وجهة نظر: الجولة الأخيرة بغزة أثارت تخوفاً أكبر من سابقاتها
٦ مايو ٢٠١٩بمساعدة مصر والأمم المتحدة وقطر تم التوصل صباح اليوم الاثنين لوقف-على الأقل مؤقت- للتصعيد الأخير بين إسرائيل والإسلاميين الحاكمين في قطاع غزة. وبالمقارنة مع جولات سابقة لم تستمر المواجهة هذه المرة طويلاً: فقط خلال نهاية الأسبوع، وأسفرت عن عدد أقل من الضحايا. وبالرغم من ذلك أثارت ارتباكاً وشكوكاً وتخوفاً أكثر من مواجهات الماضي حول قطاع غزة وداخله؛ ففي غضون ساعات قليلة تم إطلاق أكثر من 800 صاروخ من المنطقة التي تسيطر عليها حركة حماس الإسلامية على إسرائيل. والرد لم ينتظر طويلاً، إذ قصفت إسرائيل مئات على ما يبدو من الأهداف الاستراتيجية لحماس إضافة إلى المجموعة المتحالفة معها "الجهاد الإسلامي". واستخدمت مجدداً استراتيجية "القتل المستهدف" عندما قتلت عضواً في حماس داخل سيارته كان مسؤولاً على ما يبدو عن تحويل الأموال من إيران إلى قطاع غزة. أموال لما كان بالإمكان بدونها إنتاج هذا الكم من الصواريخ.
وعود غير ملتزم بها
لم يمر بعد شهر على الانتخابات الإسرائيلية ويبدو أن بنيامين نتانياهو المنتخب مجدداً يتخلى عما أدى في نهاية العام الماضي إلى أزمة في التحالف واستقالة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان. بعد هجمات متكررة على إسرائيل من غزة طالب هذا الأخير بضربات مضادة إسرائيلية قاسية. إلا أن نتانياهو تردد وفضل بعد وساطة من مصر إبرام وقف لإطلاق النار غير رسمي مع حماس.
"غير رسمي" لأن حماس المنبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين مستعدة في أحسن الأحوال "لهدنة": وقف إطلاق نار محدود زمنياً قابل للتمديد، لكن ليس اتفاقية رسمية مع إسرائيل التي لا تعترف بها حماس. وحتى الحكومة الإسرائيلية لم تتحدث عن اتفاقية، لأن انقسام الفلسطينيين بين الضفة الغربية التي تحكمها حركة فتح وغزة التي تسيطر عليها حماس يتماشى مع مشروع الهيمنة الإسرائيلية على جميع فلسطين.
في الوقت نفسه وعدت إسرائيل قبل موجة الهجمات الأخيرة في الخريف بأنه في حال الالتزام بوقف إطلاق النار من طرف حماس، فإنها مستعدة لإلغاء مختلف القيود التي فرضتها على قطاع غزة أو التخفيف منها. ومن بين تلك الإجراءات التخلي للصيادين من غزة عن منطقة اثنا عشر ميل بحري، والسماح بإعادة توريد المحروقات إلى غزة لإنتاج الكهرباء، والموافقة على تحويل مساعدات بملايين الدولارات من قطر إلى غزة.
لكن قلما تم تطبيق شيء من هذه الوعود. وعقب سريان وقف إطلاق النار الجديد صباح الاثنين، اعترف معلقون إسرائيليون على كل حال بأنه "لم يتم فعل ما يكفي".
ثلاث نظريات تحاول تفسير التوقيت
وتم التكهن خلال نهاية الأسبوع حول ما قد يكون دفع حماس إلى الرفع من التوتر في المنطقة في هذا الوقت بالذات. تفسير لذلك، ولو بدون أدلة ملموسة، ذهب إلى أن إيران دفعت "الجهاد الإسلامي" لتصعيد الوضع بعدما خسرت حماس وُد طهران بسبب تفاهماتها مع إسرائيل. ونظرية أخرى تفيد بأن الهدف هو التشويش على عيد إسرائيل الوطني المرتقب. ونظرية ثالثة تقول بأن الهدف هو إحباط مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) الأسبوع المقبل في تل أبيب. وعلى الأقل فيما يخص مسألة مسابقة الأغنية الأوروبية ظهر رئيس الوزراء نتانياهو حاسماً بإعلانه أن الهجمات من غزة ليس لها أي تأثير على ذلك. ولم يتحدث نتانياهو عن مشاكله الآنية المتمثلة في أنه غارق في مفاوضات تشكيل ائتلاف قد لا تصبح سهلة بسبب هذا الوضع. أو أنه بدأت الآن في إسرائيل امتحانات الثانوية التي بالكاد يستطيع التلاميذ أدائها بسبب أصوات صفارات الإنذار وقضاء الليل داخل الملاجئ.
بيتر فليب