هل تنحني قطر أمام العاصفة الخليجية العاتية؟
٦ مارس ٢٠١٤الخلافات بين دولتي السعودية والإمارات من جهة ودولة قطر من جهة أخرى، لا تخفى على أي متابع للشأن الخليجي، وهي ليست وليدة اللحظة. لكن أحدا لم يكن يتوقع أن تتطور الأمور إلى درجة أن تقوم الرياض وأبوظبي والمنامة بسحب سفرائها لدى الدوحة، في سابقة تاريخية بين الدول الخليجية.
ويبدو أن هذا الإجراء كان مفاجئا تماما للدوحة، خاصة وأن الرياض احتضنت قبل يوم واحد فقط اجتماع الدورة العادية لدول مجلس التعاون على مستوى وزراء الخارجية، بحضور الوزير القطري.
البيان المشترك للدول الثلاث علّل سحب السفراء بسبب عدم "التزام" الدوحة بمقررات "تم التوافق" عليها سابقا في قمة خليجية مصغرة ضمت قادة الكويت وقطر والسعودية في الرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
جوهر الخلاف يتمثل في "دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين" التي تتهمها عواصم خليجية أخرى بتشكيل تهديد أمني حقيقي عليها، على حد تعبير الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات.
لكن الجانب القطري يرد بأنه لم يعق أي اتفاق، وأن قطر التزمت بما اتفق عليه، كما يقول جابر الحرمي، رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية في حوار مع DWعربية: "اتفقت السعودية وقطر على بعض النقاط، بهدف إزالة الاحتقان"، بوساطة كويتية، و"طلبت قطر وضع آلية لتنفيذ الاتفاق، فكلفت الكويت بتجهيز تلك الآلية، وكان من المفروض أن تطرح تلك الآلية في الاجتماع الذي جرى في الرياض بالأمس (الرابع من مارس)، لكن قطر فوجئت بعدم مناقشة هذا الأمر، وفوجئت بموقف الدول الخليجية الثلاث بسحب سفرائها".
دور "الحرس القديم" في قطر
عبد الخالق عبد الله يرى أن المشكلة تكمن في "عدم قدرة الأمير القطري الجديد تميم بن حمد، على تنفيذ وعوده". فالأمير الشاب وعد بتلبية المطالب الخليجية وتغيير نهج بلاده بخصوص "دعم جماعة الإخوان المسلمين ودعم الداعية الإسلامي القرضاوي مثلا، الذي أساء للإمارات، ودعم بعض المطلوبين لبعض دول الخليج العربي"، مما ينشر الفوضى داخل دول الخليج.
ويبدو أن الأمير القطري في موقف حرج الآن، فهو "إما غير قادر أو غير راغب في تنفيذ وعده والالتزام بالاتفاقية الأمنية الخليجية". ويرى عبد الله في حديثه لـDWعربية أن الحرس القديم يلعب دورا أساسيا في إبقاء قطر على هذا النهج المستمر منذ أكثر من 15 عاما.
إلا أن الجانب القطري يطالب بوضع الأمور فوق الطاولة و"عرض بنود ذلك الاتفاق المشار إليه الآن وإطلاع الشعوب الخليجية على كل شيء"، كما يقول رئيس تحرير الشرق القطرية. فيما استبعد الخبيران الإماراتي عبد الله والقطري الحرمي وجود مواضيع خلافية أخرى بين الجانبين، كالموقف من الملف السوري مثلا.
فرض عزلة دبلوماسية على قطر أم احتواء الموقف؟
وفيما يتحدث البعض عن أن هذا الإجراء الخليجي قد يؤدي إلى فرض عزلة على قطر، بل وقد تتطور الأمور إلى "إغلاق المجال البري وحتى الجوي"، بحسب عبد الخالق عبد الله. يرى آخرون بأن ذلك قد يدفع قطر لتوثيق علاقاتها مع دول أخرى، منافسة للسعودية والإمارات، كإيران وتركيا، بل وقد يؤدي إلى زعزعة الكيان الخليجي بتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون. إلا أن المحلل السياسي القطري جابر الحرمي يرفض فكرة تفكك مجلس التعاون واستبعاد قطر منه، لأن "المجلس مر بأزمات عاصفة أيضا بين دول أخرى وتجاوزها".
بالمقابل يعول كثير من الساعين إلى رأب الصدع على الدور الكويتي في التوسط بين المعسكرين الخليجيين. وقد أعرب مرزوق الغانم، رئيس البرلمان الكويتي، عن أمله في أن يتمكن أمير الكويت من "تقريب وجهات النظر وأن يوفق في احتواء الموقف".
لكن عبد الخالق عبد الله يرى بأن الوساطة الكويتية لن تستمر إلى الأبد وأن قطر "إن لم تغير موقفها، فحتى الكويت ستنضم إلى ركب الدول الخليجية المقاطعة لقطر".
وجهة النظر هذه رفضتها الصحف القطرية، فصحيفة العرب نقلت قول أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: "نحن قوم نلتزم بمبادئنا وقيمنا ولا نعيش على هامش الحياة ولا نمضي تائهين بلا وجهة ولا تابعين لأحد ننتظر منه توجيهنا". حسب الصحيفة القطرية.