وزارة الثقافة العراقية بإدارة عسكرية
١٩ يوليو ٢٠١٣وزارة الثقافة بلا وزير منذ سنوات، ويدريها وزير الدفاع، سعدون الدليمي وكالة، سؤال كبير يطرح نفسه هنا: كيف ولماذا يُعهد بوزارة الثقافة إلى وزير الدفاع؟ بل السؤال الأهم، ما هو دور وزارة الثقافة في حياة العراقيين بعد عام 2003؟
بعد 9 نيسان/ ابريل 2003 ألغيت وزارة الإعلام التي كانت وزارة للدعاية للنظام السابق، ثم استحدثت وزارة الثقافة بإمكانات ضعيفة جدا، ثم أعيد إليها كثير من كوادر وزارة الإعلام السابقة كترضية لهم، ثم توالى عليها وزراء ، أولهم كان مفيد الجزائري الذي حاول الإصلاح وتأسيس ثقافة ما بعد البعث، لكنه اصطدم بغياب التخصيصات المالية.
رئيس تحرير جريدة العالم الجديد، فراس سعدون، الذي شارك في حوار مجلة العراق اليوم من DWعربية علّق على هذا التاريخ معتبرا أن استحداث وزارة الثقافة بعد التغيير جاء لاستيعاب أعداد كبيرة من الموظفين الذين فقدوا وظائفهم بسبب إغلاق وزارة الإعلام السابقة، وهو بالتالي خطوة لترضية قطاع من الناس تضرروا من سقوط نظام صدام حسين، تماما كما يجري الآن مع منتسبي الجيش العراقي السابق.
هذا التحليل يفسّر إلى حد كبير عجز هذه الوزارة عن دعم الثقافة العراقية بأي شكل، والتقارير تتحدث عن مدراء عامين ووكلاء وزارة يتقاضون رواتب عملاقة مقابل عدم فعلهم أي شيء.
" الخلل في وزارة الثقافة هو دليل على خواء ثقافي مطلق يعيشه البلد"
الصحفي فراس سعدون أشار إلى أن وزارة الثقافة بعد تنحي مفيد الجزائري، أضحت من حصة السنة طبقا لمبدأ المحاصصة، وقد تولى إدارتها عدة وزراء، لكن الملفت للنظر أن اغلبهم قد اتهم بارتكاب جرائم قتل إرهابية وهربوا من العراق وهم مطاردون حتى اليوم. هل يعني هذا أن السنة لا يهتمون لهذا المنصب ويعطونه لأي كان وكيفما اتفق؟
أم هل يعني هذا أنّ وزارة الثقافة لا تشكل ثقلا مهما لاهتمامات النخب السياسية ولا السلطة التنفيذية بل ولا حتى البرلمان؟
الحزن ينتاب الإنسان حين ينظر إلى وضع وزارة الثقافة في العراق"، هكذا بدأ الأكاديمي والكاتب احمد الشعلان، أستاذ الأدب الانجليزي في كلية اللغات جامعة نوروز بدهوك كلامه مشاركا في حوار مجلة العراق اليوم من DWعربية، ومشيرا إلى أن وزير الثقافة مبدئيا يجب أن يكون مثقفا ومن نخبة المثقفين ليعرف بالتحديد ما تحتاجه ثقافة البلد، وما يجب أن تفعله الحكمة لدعمها.
" لا أتخيل معنى أن تُسند وزارة الثقافة إلى ضابط"
وأكد الأكاديمي الشعلان، " إن الخلل في وزارة الثقافة في العراق يكشف خلالا في النخب الثقافية في البلد، وهو دليل على خواء ثقافي مطلق يعيشه العراق، وأزمتنا الحقيقية تكمن في غياب عام لدور الثقافة في مجتمعنا".
وكشف الشعلان عن تصور اكبر لمفهوم الثقافة مؤكدا " إننا لا نحتاج إلى مثقفين سياسيين، وإنما إلى سياسيين مثقفين". مستشهدا بمثال من القرن العشرين، حين عين الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول ، الروائي اندريه مالرو وزيرا للثقافة الفرنسية.
" لا أتخيل معنى أن تُسند وزارة الثقافة إلى ضابط، وعلى المكون السني أن يختار شخصية معنية بالثقافة لهذا المنصب"، بهذا القول أوجز الصحفي، فراس سعدون، رئيس تحرير صحيفة العالم الجديد تصوره عن منح حقيبة وزارة الثقافة لوزير الدفاع وكالة، متسائلا كيف لضابط أن يدير مؤسسة تنأى بنفسها عن ثقافة العسكرة.
ومضى الصحفي فراس سعدون إلى القول " وزير الدفاع لا يزور وزارة الثقافة إلا مرة واحدة في الأسبوع، فهو يقوم بمهامه فيها من مكتبه بوزارة الدفاع في المنطقة الخضراء، ومن يتولى إدارة العمل وكلاؤه في الوزارة، وهؤلاء تتفاوت مستويات أدائهم".
واعتبر سعدون أن هذا الوضع يلطّف ويخفف من حقيقة أن وزير الدفاع هو من يتولى حقيبة وزارة الثقافة، لأن وكلاء الوزارة في الحقيقة هم أصحاب اليد الطولى في إدارة العمل، وإذا كان ثمة مآخذ على أداء الوزارة فإن هؤلاء الوكلاء هم من يتحملون وزر هذه المآخذ. وبمرارة أشار فراس سعدون إلى أن" تعيين وزير الدفاع وزيرا للثقافة هو إهانة للثقافة والمثقف العراقي".