وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
٢٧ أبريل ٢٠٢٤
ينتظر 138 ألف طالب لجوء الرد الأولي على طلباتهم في المملكة المتحدة التي يعاني نظام اللجوء فيها من ضغوط منذ سنوات، والتي تعمل حكومة المحافظين فيها على زيادة الإجراءات لمحاولة الحد من وفود المهاجرين غير الشرعيين خصوصا عبر المانش..
ويتيح قانون، لاقى استنكارا من دول عدة ومن الأمم المتحدة ودخل حيز التنفيذ في تموز/يوليو الماضي، حظر تقديم طلبات اللجوء للمهاجرين الواصلين بشكل غير نظامي إلى الأراضي البريطانية. ويأتي القانون الذي تم التصويت عليه في البرلمان ليلة الاثنين إلى الثلاثاء 23 نيسان/أبريل ليكمل ذلك القانون بإتاحة طرد المهاجرين إلى بلدهم الأصلي أو إلى بلدان ثالثة آمنة مثل رواندا.
وفي عام 2023 وحده، سجلت المملكة المتحدة 67337 طلب لجوء، تخص أكثر من 84000 شخص (قد يتعلق الطلب الواحد بعدة أشخاص في الوقت نفسه). وبين يوليو/تموز 2022 ويونيو/حزيران 2023، كان 41% من الطلبات لمهاجرين وصلوا عبور القناة الإنكليزية على متن قوارب صغيرة.
وتصر الحكومة البريطانية على تطبيق سياستها المتشددة تجاه المهاجرين، وأحرزت ليلة الاثنين إلى الثلاثاء نصرا لتطبيق قرار يتيح ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، والذي وصفه ريشي سوناك بتشريع "تاريخي"، يبث رسالة مفادها "أنه إذا أتيت إلى هنا (بريطانيا) بشكل غير قانوني، فلن تتمكن من البقاء".
وفي حال تطبيق هذا القانون وترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، لن يتمكن هؤلاء المرحلين من العودة إلى المملكة المتحدة، حتى لو حصلوا على حق اللجوء في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
توالت ردود الفعل بعد الإعلان عن هذا القرار، وسط استمرار مخاوف المنظمات الدولية بأن الترحيل إلى دولة ثالثة يخالف القوانين الدولية المتعلقة بتأمين الحماية للاجئين.
في المملكة المتحدة، يعيش المهاجرون في حالة من عدم اليقين مما إذا سيكونون على قائمة المرحلين إلى رواندا، وسيطر الخوف على طالبي اللجوء المقيمين على متن بارجة "بيبي ستوكهولم" جنوب البلاد، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية.
صرخ شاب يدعى مارتن من جنوب أفريقيا مستنكرا "أفضّل الموت على الذهاب إلى رواندا"، فيما قال شاب سوداني يبلغ من العمر 23 عاماً، "رواندا ليست جيدة وليست آمنة".
الشاب الذي عبر بحر المانش من فرنسا إلى المملكة المتحدة منذ حوالي عام، يعرب عن مخاوف تهدد حياته في حال ترحّل إلى رواندا، فهو يخشى من أن يرحّل من هناك إلى السودان بعدما كان فر من النزاع الدامي في دارفور، وترك عائلته في ظروف سيئة في مخيمات اللاجئين في التشاد.
يقول مارتن إنه لم يحصل حتى الآن على أية وثيقة من وزارة الداخلية، "لا أعرف ما إذا كان سيتم ترحيلي إلى رواندا. (...) لكنني أعلم أن ذلك قد يحدث. أنا خائف".
دعوة إلى توفير طرق آمنة
الحكومة البريطانية كانت وقعت على هذه الاتفاقية مع كيغالي في نيسان/أبريل من العام 2022، ولم تخف نيتها من أن هذه الخطة تهدف إلى ردع محاولات المهاجرين من عبور بحر المانش.
زعيم حزب المحافظين ريشي سوناك، يأمل بتنفيذ وعوده الرامية بوقف تدفق المهاجرين، لا سيما مع اقتراب الانتخابات العامة المزمع عقدها في الخريف المقبل على الأرجح، ويحاول كسب أصوات الناخبين بعدما أظهرت استطلاعات الرأي تراجع حزبه بـ20 نقطة أمام حزب العمال.
لكن الكثير من الشكوك تحيط هذا الهدف المعلن. وتقول جمعية "كير فور كاليه" في تغريدة على منصة "إكس"، إن "الطريقة الوحيدة لوقف عبور القناة وإنقاذ الأرواح هي توفير طرق آمنة للاجئين لطلب اللجوء في المملكة المتحدة".
وتؤكد جمعية "ريفوجي أكشن" أنه "لا يوجد دليل على أن هذه الخطة سوف تمنع الناس من البحث عن الأمان في المملكة المتحدة. يجب أن نحضرهم إلى هنا بأمان"، بدلا من نقلهم إلى رواندا.
ماذا يفترض بنا أن نفعل الآن؟ إلى أين يمكننا أن نذهب؟
في مخيم لون بلاج شمال فرنسا، يسيطر الخوف على المهاجرين، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الشاب الكردي السوري إبراهيم قوله إنه إذا كان مهددا بالفعل من الترحيل إلى رواندا، قد يعدل عن رأيه، مبررا ذلك بأنه "لا نعرف حتى ما إذا كانت رواندا بلدا آمنا، هناك الكثير من المشاكل".
لكنه يؤكد أنه "لا يمكن البقاء هنا" في المخيم الذي وصل إليه قبل ثلاثة أيام، وهو يشعر بالفعل بنقص الماء والغذاء. "لذا، إذا علمت أن هناك أمل (في عدم إرسالي إلى رواندا)، سأذهب إلى إنجلترا".
" الجميع مصدوم هنا"، حسب تعبير شاب أفغاني يبلغ من العمر 20 عاما وغادر بلاده بعدما سيطرت عليها حركة طالبان في صيف العام 2021.
يقول إنه سمع عن خطة رواندا، "لكنني لم آخذ الأمر على محمل الجد. اعتقدت أن الإنسانية مهمة بالنسبة لهؤلاء الناس". ويكمل بإحباط "ماذا يفترض بنا أن نفعل الآن؟ إلى أين يمكننا أن نذهب؟"
سابقة خطيرة في العالم
دعت الأمم المتحدة بريطانيا إلى إعادة النظر في خطّتها التي من شأنها أن تهدّد سيادة القانون وتشكّل "سابقة خطرة في العالم". وتعتقد مفوضية اللاجئين، في بيان، أن القانون يحمل "مخاطر شديدة على سلامة اللاجئين".
وحضّ المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك والمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، حكومة بريطانيا على "اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة التدفقات غير النظامية للاجئين والمهاجرين، تقوم على التعاون الدولي واحترام القانون الإنساني الدولي".
وطالب مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا مايكل أوفلارتي بـ"الامتناع عن الترحيل بموجب خطّة رواندا والعدول عن انتهاك استقلال القضاء الذي يشكّله مشروع القانون هذا".
وصمة عار على السمعة الأخلاقية
أما في الداخل البريطاني، كرّر زعماء الكنائس المسيحية في بيان مشترك "مخاوفهم العميقة" بشأن السابقة التي يرسيها هذا النص، في ما يتعلق بمعاملة "الفئات الأكثر ضعفاً".
وعلى مستوى المعارضة، انتقد زعيم حزب العمال كير ستارمر المرشح الأوفر حظاً ليكون رئيس الوزراء المقبل، "أداة... حتماً تكلّف ثروة".
إذ تفيد آخر التقديرات الوطنية بأنّ ترحيل كل شخص سيكلف الحكومة حوالي مليونين وثلاثمئة ألف يورو.
ويؤكد سوناك أن الحكومة جهزت مطارا وحجزت طائرات تجارية مستأجرة للرحلة الأولى. وأن حكومته "مستعدة" لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا خلال الصيف.
لكن محققون خاصون في الأمم المتحدة أشاروا إلى أن شركات الطيران التي قد تشارك في عمليات الترحيل، "قد تكون متواطئة في خرق حقوق الإنسان التي يحميها القانون الدولي".
واعتبرت منظمة "العفو الدولية"، في بيان، أنّ هذا المشروع "عار وطني"، مضيفة أنّه "سيترك وصمة عار على السمعة الأخلاقية لهذا البلد".
وعلى الرغم من انخفاض أعداد عمليات العبور في المانش بشكل حاد في عام 2023، مع وصول ما يقرب من 30 ألف مهاجر إلى المملكة المتحدة مقارنة بـ45 ألفا في عام 2022، فإن الأرقام تظهر زيادة واضحة منذ بداية العام الجاري.
وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن 5,373 مهاجرا وصلوا إلى سواحل جنوب شرق المملكة المتحدة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، بعدما عبروا المانش على متن قوارب صغيرة.