وثائق تكشف عن خطط بوتين "إغراق" أوروبا بالمهاجرين
٨ مارس ٢٠٢٤كشفت صحيفة التلغراف البريطانية عن أن روسيا تستخدم ميليشيات خاصة بإفريقيا للسيطرة على الهجرة إلى أوروبا و"تسليحها"، حيث يتمتع الكرملين بنفوذ على عدد من الطرق الرئيسية المؤدية إلى أوروبا.
من جانبها حذرت شرطة الحدود الأوروبية من أنه مع حلول الربيع، من المرجح أن "تكثف" روسيا جهودها لنقل المهاجرين، وسط مخاوف أوروبية من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يستخدم هذا التكتيك لزعزعة استقرار أوروبا.
وبحسب الوثائق الاستخباراتية التي اطلعت عليها التلغراف، يوجد هناك خطط من قبل عملاء روس بإفريقيا، لإنشاء "قوة شرطة حدودية قوية قوامها 15 ألف رجل"، تضم ميليشيات سابقة في ليبيا للسيطرة على تدفق المهاجرين.
وقال مصدر أمني بريطاني للتلغراف: "إذا تمكنت من السيطرة على طرق المهاجرين إلى أوروبا، فيمكنك السيطرة بشكل فعال على الانتخابات، لأنه يمكنك تقييد منطقة معينة أو إغراقها بالمهاجرين من أجل التأثير على الرأي العام في وقت حرج".
غزة تفاقم الوضع
وتشير الصحيفة إلى أنه وفي خضم التوترات المتزايدة بشأن الصراع بين إسرائيل وغزة، تعمل روسيا أيضًا على تعزيز علاقاتها مع تونس، وهي مصدر رئيسي آخر للمهاجرين إلى وسط البحر الأبيض المتوسط.
وقال الدكتور سيرجي سوكانكين، وهو زميل بارز في مؤسسة جيمستاون ومستشار في شركة Gulf State Analytics في واشنطن، إن المراقبين يميلون إلى التركيز على دور القوات شبه العسكرية الروسية في دعم الأنظمة الأفريقية، وليس على التأثير على الهجرة، لكن برأيه "إذا ألقينا نظرة على خريطتهم، سترى أن جمهورية أفريقيا الوسطى تحتل مكانًا استراتيجيًا، مما يمنح القوات شبه العسكرية الروسية طرقًا إلى السودان، وهو لاعب رئيسي آخر، ومن ثم إلى طريق المهربين عبر ليبيا".
ويضيف سوكانكين: "لا يمكن فصل طرق الهجرة عن المناطق والأماكن التي تتواجد فيها مجموعة فاغنر وغيرها من القوات شبه العسكرية الروسية، فقد تتزايد موجات المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا، لأن روسيا تخطط لإنشاء منشأة عسكرية جديدة في جمهورية أفريقيا الوسطى. أعتقد أن القدرة تبلغ حوالي 2000 رجل، لذا فإن هذا سيعطي روسيا نفوذًا إضافيًا فيما يتعلق بإدارة تدفقات الهجرة من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إلى ليبيا ثم إلى الاتحاد الأوروبي".
وفي تقريرها الأخير عن المخاطر، حذرت وكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي "فرونتكس": "بالنظر إلى مدى العداء بين روسيا والغرب وانخفاض الاعتماد المتبادل بينهما، فقد زادت احتمالية استغلال المهاجرين من قبل روسيا وبيلاروسيا.
"الأهم من ذلك، أن استغلال المهاجرين قد لا يقتصر فقط على الحدود البرية الشرقية، بل يمكن الاستفادة من حلفاء روسيا ووكلائها في الجنوب والجنوب الشرقي".
الهجرة بالأرقام
تأتي هذه المعلومات بالوقت الذي كشفت الأرقام عن أن الهجرة في بريطانيا وحدها قد زادت عام 2023 بنسبة 17% عن العام السابق، حيث تم تسجيل دخول نحو 53 ألف مهاجر غير شرعي إلى المملكة المتحدة منذ بداية 2023 حتى يونيو/ حزيران 2023، معظمهم كانوا عبر قوارب صغيرة.
كذلك وفي إحصائياتٍ حديثة مطلع آذار/ مارس 2024، فإن دول الاتحاد الأوروبي تلقت عام 2023 1.14 مليون طلب للحماية الدولية، وهو أعلى مستوى منذ 7 سنوات، كانت النسبة الأكبر لهذه الطلبات من السوريين، بينما حافظ الأفغان على المركز الثاني كأكبر مجموعة من المتقدمين، كما لوحظت زيادة في الطلبات الفلسطينية في نهاية العام، لتكون نسبة الزيادة 18% عن العام 2022.
يكشف التحليل الصادر عن وكالة الاتحاد الأوروبي لشؤون اللجوء (EUAA) عن أن ألمانيا استقبلت العدد الأكبر من الطلبت، بنحو (334000) طلب، على الرغم من أن قبرص كانت تحت الضغط الأكبر، مقارنة بحجم سكانها، حيث تلقت (12000) طلب.
ووفقًا لوكالة فرونتكس فإن عدد المعابر الحدودية غير النظامية في عام 2023، بلغ 380 ألفًا، كان في أعلى مستوياته منذ عام 2016، وتظهر البيانات أن النساء والأطفال يمثلون 20 % من الإجمالي للمهاجرين.
فرونتكس:"موسكو تستخدم الهجرة كأداة ضغط"
قد يؤدي ارتفاع أعداد المهاجرين إلى أوروبا هذا الشتاء بأمر من بوتين إلى زيادة في عدد القوارب الصغيرة التي تعبر هذا الصيف، عندما يستغل مهربو البشر الطقس الأفضل لإرسال المهاجرين عبر البحر، لذلك ترى وكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي "فرونتكس" إنها رأت أن روسيا تستخدم الهجرة "كأداة في لعبة أكبر للحصول على المزيد من النفوذ والضغط".
وتحذر الوكالة من أن اختيار بوتين المعزول بشكل متزايد لنقل المهاجرين إلى عتبة أوروبا - سواء على طول الحدود الشرقية لروسيا أو من خلال وكلاء في الجنوب، بما في ذلك في أفريقيا - يشكل تهديداً كبيرا للأمن في عام 2024.
يقول الخبراء لصحيفة التلغراف إن المرتزقة، بما في ذلك مجموعة فاغنر، يؤججون الهجرة من خلال زيادة عدم الاستقرار والعنف في أجزاء من أفريقيا الخاضعة لسيطرتهم ومن خلال نقل المهاجرين فعليًا إلى الحدود ودعم المهربين.
وقال روبرت جينريك، وزير الهجرة البريطاني السابق، لصحيفة التلغراف: "يستخدم خصوم المملكة المتحدة تدفق الناس في دول أوروبا القريبة كسلاح، كما شهدنا على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا في عام 2021". بينما ردد الوزراء في جميع أنحاء أوروبا هذا التحذير.
بينما أعلن أنطونيو تاجاني، نائب رئيس الوزراء الإيطالي، أن روما لديها معلومات استخباراتية تفيد بأن المرتزقة "نشطون للغاية وعلى اتصال مع عصابات الاتجار والميليشيات المهتمة بتهريب المهاجرين"، بينما ألقت حكومته باللوم في زيادة عدد المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط على مجموعة فاغنر، التي تتهمها بشن "حرب هجينة".
التصدي لـ"استغلال المهاجرين"
يعرّف قانون الاتحاد الأوروبي "استغلال المهاجرين" بأنه الوضع الذي تقوم فيه دولة أخرى "بالتحريض على تدفقات الهجرة غير النظامية ... سلامة أراضيها أو الحفاظ على القانون والنظام أو حماية أمنها الوطني".
لذلك يعكف البرلمان الأوروبي على إقرار "إجراء لإدارة الهجرة واللجوء في حالات الطوارئ" للتعامل مع "الظاهرة المثيرة للقلق للغاية"، وبالفعل بدأت أوروبا بالتحرك في عام 2021 بعد أن أرسل الزعيم البيلاروسي وحليف بوتين المقرب ألكسندر لوكاشينكو آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي من خلال دعوة الناس - خاصة في العراق - للسفر إلى مينسك ثم نقلهم بالحافلات إلى الحدود الحرجية الكثيفة مع بولندا.
كذلك تم نشر ضباط فرونتكس في فنلندا في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 عندما اضطرت البلاد إلى إغلاق العديد من معابرها الحدودية مع روسيا بعد أن شهدت ارتفاعًا كبيرًا في عدد المهاجرين الذين ليس لديهم تأشيرات ووثائق مناسبة، معظمهم من الشرق الأوسط وأفريقيا.
وقالت إيلينا فالتونين، وزيرة الخارجية الفنلندية، إن روسيا "بلا شك" تستخدم الهجرة "كحرب هجينة"، وفي بعض الحالات كانت "تساعد بنشاط" المهاجرين على السفر إلى الحدود.
وقال متحدث باسم فرونتكس لصحيفة التلغراف: "توضح هذه التطورات استراتيجيات أوسع يبدو أنها تستخدم من قبل الجهات الحكومية مثل روسيا وبيلاروسيا، والتي تهدف إلى اختبار مدى مرونة الحدود المشتركة مع الاتحاد الأوروبي ودول شنغن.
وبحسب المتحدث فإن "الأمر لا يتعلق بأمن الحدود فحسب، بل يتعلق أيضًا بالتوتر الجيوسياسي، حيث تُستخدم الهجرة كرافعة في لعبة أكبر من النفوذ والضغط. ومن المثير للقلق أن نرى يأس الأشخاص الذين يسعون إلى القدوم إلى الاتحاد الأوروبي يُستخدم بلا رحمة كبيادق في لعبة جيوسياسية، وعلى الرغم من أن هذه الحوادث في فنلندا تعتبر حاليًا ضمن نطاق محدود نسبيًا، إلا أنها تشير إلى خطر محتمل قد يتفاقم، خاصة مع قدوم الربيع - وهي فترة ترتبط تقليديًا بزيادة حركات الهجرة".
ويختم للصحيفة بأنه "قد يتفاقم الوضع أكثر إذا كان هناك تسهيل نشط للعبور من قبل السلطات المعنية."