ويكيبيديا تحتفل بعشر سنوات على تأسيسها
١٤ يناير ٢٠١١ماذا ستفعل إذا واجهك مصطلح مثل "نموذج مايكل كريمير"؟ ستتوجه بالتأكيد إلى موسوعة ويكيبيديا لتعرف أن المصطلح يشير إلى نموذج رياضي لحساب النمو السكاني العالمي، وبإمكانك إن أردت أن تعرف التفاصيل النظرية للنموذج. لقد أصبحت موسوعة ويكيبيديا الالكترونية جزءا من الحياة اليومية على شبكة الانترنت، لكن لم يكن أحد يصدق قبل عشر سنوات عندما كانت أولى شركات الإنترنت تفلس بشكل متوال أن تنشأ موسوعة علمية لها درجة من المصداقية وألا تنفد أموال هذه الموسوعة خلال أشهر. ورغم ذلك فإن ويكيبديا بدأت رحلة انتصاراتها في كانون ثان/يناير 2001 ثم أصبحت ضرورة للكثير من رواد الإنترنت.
أسس الموسوعة ثنائي طموح. فقد موّل جيمي ويلز المولود عام 1966 بداية مشروع ويكيبديا بعائداته من الإشراف على موقع بوميس الإباحي، وترك لشريكه لاري سانجر الحرية المطلقة في إدارة الموسوعة. وتعارف الشريكان من خلال نقاشهما عن الفلسفة عبر الإنترنت. سانجر المولود عام 1968 حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة وأصبح "رئيس تحرير" نوبيديا وهي البذرة التي سرعان ما أثمرت موسوعة ويكيبديا.
البدايات
كانت قيود انتقاء النصوص التي تنشر في نوبيديا صارمة، فعلى الرغم من السماح للجميع من ناحية المبدأ بالمشاركة بإسهاماتهم في الموسوعة إلا أنه لا يسمح سوى للكتابة في موضوع ما سوى خبير مشهور في هذا الموضوع حسبما أكد سانجر آنذاك والذي أشار إلى أنه لا يسمح لغير الحاملين لدرجة الدكتوراة أن يصححوا الأخطاء الواردة في مقالات الموسوعة. لابد لأي مقال أن يمر بسبع مراحل من المراجعة قبل نشره في ويكيبديا، أي أكثر من المراحل التي يمر بها مقال ينشر في مجلة علمية.
ونشر أول مقالات ويكيبديا بعد سبعة أشهر من إرساله وكان عن "موسيقى أتوناليتي"، الموسيقى غير الموزونة، ولم يتوفر لدى الموسوعة العملاقة خلال عامها الأول سوى عشرين نصا فقط. ثم قال لاري سانجر فيما بعد مشيرا إلى هذه القيود الصارمة:"كان علينا إيجاد طريق يسمح للمستخدمين البسطاء بالمشاركة في الموسوعة بشكل أسهل.. كان على برامج ويكي الحاسوبية تقديم مساعدة في هذا الشأن.. نظام متوفر للجميع يمكن من خلاله للمستخدمين إعداد مواقع بشكل بسيط للغاية، وتنقيح هذا الموقع.
كل ما كان هذا النظام يحتاجه هو متصفح..". وحتى لا تختلط هذه المقالات بنوبيديا قام ويلز بإعداد مساحة الكترونية خاصة بالموسوعة فكان إطلاق موقع ويكيبديا دوت أورج في الخامس عشر من كانون ثان/يناير عام 2001. لم يكن يراد لموسوعة ويكي أن تكون أكثر من اختبار. وبعد شهر واحد أصبح لدى الموسوعة 600 مقال على موقعها الالكتروني، أي أكثر مما لدى نوبيديا ثم وصل هذا العدد إلى عشرين ألف بعد عام وهو ما فاجأ المؤسس نفسه.
ثم كانت هذه النصوص تظهر أعلى قائمة نتائج البحث عبر موقع جوجل ثم أصبحت ويكيبديا مرجعا لرواد الإنترنت الذين تزايد عددهم بشكل مستمر. لم تكن المواضيع المنشورة على ويكيبديا تحظى دائما بالثقة ولم تكن تكتب بشكل صحيح في كثير من الأحيان، ولكنها كانت حاضرة دائما، في حين لم يكن هناك حضور لموسوعات شهيرة مثل موسوعة بروكهاوس. لم يعد لاري سانجر رئيسا لتحرير ويكيبديا حيث تركها عام 2002 إثر خلاف بشأن الرقابة والجودة في ويكيبديا، وظل فيها ويلز وأصبح بمثابة مؤسسها.
لغز التعاون
والسؤال الذي كان يطرح نفسه منذ تأسيس ويكيبديا وحتى الآن هو: لماذا يعمل آلاف من المؤلفين في أوقات فراغهم في كتابة مقالات للموسوعة دون أن يظهر اسمهم تحت هذه المقالات وذلك رغم خطر تعرض هذه المقالات لتدخل من شخص آخر يغيرها أو حتى يمحوها من خلال نقرة بالفأرة (الماوس)؟
قام عالم الاجتماع الألماني كريستيان شتيجيباور بدراسة "لغز التعاون" في كتاب له يحمل هذا الاسم. ويرى شتيجيباور أن حافز المساهمين في ويكيبديا هو من ناحية أن "فكرة جمع علم الإنسانية خارج قيود حقوق النشر فكرة لها قوة جذب معينة". ومن ناحية أخرى يرجح البروفيسور شتيجيباور ألا تكون مشاركة المساعدين في ويكيبديا بدافع الشهرة في محيطهم الخارجي بل لمجرد السمعة الحسنة داخل مجتمعهم الداخلي.
غير أن الباحث الألماني وجد من خلال أحد المشروعات البحثية أن أسطورة المشاركة في ويكيبديا على أساس المساواة المطلقة بين المشاركين وعدم التفرقة بينهم ليست صحيحة. وقال إن "سيادة مديري المؤسسة قد استقرت" وأن هؤلاء المديرين هم دائرة صغيرة من العاملين في ويكيبديا أثبتوا كفاءتهم من خلال جهودهم وأصبحوا يحصلون على حقوق خاصة من بقية المشاركين. فهناك في ألمانيا عدة آلاف من المشاركين في ويكيبديا يعملون على استمرارها هناك.
يذكر أن عدد المقالات الموجودة في النسخة الإنجليزية من ويكيبديا حاليا هو يتجاوز الثلاثة ملايين مقال، في حين تضم النسخة الألمانية أكثر من مليون مقال. أما النسخة العربية من الموسوعة فبها نحو 140 ألف مقال.
(ه ع ا/دب ا)
مراجعة: عبده جميل المخلافي