هل سقوط حكم بن علي فرصة لعودة الإسلاميين؟
١٧ يناير ٢٠١١يسود تونس اليوم قلق من أن تلجأ قوى النظام السابق بعد خلع رئيسه زين العابدين بن علي إلى تقديم تنازلات وهمية في اتجاه الديمقراطية والتعددية في البلاد. وفي منتديات الانترنت وحوارات عبر وسائل الاعلام يتم التحذير من أن يحاول أذناب الرئيس السابق الفار الحفاظ على سيطرتهم وامتيازاتهم من خلال حيل سياسية أو إثارة المزيد من التوتر.
وفي الوقت ذاته بدأت نقاشات ساخنة حول الدور المستقبلي للقوى الإسلامية في البلد. ولم يلعب الاسلاميون ـ على غرار جميع مجموعات المعارضة تقريبا ـ سوى دور هامشي. غير أن رئيس حزب النهضة الإسلامي راشد غنوشي أعلن يوم السبت الماضي (15 يناير/ كانون الثاني) من منفاه في لندن أنه سيعود قريبا إلى تونس.
الدعم الشعبي غير واضح المعالم
وطبقا للوعود الرسمية التي أطلقها رموز السلطة الانتقالية الحالية سيُسمح لجميع الأحزاب والقوى السياسية دون استثناء بالمشاركة في تحديد معالم المستقبل السياسي في تونس، بما يشمل أيضا القوى الاسلامية. وينطلق مراقبون سياسيون من أن الإسلاميين يتمتعون بمساندة، لاسيما من قبل فئات الشعب الفقيرة. ولكن من الصعب تجسيد حجم هذا الدعم بطريقة جدية نظرا للاضطهاد الذي استمر عقودا من الزمن واستهدف جميع القوى الاسلامية وقوى معارضة أخرى . ومن غير المستبعد نشوب نزاع بين القوى المحافظة والليبرالية داخل حركة الاحتجاج التي أطاحت ببن علي. ويخشى كثيرمن النساء الآن مثل الشابة صوفيا همامي من فقدان الحقوق التي حصلن عليها. وتقول همامي: "كامرأة بدأ ينتابني قلق كبير من امكانية تعرض الانجازات التي تحققت في مجال حقوق المرأة على مدى ال 50 سنة إلى مخاطر الآن".
تساؤلات حول مستقبل حقوق المرأة؟
وتُعتبر حقوق المرأة في تونس من الحقوق الأكثر تقدما في العالم العربي. وعلى سبيل المثال فمنذ عام 1957 تم منع تعدد الزوجات، في الوقنت نفسه فرض حظر ارتداء الحجاب طوال عقود من الزمن وسط الحياة العامة. ويعتقد الصحافي توفيق عياشي المؤيد لحزب التجديد الاشتراكي اليساري بأن بعض الإسلاميين يسعون بالفعل إلى إقامة دولة إسلامية في تونس. ويقول في هذا الصدد: " يوجد بالفعل جناح سياسي داخل حزب النهضة يؤيد الغاء الدستور الحالي. لا يريدون الاعتراف بالحكومة الانتقالية الحالية وأجهزة الدولة، وقد يطالبو بنموذج دولة مختلف يتعارض مع مبادئ الجمهورية".
هل حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم نموذج يحتذى به؟
وينفي زعيم الإسلاميين راشد غنوشي هذه الشكوك ويوضح في مقابلة مع قناة "الجزيرة" بأن حزبه يؤيد الديمقراطية وحقوق الإنسان انطلاقا من قناعاته المبدئية الاسلامية. وفي حديث مع وكالة الأنباء الفرنسية قال الغنوشي لا يشكل أي "تهديد حركي"، وإنما يمكن مقارنته بحزب العدالة والتنمية التركي الذي غالبا ما تطلق عليه وسائل الإعلام الغربية أوصافا مثل " إسلامي محافظ" أو "إسلامي معتدل".
لكن مشاركة الإسلاميين في الحكومة تعترضها الى حد الان عوائق قانونية، لأن الأحزاب الدينية غير مرخص لها حسب الدستور التونسي الحالي. لكن الخبير في شؤون الأحزاب التونسية رشيد خشانا لا يستبعد تعديل الفقرة الدستورية المتعلقة بهذه الموضوع، ويعتقد بأن حزب النهضة سيشارك في خطوة أولى بصورة غير رسمية في المحادثات الجارية حاليا لتحديد مستقبل البلد. ويعتقد خشانا بأن غالبية أعضاء الحزب غير متطرفة سياسيا. ويقول أيضا: "أجرى حزب النهضة خلال السنوات الخمس الماضية محادثات مستفيضة مع القوى العلمانية، واعتمد على هذا الأساس برنامج سياسي يشبه بالفعل النموذج التركي".
وكما هو الحال في الكثير من البلدان العربية فان تونس تشهد هي الأخرى عودة ملموسة إلى القيم الدينية، ويُجمع الخبراء على أن الإسلاميين سيستفيدون من هذا التوجه. ويجب عليه حسب رأي رشيد خشانا استنتاج العبر من الأحداث الأخيرة في البلد. فتطلع التونسيين الى الحرية والديمقراطية والتعددية حسب اعتقاده، لايمكن لأي قوة سياسية بعد سقوط بن علي أن تتجاهله.
شمس الأصيل عياري/ اسكندر الديك
مراجعة: سيد منعم