واشنطن وطهران: هل سيتحول الغزل الخجول إلى حوار؟
٢٢ سبتمبر ٢٠١٣
منذ أن استلم مهامه كرئيس لإيران، يحاول حسن روحاني من خلال تصريحاته إرسال إشارات إلى الغرب مفادها انه على استعداد للدخول في حوار بشأن عدد من القضايا الخلافية. آخر هذه التصريحات ما كتبه على صحيفة "واشنطن بوست" حيث حث زعماء العالم على "انتهاز الفرصة" التي سنحت بانتخابه بالانخراط مع إيران في حوار "بناء"، مضيفا أن بلاده مستعدة لتسهيل المحادثات بين حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ومعارضيه.
وقبل أيام من توجهه إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، رحب روحاني في مقابلة تلفزيونية بلهجة اوباما التي وصفها بـ"الايجابية والبناءة" مؤكدا أنهما تبادلا رسائل بعد تنصيبه رئيسا. بل وذهب روحاني إلى إمكانية لقاء اوباما في نيويورك، الأمر الذي لم يستبعده البيت الأبيض. وقال اوباما في وقت سابق ردا على تصريحات روحاني إنه يعتزم اختبار نوايا رئيس إيران الجديد بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية.
الضوء الأخضر
تصريحات متبادلة تحمل في طياتها نبرة جديدة، حتى وإن وصفها المراقبون بأنها خجولة، إلا أنها قد تكون بداية لحلحلة الجمود الذي طبع ملفات عديدة كالملف النووي الإيراني. ويصف على نوريزاده مدير مركز الدراسات الإيرانية العربية في لندن، في تصريحات لـ DW عربية، المرونة التي يبديها الرئيس الإيراني روحاني على أنها "ضوء أخضر من المؤسسة الدينية في البلاد، فالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية يشعر بقلق جراء غليان الشارع الإيراني، بالإضافة إلى ما تشهده دول المنطقة من تغييرات. فآية الله خامنئي يثق في روحاني وهو بحاجة إليه في الوقت الراهن لإنقاذ نظام الجمهورية الإسلامية من الانهيار".
وكان قائد الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي قد أكد خلال لقائه الأخير لقادة كوادر حرس الثورة الإسلامية على ضرورة انتهاج الدبلوماسية المرنة مع الحفاظ على الأسس والمبادئ، موضحا أن التحدي الرئيسي للثورة هو تقديم نظام جديد في مواجهة نظام "الهيمنة". الأمر الذي رأى فيه مراقبون على انه استعداد جديد على أعلى مستوى في إيران لدراسة حل لتسوية الصراع النووي لطهران مع الغرب.
التخلي عن الشعارات
ووفق جل المراقبين، يبحث النظام الإيراني في الوقت الراهن عن السبل التي من شأنها أن تخرجه من العزلة المفروضة عليه، وذلك بسبب العقوبات الاقتصادية الدولية، والتي كبّدت الاقتصاد الإيراني خسائر بمليارات الدولارات. عقوبات أثرت بشكل مباشر على حياة الإيرانيين، وهو ما بدا جليا في خيارات الناخب الإيراني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كما يقول الخبير الإيراني نوريزاده والذي يضيف:"إن أحد أسباب انتخاب روحاني كان العمل على إخراج البلاد من الوضع المأساوي الذي وقعت فيه، وتوفير مناخ مناسب للخروج من العزلة والانفتاح على العالم، فروحاني باعتباره رجل براغماتي، قد يكون مناسبا لهذه المرحلة، أي مرحلة التخلي عن الشعارات الصاخبة لتفادي الانفجار الداخلي".
وقد بلغ التضخم نسبة أربعين في المائة، كما أدت العقوبات المفروضة على القطاع النفطي والبنوك الإيرانية إلى تدهور سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار؛ ما أثر على القدرة الشرائية للمواطن البسيط.
ماذا يمكن أن يفعل؟
لكن ماذا يمكن لروحاني أن يقدمه من تنازلات للغرب؟ فإدارة اوباما التي بدت حذرة في تصريحاتها تجاه القيادة الإيرانية الجديدة، كررت عبارتها "الأفعال أكثر أهمية من الأقوال". وبعد أن حذر روحاني مؤخرا من أن بلاده "لن تتراجع قيد أنملة" عن حقوقها النووية، عاد وأكد يوم الخميس (19 أيلول/ سبتمبر 2019) متحدثا لشبكة ان بي سي الأمريكية بالقول: "لم نسع يوما لحيازة قنبلة نووية ولن نسعى إلى ذلك أبدا". وبهذا الشأن يقول نوريزاده: "بإمكان روحاني أن يفعل الكثير لطمأنة الغرب، باستطاعته فتح الأبواب أمام المفتشين الدوليين، على الأقل لإظهار حسن النية، روحاني باستطاعته كذلك إقناع العالم أن له القدرة على وقف تخصيب اليورانيوم، أو على الأقل عدم تجاوز نسبة العشرين في المائة من التخصيب، ويبدو انه حصل على إذن من خامنئي للتفاوض بهذا الشأن".
قدرة اوباما محدودة؟
ويبدوا أن الوضع الذي تعيشه المنطقة بالإضافة إلى تضخم الخلافات الإيرانية مع الغرب، خاصة أثناء فترة رئاسة محمود احمدي نجاد، تحتم على الطرفيين الأمريكي والإيراني إيجاد توافقات من شأن كل طرف أن يسوقها على أنها تخدم مصالحه القومية؛ فالرئيس الأمريكي بحاجة ماسة في الوقت الحالي إلى الظهور على أنه يمسك بزمام الأمور في الملفين السوري والإيراني، وذلك بعد أن فشل في اتخاذ قرار بشأن أزمة سوريا الملتهبة منذ ما يزيد عن العامين والنصف. وبهذا الشأن يقول على نوريزاده، إن "أي حوار بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران سيؤثر على الملف السوري، وهذا ما سيحسب لصالح إدارة اوباما".
لكن يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن لأوباما أن يخفف أو يرفع العقوبات المفروضة على نظام طهران، وهل بإمكانه إقناع الكونغرس بذلك؟ خاصة وأن حكومة إسرائيل طالبت المجتمع الدولي بأن لا ينخدع بتصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني، واصفة إياها بـ"المضللة".