وظيفة الدستور الأوروبي وأهم بنوده
الدستور هو وثيقة قانونية تحدد النظام الأساسي لدولة ما أو لإتحاد من الدول. وتتضمن هذه الوثيقة إجابات شاملة عن الأسئلة الرئيسية مثل: ما هي حقوق حقوق المواطنين؟ ما هي القيم التي ينبغي الدفاع عنها؟ ما هي القواعد التي تنظم عمل الأجهزة القانونية المختلفة؟. أول دستور ديموقراطي في العصر الحديث وُضع في أمريكا عام 1787، وبعدها بأربعة أعوام وُضع الدستور البولندي ليكون بذلك أول دستور ديموقراطي أوروبي.
بعد إتمام عملية التوسع ستشتمل أوروبا على 25 دولة يعيش فيها أكثر من 450 مليون شخص، لذلك جاءت فكرة عمل دستور أوروبي موحد تلبيةً لمطالب التوسع ومواجهة لتحدياته. ويسعى الإتحاد الأوروبي عن طريق الدستور الموحد خلق أوروبا ديموقراطية تتميز بالكفاءة والشفافية، كما يطمح إلى تقريب المسافات بين مواطني الإتحاد وإشراكهم في العمل السياسي ليزيد من ثقل الحضور الأوروبي في المحافل الدولية. ومن المفترض أن ينسخ الدستور الموحد كافة الاتفاقيات الأوروبية حتى الآن لاحتوائه على خلاصتها. أما الدساتير المحلية فستبقى سارية المفعول ولن يُمس بصلاحياتها.
محتويات الدستور
يتراوح عدد صفحات الدستور بين 352 وَ 482 صفحة، حسب اللغة المترجم إليها، وينقسم إلى أربعة أجزاء رئيسية:
- الجزء الأول يشتمل على تعريف للقيم والأهداف والواجبات وطرق اتخاذ القرار، ويسمي الأجهزة المختلفة للإتحاد الأوروبي.
- الجزء الثاني يعالج وثيقة التأسيس، وفيها يتم تعريف القوانين الأساسية على مستوى الإتحاد بشكل سهل الفهم. وقد استقيت هذه القوانين من روح توصيات المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان.
- الجزء الثالث يعرف طرق عمل الأجهزة المختلفة في الإتحاد الأوروبي كما يوضح مجال عملها الداخلي والخارجي، على سبيل المثال إنشاء السوق المشتركة، حرية انتقال المواطنين، وسياسة البضائع.
- جاء الجزء الرابع تحت عنوان "أحكام عامة" ويعرف رموز الإتحاد الأوروبي، كما يضع قواعد تحدد كيفية إدخال مواد جديدة على الدستور وكيفية دخوله حيز التنفيذ.
بنود جديدة
الهدف الرئيسي من الدستور الموحد هو جعل أوروبا أكثر ديموقراطية وكفاءة. ويشتمل الدستور على خلاصة الاتفاقيات الأوربية الأربعة الكبرى، التي تم التوصل إليها خلال الإثنى عشرة سنة الماضية، بجانب بنود جديدة تدخل حيز التنفيذ لأول مرة، منها:
- إدخال منصب جديد في الإتحاد الأوروبي هو منصب رئيس الإتحاد الذي ستكون وظيفته تنظيم العمل بين المجالس الأوروبية المختلفة وتمثيل الإتحاد الأوروبي في الساحات الدولية.
- إدخال منصب وزير خارجية الإتحاد الأوروبي، ووظيفته تشكيل سياسة الإتحاد الخارجية كما سيتولى منصب نائب الرئيس.
- سيتم تسهيل عملية اتخاذ القرار في المجلس الوزاري الأوروبي. بحيث ينحصر العمل بطريقة الإجماع المطلق المتبعة سابقاً على بعض الحالات الخاصة فقط.
- سيتم تخويل صلاحيات أكبر للبرلمان الأوروبي في عملية اتخاذ القرار، بحيث يصبح لكل من البرلمان والمجلس الوزاري أصوات متساوية عند الاقتراع على القوانين.
- ولأول مرة يتم وضع بند خاص يوضح كيفية الخروج من الإتحاد إذا قررت إحدى الدول ذلك.
حقوق جديدة
عند دخول الدستور الموحد حيز التنفيذ سيكتسب المواطنون الأوروبيون هوية جديدة بجانب هويتهم المحلية، وهي الهوية الأوروبية. وتضيف هذه الهوية حقوقاً جديداً للمواطنين، فعلى سبيل المثال سيصبح من حق المواطنين الأوروبيين الانتقال أو السفر إلى أي دولة عضو في الإتحاد والبقاء فيها لمدة غير محددة. كما سيصبح من حق أي مواطن التقدم بعريضة أو التماس إلى الـبرلمان الأوروبي، وفي حالة الشكوى يمكنه التوجه إلى المفوض المدني الأوروبي، كما يحق عند التقدم بعريضة تحمل توقيع مليون مواطن أوروبي تكليف المفوض بوقف قانون معين أو اقتراح قانون جديد.
من وضع الدستور؟
قام بكتابة مواد الدستور الموحد لجان دستورية شُكلت من ممثلين عن الدول العشر المشتركة وبرلماناتها، كما ضمت ممثلين عن الدول المرشحة للانضمام وهي رومانيا وبلغاريا وتركيا، إضافةً إلى ممثلين عن البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية. ومن أجل توسيع المشاركة الشعبية في مناقشة مواد الدستور تم عقد جلسات علنية مع ممثلين عن جمعيات أهلية مختصة بمجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة، للاستفادة من الآراء والمقترحات. كما عرضت مواد الدستور على شبكة الإنترنت حتى يتسنى لكل مواطن الإطلاع عليها وكتابة تعليقات حولها، دون أن يتدخل مباشرةً في عملية اتخاذ القرار.
شكوك حول إمكانية التصديق
حتى يدخل الدستور حيز التنفيذ يتحتم أن يصدق عليه الخمس وعشرين دولة الأعضاء مجتمعة. ويرى كثير من المراقبين صعوبة تحقيق هذا الشرط. ولكن في حالة تحققه يدخل الدستور حيز التنفيذ بعد آخر استفتاء عليه في جمهورية التشيك يونيو/حزيران 2006.
في حالة عدم التصديق على الدستور الموحد يتعين على رؤساء وزعماء الإتحاد الأوروبي العثور على حل مناسب. وسيتمر العمل بمقتضى اتفاقية نيس الموقع عليها عام 2000 والمصدق عليها عام 2003، غير أن عدم تمرير الدستور الموحد سيلحق أضراراً كبيرة في صورة الإتحاد الأوروبي مما قد يدخله في دوامة من المشاكل الداخلية.