هل تشهد مصر نهاية سلطة الاخوان؟
٢ يوليو ٢٠١٣رفض الرئيس المصري محمد مرسي الثلاثاء (02 يوليو/ تموز2013 ) المهلة التي حددتها القوات المسلحة لحل الأزمة السياسية في البلاد، قائلا إنه لم يُستشر وأنه سيمضي قدما في خططه للمصالحة الوطنية.
وفي بيان صدر بعد مرور تسع ساعات على بيان القوات المسلحة الذي أسعد المتظاهرين المعارضين لمرسي حين طالبه بالاستجابة لمطالب المتظاهرين، استخدمت الرئاسة المصرية لغة غير مباشرة لتشير إلى أن الرئيس المصري سيمضي قدما بطريقته هو، مؤكدة في بيان صدر في وقت متأخر ليل الاثنين أن بيان الجيش صدر دون التشاور مع مرسي. بيان الرئاسة أضاف "البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة لم تتم مراجعة السيد رئيس الجمهورية بشأنه." وأشارت الرئاسة أيضا إلى إن بيان القوات المسلحة احتوى على "عبارات تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب."
مرسي في عزلة سياسية؟
لكن الرئيس الإسلامي بدا منعزلا بدرجة كبيرة بعد أن رفضت المعارضة الليبرالية الحوار معه وبعد أن أمهلته القوات المسلحة مهلة تنتهي غدا الأربعاء للموافقة على اقتسام السلطة.
كما تتالت الاستقالات من حكومته، حيث قدم وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو استقالته، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية الثلاثاء. تأتي استقالة عمرو بعدما قدم السفير علاء الحديدي، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، الثلاثاء استقالته من منصبه وعقب استقالة أربعة وزراء يوم الاثنين دعما لمطالب المعارضة وإثر تظاهرات حاشدة تطالب برحيل الرئيس المصري محمد مرسي.
الصحف المصرية على اختلاف توجهاتها أجمعت على أن مهلة القوات المسلحة ومدتها 48 ساعة هي نقطة فارقة. وكتبت صحيفة الوطن المعارضة عنوانا بخط عريض "آخر 24 ساعة في حكم الإخوان"، فيما كتبت صحيفة الأخبار المملوكة للدولة "مصر في انتظار الجيش". ودفعت المواجهة مصر أكبر الدول العربية سكانا إلى شفا هاوية وسط أزمة اقتصادية عميقة بعد عامين من الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
تباين الآراء حول سياسة الإخوان وصراع على السلطة
كل هذا يجري فيما انقسمت الآراء في مصر حول سياسية مرسي، وفي هذا السياق يقول جمال سلطان من الجامعة الأمريكية في القاهرة إن الإخوان المسلمين قد ساهموا بأنفسهم في تراجع شعبيتهم من خلال إعطاء الدين دورا كبيرا في أجهزة الدولة. ويضيف في حديث مع DWقائلا: "هذه السياسة لا تجمع جميع المصريين بنفس القدر بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الإيديولوجية." ولفت إلى أن هذه السياسة ولدت لدى الكثير من المواطنين المصريين، خاصة منهم الأقباط والشيعة، شعورا بالإقصاء. "وهذا الشعور هو الذي أدى إلى هذا الوضع الذي نعيشه الآن في مصر."
المظاهرات العارمة التي تزامنت مع تولي مرسي منصب الرئاسة في مصر قبل عام كشفت عن حالة من عدم الرضا في أوساط واسعة من المجتمع المصري ضد سياسة الرئيس الذي كان جديدا آنذاك.
وكان عدد كبير من المصريين قد رفض في نوفمبر/تشرين الأول الماضي الدستور الذي صادقت عليه أغلبية من الإخوان المسلمين، معتبرين أنه يعطي الإسلام أهمية واسعة في سياسية البلاد. وعلى الرغم من أن 75 بالمائة من الناخبين قد صوتوا لصالح هذا الدستور، إلا أن نسبة المشاركة في التصويت لم تتجاوز نسبة 33 بالمائة ممن يحق لهم الانتخاب في مصر. هذه النسبة الضئيلة دفعت العديد من المصريين إلى التشكيك في شرعية هذا الدستور. كما تتهم المعارضة المصرية مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي تقف خلفه بأنه يريد أسلمة ثقافة البلاد، من خلال تعيين أناس ينتمون إلى هذا الحزب وهذه الإيديولوجية مثلما فعل وزير الثقافة علاء عبد العزيز الذي عيّن أشخاصا على صلة بالإخوان في على رأس دار الأوبرا المصرية أو على رأس المصالح الخاصة بشؤون الفن في الوزارة.
"الوضع الاقتصادي لن يتحسن، إذا لم يتحسن الوضع السياسي"
صراع النخب على السلطة انتقل إلى الشارع، على ما يقول جمال سلطان، مشددا على أن كلا الطرفين، المؤيد للإخوان والمعارض لها، كانا قد فوتا على نفسيهما فرصة الدخول في حوار مع بعضهما البعض ويضيف : "يتعلق الأمر بالاعتراف بالتعددية السياسية وبحقيقة أن المجتمع يتكون من مجموعات لها أيضا الحق في الوجود." وما يزيد من حدة الصراع الإيديولوجي هو الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها مصر منذ فترة.
الحكومة كانت قد تعهدت خلال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بالقيام بإصلاحات واسعة، من بينها تخفيض الدعم ورفع الضرائب، وهي إجراءات من شأنها أن تؤثر سلبا على شعبية الإخوان المسلمين خاصة لدى الطبقة الفقيرة من الشعب المصري. ولكن المشكلة الأكبر في مصر هي "السياسة"، على ما يقول أحمد كمالي، الخبير في الشؤون الاقتصادية من الجامعة الأمريكية في القاهرة مشيرا إلى أن الغموض يكتنف مستقبل البلاد التي يقودها في الوقت الراهن سياسيون يفتقدون إلى الخبرة السياسية. "إذا ما تحسن الوضع السياسي، فسيتحسن بدوره الوضع الاقتصادي. البلاد بحاجة إلى استقرار سياسي. وإذا لم يتحقق ذلك، فأنا لا أرى أملا في تحسن الأوضاع في مصر."
البحث عن مخرج من الأزمة
وهذا ما يراه جمال سلطان أيضا، حيث يقول: "بإمكان النخبة السياسية في البلاد أن تطلق مصالحة وطنية على شكل اتفاق وطني واستنادا إليه يمكن حل المشاكل الاقتصادية والسياسية." ولكن هذه الخطوة تشترط وجود حكومة متفق على تمثيلها للجميع كي تتخذ القرارات الضرورية لذلك، ويشكل سلطان في أن تكون الحكومة الحالية قادرة على ذلك.
الانتقادات لم تستثن معارضي مرسي، الذين رفضوا مرارا دعواته للحوار ودعوا بدلا منها إلى مقاطعة الانتخابات، هذا التصرف، كما تكتب الصحيفة اليومية الليبرالية "المصري اليوم"، "لا يساهم في تحسين الثقافة السياسية في البلاد"، لافتة إلى تزايد المؤشرات على وجود صراع على السلطة في مصر.
وتضيف الصحيفة أنه "في حال نجح طرف ما في تحقيق مطالبه على حساب الطرف الآخر، فيتعين عليه ألا يحاول فرض إرادته على الطرف الآخر" مشددة على أن التطورات الأخيرة خلال الأشهر الماضية قد أظهرت أن مثل هذه المواقف لم تجُد شيئا، ومؤكدة أنّ "الأهم بالنسبة للمصريين هو الانتقاد الذاتي والعمل من أجل الوحدة والتفاهم الوطنيين والبحث بجدية عن مخرج للأزمة".