هل تحل الأسلحة المصرية مشكلات العراق؟
١٧ يناير ٢٠١٤أكد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي هذا الأسبوع أنّ الولايات المتحدة الأميركية ترددت في تزويد العراق بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، مشيرا إلى أنّ بلده اليوم بحاجة كبيرة إلى السلاح المتوسط لمكافحة الإرهاب، وقد اشترى فعلا رشاشات رباعية وأسلحة مقاومة طائرات من مخازن السلاح في مصر. جاء ذلك في لقاء أجرته معه وكالة رويترز حيث كشف المالكي أن "العراق يحتاج إلى أسلحة قوية للدفاع عن سيادته، منها طائرات أف 16، إضافة إلى الأنواع الأخرى منها".
هذه الأخبار تضع قضية مهمة قيد النقاش: هل تُحل الأزمة في العراق باستيراد أسلحة؟
حل الأزمة كما يرى كثيرون ، سياسي في جزء منه، وعسكري في جزء آخر منه،
لكن قضية واردات السلاح لها بعد آخر، فلابد أن يسأل المراقب، والحالة هذه، لماذا تتردد الولايات المتحدة الأمريكية في تزويد العراق بأسلحة خفيفة ومتوسطة؟ وهي كانت حتى 2011 أقوى حليف لعراق؟ وأين سيارات وأسلحة الجيش الأمريكي التي تركها قبل انسحابه عام 2011 وأراد بيعها للعراق؟
"الحل سياسي وعسكري معا"
وكيف يحتاج العراق رشاشات مقاومة طائرات كورية يأخذها من مصر، فيما مخازن أسلحته كانت إلى وقت قريب متخمة بالسلاح الأمريكي؟
د. عبد الخالق حسين، شارك في حوار العراق اليوم من DWعربية مشيرا إلى أن " الإدعاء بأنّ الأزمة سياسية في العراق هو خطأ، لأنّ هناك إرهاب قاعدي مدمّر مختلط بفلول البعث، وهؤلاء لا يتفاهمون ولا يفيد معهم لا حل سياسي ولا مفاوضات ولا شراكة، لأنّ شعارهم هو إلغاء الآخر وإبادته".
وذهب د حسين إلى أن حل المشكلة هو سياسي وعسكري في نفس الوقت، كاشفا أن هناك جهات تستثمر حالات الاستياء والتذمر في مناطق الانبار.
وتساءل د حسين عن صحة القول بأن السنة مهمّشين في العراق، وأنّ الشيعة هم المسيطرون على السلطة، مبينا استحالة هذا الشيء في العراق الديمقراطي حيث يتشارك الجميع في كل شيء.
وقارن د حسين بين وضع الانبار " التي لا تملك أي موارد تصب في الدخل القومي للبلد ولا يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة، ومع ذلك تمتلك خمسة وزراء في الدولة، وعددا كبيرا من النواب وتشكو باستمرار من التهميش، فيما البصرة التي يصل عدد نفوسها إلى 3 ملايين نسمة، ويشكل نفطها وموانئها 90% من موارد العراق ليس عندها وزير واحد، ولا نراها تشتكي من التهميش".
وفي معرض حديثه عن تجربة الصحوات في عام 2008 وما بعده، أشار الكاتب عبد الخالق حسين إلى أنّ الصحوات قد تشكلت من العشائر، والعشائر معروفة بتقلب مواقفها تبعا لمصلحة شيخ العشيرة وتبعا لمن يدفع له، لذلك " تراهم اليوم قد غيروا بوصلة الولاء".
"سلاح مصري للعراق الذي رفض السلاح الأمريكي المجاني "
إذا وضعنا الكرة في ملعب الجانب الأمريكي، وتذكرنا زيارة السيد المالكي غير الموفقة إلى الولايات المتحدة قبل أشهر، ومواقفها الفاترة جدا تجاه حكومة العراق لا يسع المراقب إلا أن يتساءل: كيف يمكن أن تثق الولايات المتحدة الأمريكية بنوايا العراق الذي رفض أن يوقع معها معاهدة صوفا الأمنية؟
في إجابته عن هذا السؤال استعرض الكاتب عبد الخالق حسين التاريخ السياسي للعراق الحديث مشيرا إلى أن الشعب العراقي يعاني من عقدة الوجود الأجنبي على الأرض، وقد كانت السبب في المشاكل التي منعت تطور العراق بالاستفادة من الوجود البريطاني في العقود الأولى من القرن العشرين. وذكّر حسين بمعاهدة بورتسموث وما رافقها من تظاهرات وصدامات مع الشرطة والجيش وحجم الدماء التي سالت، مشيرا إلى " أننا حين ننظر إلى تلك المعاهدة اليوم نجدها في مصلحة العراق".
وبيّن حسين أنّ " الاتفاقية الأمنية الإستراتجية بين العراق وبين الولايات المتحدة الأمريكية كانت في صالح العراق أكثر مما هي في صالح أمريكا، لكنّ العراق رفض الاتفاقية ورفض أن يأخذ الأسلحة التي خلفتها الولايات المتحدة فوق أراضيه"، مؤكدا أن العراق قد صار في وضع يضطر فيه إلى شراء الأسلحة من مصر. وعزا هذه النتائج إلى ما وصفه ب "ثقافة الفرد العراقي التي تسير ضد مصلحته".
"السلاح الذي خلفه الأمريكيون في العراق نهب وبيع في السوق السوداء"
الصحفي منتظر ناصر الكاتب في صحيفة العالم الجديد الالكترونية، شارك من بغداد في حوار مجلة العراق اليوم من DWعربية ، مشيرا إلى أن كل المعسكرات التي تركها الأمريكيون في العراق قد نهبت بالكامل، وبيعت محتوياتها في السوق السوداء، " كما نهبت الأسلحة الأمريكية والسيارات العسكرية التي بيعت في السوق السوداء ". وأكد الصحفي منتظر ناصر أن السيارات بيعت في مزايدات بثمن بخس وهو أمر ليس سريا ويعرفه الجميع. وأبدى عتبه على وسائل الإعلام التي تجاهلت هذا الأمر ولم تشر إليه من قريب أو بعيد، ومستشهدا بما جرى" لمعسكر بوكا في البصرة الذي سُلم كاملا بكل معداته لمحافظة البصرة، وبعد مدة قصيرة، يعلن محافظ البصرة عن مناقصة لتجهيز وإعداد هذا المعسكر واستحداث مطار فيه ، وصالات رياضية، فيما كل هذا موجود أصلا في معسكر بوكا ولكنها نهبت".
ويبدو أن الوصول إلى تقارب أمريكي عراقي بعد البرود الذي ساد العلاقة بين البلدين بات صعبا، ففي الوقت الذي طالب فيه رئيس الحكومة نوري المالكي بطائرات مراقبة وطائرات أف 16، لا يبدو أن الولايات المتحدة يمكن أن تزوده بهذه الأسلحة الإستراتيجية التي لا تمنح إلا لحلفاء مقربين، وهذا يحيل المراقب إلى سؤال هام: هل يُعد العراق اليوم حليفا مقربا لأمريكا؟
في إجابته عن هذا السؤال بيّن د عبد الخالق حسين أنّ كل القوى السياسية المتصارعة في العراق تحظى بدعم خارجي، وبالتالي فإن البلد صار ميدان حرب ، ويدفع الشعب العراقي ثمن هذه الحرب، والأمريكيون ومن خلال تجربتهم مع الأسلحة والمعسكرات التي سلموها للحكومة، ربما تعلموا الدرس، ويخافون إن هم سلموا العراق أسلحة إستراتيجية فقد تباع أيضا في سوق الخردة وتصل إلى أعداء الولايات المتحدة، "مثلا أمريكا لها شكوك ومواقف سلبية من إيران، والعراق له علاقة جيدة مع إيران، و بالتالي فهناك مخاوف أمريكية من أن تقع هذه الأسلحة في يد إيران ".