قمة مجموعة الـ 20.. كثير من الكلام وبعض المقاربات الجيدة!
٢٣ نوفمبر ٢٠٢٠الكل كان مع التعاون المتعدد الأطراف، ما عدا واحدا تحدث طوال الوقت عن عظمته. والمعني بهذه الجملة من وزير المالية الألماني أولاف شولتس هو بالطبع الرئيس الأمريكي الأناني المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي تماسك مجموعة العشرين أمرا صعبا خلال السنوات الأربع الأخيرة. لكن هذا سينتهي قريبا بفضل الناخبين الأمريكيين. وبرحيل الرئيس المحب لنفسه دائما، يمكن أن تنجح مجموعة العشرين، أي ممثلي ثلثي عدد سكان العالم في بدء انطلاقة جديدة.
وكان هذا ملموسا هذه المرة بقيادة السعودية حتى وإن كان ترامب حاضرا على طاولة الاجتماع. وبسبب فزع وباء كورونا الذي يظهر للعالم كيف أننا نعتمد على بعضنا البعض، يبقى زعماء الدول مستعدين للحديث عن استراتيجية لقاح مشتركة وتقوية منظمة الصحة العالمية وإنعاش التجارة العالمية وتوطيد حماية المناخ وتوفير حماية أفضل لتنوع الكائنات واقتصاد رقمي وقضايا أخرى كثيرة. ومع الرئيس المقبل جو بايدن بإمكان مجموعة العشرين تحقيق أكثر مما يمكن مع "أنا أولا" الرئيس دونالد ترامب.
بدون ترامب سيكون الأمر أسهل
وفي زمن الوباء يكون من الملح أن تتكاثف النخبة القيادية العالمية، إذا كانت هناك نية لضمان توزيع عادل للقاح. وتم البدء بذلك، لكن وعودا مالية أكثر تبقى ضرورية لتأمين ملياري جرعة لقاح للجزء الأفقر من سكان العالم. وعلى الولايات المتحدة الانضمام بسرعة إلى الاتحاد العالمي للتلقيح "كوفاكس" فور مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض. ونصوص بيانات مجموعة العشرين هي كالعادة مليئة بالعبارات السياسية الرنانة بحيث يتم البحث طويلا عن وعود محددة. لكن هناك نتيجة ملموسة وهي أن 46 دولة وقريبا 77 دولة من البلدان الأكثر فقرا تم إعفاؤها من سداد فوائد ديونها حتى يتسنى صرف تلك الأموال في مكافحة الوباء. وهذا يبدو جيدا.
لكن إجمالي ذلك هو خمسة إلى ستة مليارات دولار فقط، وبمقارنته مع أحد عشر بليون دولار (11 تريليون دولار) التي رصدتها مجموعة العشرين لدعم اقتصاداتها الوطنية، فإنه يكون نقطة في بحر. وكان من الضروري منح إعفاء حقيقي للديون لتخفيف الركود لاسيما في البلدان الأفريقية
. لكن لا أحد من مجموعة العشرين مستعد فعلا لذلك، وليس هناك أكثر من الرغبة في الحديث عن الأمر. وهذا لا يثير العجب، لأن كل العالم وكذلك البلدان الغنية نسبيا غارقة في أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل وتلجأ إلى الاستدانة بسرعة كبيرة. ولكن وزير المالية الألماني أولاف شولتس تحدث أثناء قمة مجموعة العشرين هذه عن وجود فرصة للخروج بسرعة من الأزمة الاقتصادية، لكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قالت قبل أسابيع على هامش قمة أوروبية في بروكسل إن إمكانية ألمانيا محدودة. فديون كورونا التي تتراكم الآن هي على حساب الأجيال القادمة.
حقوق الإنسان والسياسة الواقعية
إذن التعاون الدولي في زمن الوباء ضروري أكثر من ذي قبل. وهذا ينطبق للأسف كذلك على دول مجموعة العشرين التي لا تبالي بمفهومنا الغربي بالديمقراطية وحقوق الإنسان. فرئيسة مجموعة العشرين، العربية السعودية التي هي ملكية مطلقة تدوس حقوق الإنسان بالأقدام، هناك حاجة إليها مثلما هناك حاجة للصين الدكتاتورية والنظام الاستبدادي في روسيا وتركيا. فمن أجل ضمان تعافي الاقتصاد العالمي، يجب التعامل مع جميع هذه الدول، حتى ولو كان ذلك أحيانا صعبا. وعدم إثارة موضوع حقوق الإنسان في العربية السعودية ولا في الصين أو روسيا، أمر يغضب جدا.
وشيء من الشجاعة من جانب ميركل وماكرون وفون دير لاين سيكون أفضل، لأن الديكتاتوريين والمستبدين في مجموعة العشرين يحتاجون أيضا إلى الدول الديمقراطية. فالعربية السعودية مثلا ليست لها فقط علاقة صداقة مع روسيا، بل هي تحتاج إلى الولايات المتحدة الأمريكية الديمقراطية كحليف في التنافس مع ايران وكمورد أسلحة للحرب بالوكالة في اليمن وكمستثمر في مشروعالسعودية التكنولوجي "نيوم". وعلى هذا الأساس يجب عدم السماح بمرور كل شيء من أمام ولي العهد السعودي المداهن محمد بن سلمان مثل اغتيال صحفي غير محبوب أو اعتقال ناشطات نسويات مدافعات عن حقوق المرأة. فبعد الوباء يجب إدراج حقوق الإنسان وقيادة الدولة في جدول أعمال مجموعة العشرين.
بيرند ريغرت