بعد أحداث رفح..هل إنقلب المصريون على الفصائل الفلسطينية؟
١١ أغسطس ٢٠١٢منذ أيام والشعب المصري يتابع العمليات العسكرية للجيش المصري، التي تعد الأولى من نوعها في سيناء منذ حرب أكتوبر 1973. فبعد مقتل 16 عنصراً من عناصر حرس الحدود المصري على يد عناصر إرهابية يوم الأحد الماضي، قامت القوات المصرية بالانتشار في سيناء ومطاردة تلك العناصر عن طريق قوات الصاعقة وسلاح الجو، الذي قام بدك عدد كبير من أنفاق التهريب الموصلة إلى قطاع غزة.
لم تكن تلك العملية التي استهدفت حراس الحدود المصريين هي الأولى منذ اندلاع ثورة يناير العام الماضي، لكنها كانت القشة التي قسمت ظهر البعير لتفجر غضب الشعب المصري، الذي طالما هتف للفصائل الفلسطينية في ظل تضييق نظام مبارك على غزة. وسرعان ما أشار إلى القطاع بأصابع الاتهام فيما يحدث. فهل تكون عملية رفح الأخيرة نقطة تحول في العلاقة بين الشعب المصري والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة؟
علاقة متوترة والمعبر الشرعي هو الحل
"بالطبع العلاقة تغيرت والشعب المصري ضاق ذرعاً بما تفعله العناصر الفلسطينية في سيناء"، يقول المهندس أحمد خليفة لـDW عربية ويضيف: "الأنفاق غير قانونية، وأرى أن السلطات المصرية كانت تغض الطرف عنها على سبيل المساعدة للمقاومة، لكن حينما تصبح خطراً على أمننا القومي هنا فيجب أن نقول كفى". ويساند خليفة بشدة عملية قصف الأنفاق الموصلة بين سيناء وغزة نافياً أن تكون مصر بذلك تساعد في فرض الحصار على فلسطينيي غزة. ويقول خليفة في هذا الشأن: "هناك معبر قانوني وهذا ما يجب أن يتم التعامل من خلاله لتوصيل المساعدات الإنسانية وما يحتاجه سكان قطاع غزة ويكون التواصل فقط مع الحكومة الفلسطينية المنتخبة". وعبر خليفة لـDW عربية عن تخوفه من نقل الصراع إلى الأراضي المصرية "فمن غير المعقول أن تبقى الكرة في ملعب الوسيط".
المحاسب محمد جمال يتفق مع خليفة في تغير مشاعر كثير من المصريين تجاه الفصائل الفلسطينية لكنه في ذات الوقت يرى أن "مساندتهم لازالت واجبة". ولا يرى جمال داع لهدم الأنفاق، فمن خلالها "يتم إدخال أشياء لا يمكن أن يتم إدخالها من خلال المعابر الرسمية، كالسلاح للفصائل الفلسطينية".
"سيناء إمارة إسلامية"
ويرى جمال في حواره مع DW عربية، أن من الضروري أن تبقى الأنفاق وتتولى أجهزة الاستخبارات المصرية مراقبتها ورصد ما يتم نقله من خلالها. وأرجع جمال انقلاب كثير من المصريين على الفصائل الفلسطينية إلى "المفاهيم المغلوطة والإشاعات التي تتداول كتلك التي تقول إن الإخوان ينوون إعطاء سيناء للفلسطينيين".
ولم يختلف رأي الموظفة دعاء رزق عن رأي من سبقوها والتي عبرت عنه في حوارها مع DW عربية. وعزت دعاء انقلاب كثير من المصريين على الفصائل الفلسطينية إلى "رفض الشعب المصري أن يمس أحد سيادته على أرضه حتى ولو كانت الفصائل الفلسطينية التي استحوذت على مساندتهم على مدار عقود". وأعربت دعاء عن تخوفاتها تجاه ما يحدث في سيناء وخوفها من أن تصبح سيناء الأرض التي ينتقل إليها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. "بعض الفصائل الفلسطينية ترانا خونة لوجود معاهدة سلام بيننا وبين إسرائيل، وعلى الجانب الآخر ترانا إسرائيل نساعد المقاومة الفلسطينية ضدها ونحن ندفع الآن ثمن تدخلنا بينهم".
"الشعب المصري غاضب مما تقوم به بعض الفصائل الفلسطينية على أرضه في سيناء"، يقول مصمم الدعاية والإعلان إسلام نبيل. ويرى نبيل أن التعامل الرسمي، هو الذي يجب أن يحكم العلاقة بين السلطات المصرية والفصائل الفلسطينية من الآن فصاعداً. ويقول نبيل لـDW عربية: "الأنفاق جميعها يجب أن تردم لأنها لا تجلب لمصر سوى المخدرات والسلاح مما يمثل خطراً على الأمن القومي المصري". وعبر مصمم الدعاية والإعلان المصري عن تخوفه من تزاوج الجهل مع أفكار تلك الفصائل "لنجد فجأة من يخرج علينا لإعلان سيناء إمارة إسلامية".
"غضب شعبي كبير"
وكان لـDW عربية حديث مع مستشار الأمن القومي الأسبق في سفارة مصر بواشنطن حمدي السيد، الذي أرجع ما يحدث في سيناء إلى تداخل مصالح أكثر من جهة. ويقول السيد موضحاً: "الخريطة الإستراتيجية لمنطقة الحدود المصرية-الإسرائيلية تؤثر وتتأثر بمصالح كل من أمريكا ومصر وإسرائيل". ويضيف السيد: "تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على أمن إسرائيل وعلى تأمين نقل بترول الخليج العربي عبر قناة السويس إليها، بجانب تمسك الجانبين المصري والإسرائيلي بثوابت أمنهما القومي".
ويرى السيد أن لا مجال للمساس بأي من تلك المصالح وإلا قد يؤدي ذلك إلى عمل عسكري، موضحاً: "لذا تسعى كل من الفصائل الفلسطينية وبعض عناصر بدو سيناء إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة كورقة ضغط لخدمة مصالحها".
وفيما يتعلق بالعلاقات الرسمية المصرية-الفلسطينية يرى حمدي أن تلك العلاقات دائماً ما يشوبها "مد وجزر"، إذ تمر بفترات من "التوافق المشوب بالحظر" وفترات أخرى من الفتور. ويضيف السيد بالقول: "الإدارة المصرية تحرص دائماً على الحفاظ على حالة من التوازن بشكل يحفظ لمصر علاقتها مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة وأيضاً بعض الدول العربية المتعاطفة مع الفلسطينيين".
لكن مستشار الأمن القومي الأسبق في سفارة مصر بواشنطن يرى الأمر مختلفاً بالنسبة للشارع المصري، ويوضح قائلاً: "الشعب المصري عاطفي بطبعه، فتعاطفه مع الفلسطينيين كان طبيعياً وهو يرى الاستخدام المفرط للقوة العسكرية الإسرائيلية تجاههم". ويستدرك السيد: "لكن الأمر قد يختلف بعد حادثة رفح، فإذا ثبت تورط عناصر فلسطينية فيها فسوف يسفر ذلك عن غضب شعبي كبير في مصر، فالمصري يغير على أرضه وجيشه وشرفه".
أحمد حمدي
مراجعة: عماد غانم