وجهة نظر: يجب عدم فرض أجندة أوروبية على ليبيا
١٩ أبريل ٢٠١٦منذ مدة طويلة يرى الغرب في فايز السراج الأمل الأكبر لتحقيق مستقبل مستقر في ليبيا. صحيح أن الرئيس المعين من حكومة الوحدة الوطنية لا يستطيع التحرك بحرية حتى في عاصمته، غير أنه يريد إعادة تشغيل الوزارات. "بعد أن غادرنا الشارع اندلعت الاشتباكات"، كما صرح وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إثر زيارته لطرابلس.
الأوروبيون يخشون الفوضى واللاجئين
الوزير الأألماني ونظراؤه الفرنسي والإيطالي والبريطاني قاموا بزيارة لطرابلس لتقديم الدعم للسراج، وإذا نجحت وعودهم وحسن نواياهم، فإن السراج يحظى بفرص جيدة، لكن في الواقع هناك لدى كلا الجانبين أولويات مختلفة.
ما يحرك الأوروبيين هو خوفهم من ثقب أسود في شمال إفريقيا، خوفهم من "دولة فاشلة" تتحول إلى مهد دائم للجهاديين والإرهاب وتهريب البشر والسلاح. ليبيا تبعد ب 300 كيلومتر من إيطاليا فقط، أي أنها بلد مجاور قريب. وبعد أن تم إغلاق طريق اليونان يخشى الاتحاد الأوروبي أيضاً عودة اللاجئين لاستخدام طريق البحر المتوسط للعبور إلى أوروبا.
الاتحاد الأوروبي وليبيا لهما أهداف مختلفة
دول الاتحاد الأوروبي تتشاور حاليا بشأن إجراءات مختلفة لتحقيق الاستقرار في حكومة الوحدة الوطنية الجديدة. إيطاليا وبريطانيا تفكران في إرسال بعثات عسكرية، وهدفهما الأساسي هو الحد من انتشار ما يسمى بـ "الدولة الإسلامية" ووقف تهريب السلاح وقطع الطريق على اللاجئين. وتتجلى مبررات هذه المخاوف في المأساة الأخيرة في البحر المتوسط والتي قد يكون راح ضحيتها مئات القتلى.
لكن المشكلة هي أن لائحة أولويات الرئيس السراج مختلفة: عليه أولا ضمان حد أدنى من الأمن لمواطنيه، لأن ليبيا تعاني كثيرا من عمليات الاختطاف وجرائم العنف. وفي الوقت نفسه عليه توفير المال لدفع الرواتب. وعليه أيضا إعادة تشغيل استخراج النفط وكذلك وضع مؤسسات الدولة في مسارها الصحيح. فعندما تتحسن ظروف الناس الاقتصادية والاجتماعية سيصبح لدى حكومة الوحدة الوطنية فرصة لضمان استقرارها ونزع سلاح الميليشيات المتمردة. أما محاربة "داعش" شرقي البلاد، فليس من أولويات طرابلس الآن.
إعادة إعمار ليبيا
ما تحتاج إليه ليبيا هو مساعدة إنمائية وخطة مارشال كبرى لمساعدتها على بناء اقتصادها في أقرب وقت ممكن. ويناقش الاتحاد الأوروبي حالياً تخصيص صندوق بمبلغ 100 مليون يورو لهذا الغرض، لكن هذا ليس كافياً. وبصرف النظر عن ذلك وعلى عكس توقعات البعض، لم يطلب فايز السراج مساعدة عسكرية من الغرب، حيث إنه يدرك أن الشرعية السياسية لمنصبه لا يمكن أن تأتي إلا من داخل بلاده، وأن غالبية الليبيين لا يريدون تدخلاً عسكرياً جديداً في بلادهم.
لذلك، لن تنجح الأمور إذا فرض الاتحاد الأوروبي أجندته الخاصة على ليبيا. يجب إعطاء البلاد فرصة لاتخاذ قراراتها بنفسها والنهوض بقواها الذاتية، مع تقديم بعض من المساعدة الخارجية. حينها فقط يمكن أن تصبح ليبيا شريكا حسب الرغبات الأوروبية. وحتى ذلك الحين، على الاتحاد الأوروبي البحث عن سبل أخرى للتعامل مع اللاجئين الأفارقة. الأمل في أن تصبح ليبيا دولة ثالثة آمنة، سيبقى حلماً لوقت طويل.