"وثيقة بروكسل"، طوق نجاة للإخوان أم تحصيل حاصل؟
١٥ مايو ٢٠١٤أطلق عدد من معارضي 3 يوليو الأسبوع الماضي وثيقة مبادئ من العاصمة البلجيكية بروكسل، ترمي إلى "استرداد ثورة 25 يناير والمسار الديمقراطي"، وتتضمن الوثيقة مبادئ من أهمها، "إدارة التعددية والتشاركية ضمن حالة توافقية بالاتفاق بين التيارات السياسية، وعودة الجيش إلى ثكناته". وتأتي الوثيقة في وقت تعاني جماعة الإخوان المسلمين من أزمات طاحنة في ظل المطاردات التي تلاحق قياداتها والزج بهم في السجون، وهروب واختفاء قيادات كثيرة.
ولكن ما مدى امتلاك الاخوان رؤية واضحة للأزمة الراهنة، وهل تعد وثيقة بروكسل هي طوق نجاة يتعلق به الإخوان؟ وكيف يتعاملون مع المسار الانتخابي والوضع الجديد الذي يتم إرساؤه؟ أسئلة تطرحها DWعربية على نشطاء من الإخوان و"التحالف الوطني لدعم الشرعية".
"وثيقة بروكسل ضمان للقوى السياسية"
"برغم تحفظي على طريقة خروج وثيقة بروكسل، حيث خرجت من بعض السياسيين المصريين المقيمين بالخارج، ولكن المبادئ العشر فى تقديري محل اتفاق للكثيرين"، هكذا يقول علي خفاجي، القيادي الشاب بحزب الحرية والعدالة في حديثه مع DWعربية. وتابع "الوثيقة خطوة جيدة لتحديد المسار السياسي للمرحلة الانتقالية، لما بعد سقوط "الانقلاب" .
وأكد خفاجي أن هذه المبادئ تعرض الآن على كل القوى السياسية والحركات الثورية، بما فيهم الإخوان وأحزاب التحالف للتعديل، لكي يتم الاتفاق عليها الجميع. وأردف "التعهد للجميع بأن ما اتفق علية هو ما سينفذ".
وبرغم الانتقادات التي وجهت للوثيقة، حيث لم تشر إلى عودة الرئيس المعزول محمد مرسي. إلا أن خفاجي برر ذلك قائلاً "الوثيقة تحدثت عن مصر في مرحلة "ما بعد الانقلاب"، وليس عن "نهاية الانقلاب". وأردف "في النهاية القرار بيد الثوار الذين يقدمون التضحيات على الأرض، ولا يمكن تجاوز هذه التضحيات". وأوضح "الإخوان جزء من هذا النسيج الثوري، والثوار جزء من نسيج الشعب المصري، الذي ثار ضد إسقاط خياره الديمقراطي في اختيار من يحكمه". وخلص إلى أن "النضال سيستمر، وأن الحراك الثوري يتطور يوما بعد يوم، والحراك الطلابي خير مثال".
قيادي إخواني: كسر الانقلاب العسكري سيأخذ وقتاً
من ناحية أخرى، اعتبر ناصف محمد ناصف، القيادي في جماعة الاخوان المسلمين المحظورة، أن وثيقة بروكسل مجرد مرحلة ابتدائية لمبادئ عامة، ومن المفترض أن يكون هناك تصور نهائي لها. ويفرق ناصف بين التحالف الوطني لدعم الشرعية والوثائق المحلية والدولية، وبين التحرك في الشارع، مشدداً على أهمية أن يكون التحرك له هدف، وتغيير المسارات التي تتبع. ولكنه تابع "لن نلجأ إلى العنف".
لتحقيق ذلك، وفقاً لناصف، سيتطلب الأمر وقتا لن يقل عن ستة أشهر. لذلك، فان الحديث عن وقف الاستحقاقات الراهنة، هو كلام وصفه ناصف بـ "الساذج". ويشرح بالقول: "الجيش ينحى منحى آخر بعيداً عن الشعب المصري، فهو مستمر في إحكام سيطرته على الحياة السياسية".
وأعرب في حديثه مع DWعربية، عن استيائه الشديد من انقسام الشعب المصري بين مؤيدي السيسي ومعارضيه. ولكنه أكد أن نسبة كبيرة من المصريين ترفض "الانقلاب العسكري". مؤكداً أننا شعب واحد في النهاية.
واستنكر في حديثه الاتهامات الموجهة للإخوان بتنفيذ عمليات إرهابية قائلاً "يتهموننا بالإرهاب وبمسؤوليتنا عن التفجيرات التي تشهدها مصر، برغم أن أنصار بين المقدس أعلنت مسؤوليتها أكثر من مرة". وتساءل "ما علاقتنا بأنصار بيت المقدس، وألمح أن معظم هذه التفجيرات هي صنيعة المخابرات المصرية".
وعن حديث المشير عبد الفتاح السيسي المرشح للانتخابات الرئاسية، أنه لن يكون هناك وجود لجماعة الإخوان المسلمين خلال رئاسته. ابتسم محمد قائلا "كلهم بيقولوا هنقضي على الإخوان، الكلام لا يبني أي مجتمع". وقال "معظم المصريين يتبعون السيسي" وأضاف "والله العظيم السيسي لو طلع وقال أنا من قتلت الناس في رابعة، برده هيقولوا عليه بطل".
واختتم حديثه قائلا "نحن، أي الاخوان، نضع مصلحة الشعب في المقام الأول". وأوضح قائلا: "عندما قررت السلطات المصرية التحفظ على أموال قيادات الجماعة، لم يجدوا سوى الجمعيات الأهلية والمستشفيات الخيرية والمدارس الإسلامية".
"التحالف الوطني لدعم الشرعية رمانة ميزان"
يقول علاء أبو النصر، القيادي في التحالف الوطني لدعم الشرعية، في حديثه مع DWعربية "إننا في ورطة كبيرة، بسبب عودة نظام مبارك والثورة المضادة، واصفاً وثيقة بروكسل بالجيدة". لذلك، حث على تكاتف القوى السياسية، التي شاركت في ثورة يناير "لمواجهة الثورة المضادة". وأكد أن الصراع ليس مع الإخوان "لأن من في الشوارع ليسوا فقط إخوان".
وبرغم التحديات التي تكتنف وضع الأخوان المسلمين مثل القبضة الأمنية في مواجهة الجماعة أكد أبو النصر أن المظاهرات لم تتوقف. كما ان وضع القيادات في السجون، لن يمثل حاجزا لإعادة الثورة من جديد للشارع. وشدَّد نصر على أن الاخوان المسلمين مازالت معارضة قوية، في ظل انتشار المظاهرات في ربوع مصر.
ولفت إلى أن وثيقة بروكسل وما ورد بها لن يكون بديلا عن التحالف، واصفاً التحالف بـ"رمانة ميزان، والمعبر الحقيقي عن الثورة". ونوه أن "الانقلاب" سينكسر، وسيكون للتحالف دور كبير في ذلك".
من جهته، يعتبر الدكتور عصام عبد الشافي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة دمنهور، الوثيقة وسيلة من وسائل تشديد الضغوط السلمية في مواجهة "الانقلاب العسكري".
وحدد عبد الشافي أربعة شروط لتحقيق هذه الوثيقة. وهما؛ ايمان أصحابها بمبادئهم، والقدرة على الحشد خلف هذه المبادئ، وتوفير الدعم الشعبي لها، وقدرتهم على تجاوز أية خلافات قد تنشأ بينهم.
بالنسبة لمعارضة الإخوان الآن، يعتقد عبدالشافي أنها مهتزة وفي حاجة لإعادة النظر في وسائلها مع أهمية تجديد شبابها والارتباط بقواعدها. واستبعد عبدالشافي مشاركة الإخوان المسلمين في أية عمليات سياسية أو فعاليات في ظل "الانقلاب"، وأن مجرد التفكير فيه فهو نوع من الانتحار السياسي.