هل يغير منتخب سيدات المغرب صورة كرة القدم النسائية العربية؟
٤ سبتمبر ٢٠٢٢
طرأ الكثير من التحسن على كرة القدم النسائية في العالم العربي وتزايد الاهتمام بها خلال الأعوام الماضية، ورغم ذلك لم يتمكن أي فريق نسائي عربي من إحداث تغيير كبير في عالم كرة القدم النسائية على مستوى العالم.
بيد أن هذا الأمر تغيير في يوليو/ تموز الماضي من خلال منتخب سيدات المغرب لكرة القدم النسائية، الذي بات أول منتخب عربي يتأهل إلى كأس العالم للسيدات بعد بلوغه نصف نهائي كأس أمم أفريقيا التي استضافها المغرب بعد الفوز على بوتسوانا 2-1 في دور الثمانية من المسابقة القارية.
وسوف تواجه سيدات المغرب أقوى المنتخبات النسائية في العالم خلال منافسات كأس العالم للسيدات التي ستجرى في الفترة ما بين 20 يوليو /تموز و20 أغسطس /آب العام المقبل في نيوزيلندا وأستراليا.
وعقب التأهل، قالت قائدة الفريق غزلان الشباك "لا أستطيع وصف شعوري بعدما حققنا إنجازا تاريخيا. هذا التأهل هو نتيجة العمل لسنوات كثيرة."
وأضافت غزلان، التي اختيرت أفضل لاعبة في مباراة سيدات الأطلسي أمام بوتسوانا،"حققنا حلم العديد من الناس، لم ننته بعد، نريد الوصول إلى النهائي ورفع الكأس".
حضور عربي ضعيف
ويُنظر إلى الإنجاز الذي حققته سيدات المغرب بالخطوة الهامة في العالم العربي حيث لا تزال المنتخبات النسائية العربية في مراكز متدنية على الساحة الكروية العالمية بسبب عدم دعم الكرة النسائية من قبل الحكومات والاتحادات المحلية.
وفي مقابلة مع DW، قالت سوزان شلبي، نائبة رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، إن قضية كرة القدم النسائية في العالم العربي تتعلق "بالأطر الاجتماعية والثقافية والتقاليد في البلدان العربية فضلا عن الأمور التي ينظر المجتمع بأنها مقبولة بالنسبة للنساء" أو غير مقبولة.
وتعد سوزان شلبي واحدة من النساء القلائل اللاتي يشغلن مناصب رفيعة في الاتحادات الكروية.
وأضافت خلال المقابلة أنه حتى وقت قصير كان "يُنظر إلى كرة القدم باعتبارها رياضة ذكورية قاسية ولم يتم تشجيع الفتيات على ممارسة اللعبة".
وقد لعب الحظ دورا في مسيرة غزلان الشباك داخل المستطيل الأخضر بسبب أن والدها، الشباك، هو اللاعب الدولي السابق في المنتخب المغربي.
بيد أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لرفيقتها في المنتخب رانيا الصنهاجي حيث كان طريقها في عالم الساحرة المستديرة وعرًا. ففي البداية لم تكن مدرستها تمتلك برنامجا خاصا للفتيات كي يمارسن كرة القدم ما دفع الصنهاجي إلى اللعب في فريق الذكور.
ولخلصت معاناتها في ذلك بقولها "تعد مثابرتي على الإهانات ضد النساء ودفاعي عن مركزي داخل فريق المدرسة أحد أكبر إنجازاتي التي أفتخر بها. ورغم الفوز الذي حققته والذي أكد أحقيتي في اللعب، لم تتوقف الإهانات مطلقا".
ولم تتوقف جهود رانيا (18 عاما) داخل المستطيل الأخضر، بل امتدت إلى خارجه حيث تعمل على تعزيز ممارسة الفتيات لرياضة كرة القدم في الدار البيضاء، مسقط رأسها، إذ أسست عام 2016 رابطة كرة القدم النسائية في الدار البيضاء لمنح الفتيات الفرصة لممارسة كرة القدم.
نقص الدعم
الجدير بالذكر أن الفتيات في العالم العربي ممن يمتلكن موهبة كروية قد يجدن فرص قليلة لممارسة اللعبة بشكل احترافي في ضوء نقص الاستثمارات وبذل القليل من الجهد في مجال الكرة النسائية من قبل اتحادات كرة القدم.
وفي ذلك، قالت أغنيس أموندي، الكاتبة في موقع Her Football Hub المتخصص في الكرة النسائية، إن غياب الدعم من الاتحادات يعني "عدم ممارسة الفتيات اللعبة في الدوريات المحلية". وفي مقابلة مع DW، قالت إنه رغم حدوث إنجازات في السابق، إلا أنه لم يتم البناء على هذه الانجازات.
وأضافت "تأهل منتخب مصر النسائي عام 2016 إلى البطولة الأفريقية للمرة الأولى منذ عام 1998، لكن مع خروج الفريق من البطولة، توقف كل شيء وخرج بعد ذلك من تصنيف الفيفا".
انجاز سيدات المغرب
وفي يوليو/ تموز الماضي، قدم المغرب دفعة لعالم كرة القدم النسائية في العالم العربي عندما استضاف المغرب كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم للسيدات حيث وصل المنتخب المغربي إلى المباراة النهائية ضد جنوب أفريقيا في سابقة من نوعها، إذ لم يصل أي منتخب نسائي عربي إلى مراحل خروج المغلوب من البطولة قبل ذلك.
ورغم خسارة سيدات المغرب أمام سيدات جنوب أفريقيا، إلا أن المغرب سطر أسمه بأحرف من ذهب حيث ظلت مشاركات المنتخبات العربية للسيدات خجولة سواء في قارتي آسيا وأفريقيا.
وخلال مباراة الدور نصف النهائي ضد نيجيريا، احتشد أكثر من 45 ألف شخص بالملعب لتشجيع سيدات المغرب فيما احتشد أكثر من 50 ألف في المباراة النهائية ما يدل على أن كرة القدم النسائية في المغرب باتت تحظى بأهمية كبيرة فيما هنأ ملك المغرب محمد السادس في اتصال هاتفي أعضاء منتخب بلاده للسيدات على أدائهن الرائع في المباراة النهائية.
وقالت غزلان الشباك، التي اختيرت أفضل لاعبة في البطولة، "عاصرت أشياء لم أراها من قبل.. ملعب مليء بالمشجعين ومحبي كرة القدم.. أعيش حلما".
مؤشرات على حدوث تغير إيجابي
لم يمر انجاز سيدات المغرب مرور الكرام في العالم العربي، وفقا لما أشارت إليه سوزان شلبي، نائبة رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
وأضافت "كان أمرا أسعدنا وأشعرنا بالارتياح، لقد أثلج صدري رؤية هذا الحماس والدعم لفريق نسائي. كنا في حاجة إلى تحقيق النجاح في بلد عربي واحد لكي يدفع ذلك باقي البلدان إلى تقليد هذا النجاح وسوف يساعد هذا في خلق بيئة صديقة لكرة القدم النسائية."
وتأمل أموندي في أن تحذو الدول العربية حذو المغرب في دعم الكرة النسائية، مضيفة "بالنسبة لمصر وتونس والجزائر، فإن المغرب يعد النموذج. وإذا كانت هذه الدول ترغب في تطوير كرة القدم النسائية، فإن هناك حاجة إلى الاستثمار والالتزام والتخطيط السليم."
لكن يبدو أن هناك مؤشرات على حدوث تغيير في عالم كرة القدم النسائية في العالم العربي.
وفي هذا السياق، أطلقت السعودية العام الماضي أول دوري لكرة القدم النسائية بمشاركة 16 فريقا فيما خاض منتخب السعودية للسيدات أول مباراة دولية رسمية في فبراير/ شباط الماضي.
ولم يتوقف الأمر على ذلك بل أعلن الاتحاد السعودي في أغسطس/آب عزمه التقدم بطلب لاستضافة كأس آسيا للسيدات 2026 في خطوة كان لا يمكن توقعها في المملكة المحافظة قبل سنوات قليلة.
وفي ذلك، قالت لمياء بن بهيان، عضو مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم، "لدينا طموحات كبيرة لتطوير كرة القدم النسائية في السعودية. وكان الإنجاز الأخير مذهلا ما يعني إننا بالفعل ندخل حقبة جديدة ومثيرة لكرة القدم النسائية."
طموح المنافسة في كأس العالم
ويبدو أن طموح المغرب في مجال الكرة القدم النسائية كبيرا أيضا خاصة بعد إسناد الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) تنظيم بطولة كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024 للمغرب.
بيد أن الأنظار تتجه إلى كأس العالم المقبل للسيدات حيث ستلعب سيدات المغرب أمام الفرق النسائية الأقوى في العالم سواء من القارة الأوروبية أو من قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية.
وفي هذا السياق، قالت أموندي إن المشاركة في كأس العالم تعد "المرحلة الأهم"، مضيفة سوف تمثل البطولة "الفرصة لمعرفة المستوى الذي وصلت إليه سيدات المغرب وما يجب القيام به حتى يواكبن اللاعبات الأفضل في العالم".
جون دوردن / م غ