هل بدأ الربيع العربي يصل إلى الأراضي الفلسطينية؟
١٥ سبتمبر ٢٠١٢تأتي التظاهرات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية تحديدا احتجاجا على ارتفاع الأسعار، إذ سرعان ما تحولت إلى مواجهات عنيفة في كل من مدينتي الخليل ونابلس. ويقود هذه المظاهرات التي تتسم غالبيتها بالسلمية شبان غاضبون على تردي الوضع الاقتصادي وتفشي البطالة.
وكانت أكثر الاحتجاجات تحولا في مطالب المحتجين مسيرة نظمها بضعة آلاف يوم أمس الثلاثاء من الشبان ذوي توجهات يسارية وليبرالية، انتهت على مدخل مركز صناعة القرار الفلسطيني "مقاطعة رام الله"، طالبوا فيها برحيل الرئيس محمود عباس.
نبيل عمرو: حراك مطلبي اقتصادي
وفي حديثه لموقع "قنطرة" اعتبر القيادي الفتحاوي نبيل عمرو وسفير السلطة لدى جمهورية مصر العربية أن ما يجري هو "حراك مطلبي بصيغة اقتصادية تتدخل به عوامل سياسية". ومع أن كل المؤشرات تشير إلى أن الوضع في الأراضي الفلسطينية يتجه نحو الانفجار والتوسع، إلا أن عمرو قلل من "إمكانية أن تتحول الاحتجاج إلى ضد الرئيس"، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية مرت في سلسلة أزمات وأخطر من هذا الوضع". وأضاف أن كل المؤشرات لا تشير لإمكانية اندلاع انتفاضة أو ربيع فلسطيني.
بينما أشار المحلل السياسي هاني حبيب في حديثه لقنطرة "أن ما يجري هو "بالتنفسيه"، تعكس مدى الديمقراطية والأجواء المناخية التي تعيشها الضفة الغربية التي استغلها الشبان للتعبير عن رفضهم لسياسيات الحكومة"، مضيفا في حال تأزم الوضع لا أحد يعلم إلى أي مدى قد تصل إليه هذه الاحتجاجات ومن تطال".
ويرى المراقبون أن المشهد الذي يحدث الآن يذكر بالانتفاضة الفلسطينية الأولى، إضرابات شاملة، محلات مغلقة وأعمدة الدخان تتصاعد من الشوارع الرئيسة، قد يكون شرارة "خريف فلسطيني"، كما أطلق عليه المحتجون، لا أحد يستطيع التنبؤ إلى أي مدى قد يصل في ظل انسداد الأفق السياسي، وتوقف المفاوضات، وحالات الاحتقان التي يعيشها الشعب الفلسطيني الذي قد يطال اتفاق أوسلو.
فياض وسياسته مشكلة المحتجين
وكانت شرارة الاحتجاجات قد انطلقت بعد قيام الحكومة برفع أسعار المحروقات بداية هذا الشهر التي يتجاوز سعر اللتر"2 دولار أمريكي"، وفرضها ضرائب مرتفعة لتغطية العجز المالي التي تشهد خزينة السلطة الفلسطينية لتغطية نفقاتها ورواتب الموظفين، وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة قد تؤدي إلى انهيارها كما أشار الرئيس الفلسطيني في أكثر من مناسبة.
ويحمل المحتجون المسؤولية الأكبر لرئيس الوزراء سلام فياض واتفاقية باريس الاقتصادية التي تنظم التجارة الفلسطينية والإسرائيلية والتي تفرض تعرفه جمركية موحدة بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي. يشار إلى أن بروتوكول باريس الموقع عام 1994 هو اتفاق اقتصادي، يحدد وحدة جمركية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ويربط ضريبة القيمة المضافة بمعدلاتها في إسرائيل البالغة حاليا 17 بالمئة ، كما يحد من تخفيض الأسعار في الضفة الغربية.
وتأخذ الشعارات المنددة بالغلاء طابعا آخرا يرى فيها الكثيرون بداية تأجج الوضع بعيدا عن أسباب الأحوال المعيشية المتردية، حيث أدرج رئيس الحكومة الدكتور سلام فياض كأحد الأسباب الأزمة وطالبوا بإسقاطه، وثم هتف آلاف في مدينة الخليل بإسقاط الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهاجموا المحتجين مراكز الشرطة الفلسطينية في الخليل ونابلس، الذين أصيب العشرات من الطرفين.
هل إسقاط فياض هو الحل؟
ومن ناحيته اعتبر القيادي نبيل عمرو أن "إسقاط سلام فياض ليس حلا، ولن يجلب حلا لازمة التي تعانها منها السلطة الفلسطينية". وأما على صعيد المواطنين، فقد أوضح المواطن أحمد الجعبري الذي شارك في احتجاجات مدينة الخليل تحدث، أن خطاب الرئيس الفلسطيني الذي ألقاه مؤخرا لم يستحب لطموحات المحتجين، ولم يقدم حلولا للوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه سكان الضفة، "فتأجج الوضع"، مضيفا "لا بد أيضا أن يتحمل عباس مسؤوليته ،أو يرحل" على حد قول الجعبري.
ولافت في الأمر أن هذه أول مره تكون فيها الاحتجاجات الفلسطينية موجه إلى الداخل الفلسطيني، التي أعربت أيضا إسرائيل عن قلقها من "أمكانية تصدير السلطة الفلسطينية أزمتها والمحتجين إلى نقاط التماس الإسرائيلية الفلسطينية لإشعال انتفاضة ثالثة". وأما رئيس الوزراء فياض فقد أعلن استعداده لتقديم استقالته من منصبه، إذا كان من شأن ذلك إنهاء الأزمة وقال "إن كان الرحيل يحل مشكلة بكل تأكيد لن أتردد في ذلك، وحتى لو أنه لا يحل مشكلة، ففي إطار أزمة مستمرة واحتجاج مستمر، من الممكن، في حال الوصول إلى استنتاج إلى أن بقائي هو العنوان الأساسي للاحتقان والشكوى والرحيل ينفس الأزمة، فسأرحل".
حقوق النشر: قنطرة 2012