتتمكن هذه المحكمة بدورها من التحقيق في هذه الجرائم وإحالة المسؤولين عن ارتكابها إلى العدالة الدولية.
في ضوء ما ذكرت، هل ستتخذ منظمتكم إجراءات معينة ضد الحكومة السورية بعد نشر هذا التقرير لإلزامها بوقف العنف وقتل المحتجين سلمياً، والمساهمة في إحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية؟
نحن سنواصل حملتنا من أجل هذه الخطوة، ودور منظمة العفو الدولية هو التحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها بشكل محايد ومستقل وتقديم المعلومات للجهات المعنية بالأمر. ونحن ندعو كل عضو في مجلس الأمن للمساعدة في هذه السياق وخصوصا بلدان مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وهي أعضاء في مجلس الأمن الدولي ومترددة بشأن عمل حاسم تجاه سوريا، وبهذا التقرير وتقارير أخرى في المستقبل سنواصل حملتنا.
هناك تقارير تشير إلى أن مدارس ومعامل قديمة وصالات وملاعب رياضية في سوريا قد تم تحويلها إلى مراكز اعتقال من قبل الأجهزة الأمنية، هل لديكم معلومات في هذا الإطار؟
نحن وثقنا في تقارير سابقة خلال الأشهر الماضية مثل هذه المعلومات، حيث تبين أن قوات الأمن السورية استخدمت ملاعب أو مبانٍ أخرى كأماكن مؤقتة للاحتجاز.
هناك تضارب في عدد ضحايا الاحتجاجات سواء من القتلى أو الجرحى أو المعتقلين والمفقودين، هل حاولتم معرفة العدد الصحيح للضحايا وهل لديكم أرقام محددة؟
لدينا أرقام بالنسبة لعدد القتلى خلال الاحتجاجات منذ شهر مارس/ آذار ولائحة باسم أكثر من 1800 قتيل، ولكن العدد الحقيقي للقتلى أكبر من ذلك بكثير. ولكننا نعتمد الحالات الموثقة لدينا بالاسم.
أجرى الحوار: عارف جابو
مراجعة: أحمد حسو