هل إعادة مراقبة الحدود هي رسالة إلى أوروبا؟
١٥ سبتمبر ٢٠١٥"إذا كان موقف اتخاذ القرارات ينطلق من الرغبة الحقيقية فيها أو نتيجة خوف ما، فإن ألمانيا اختارت موقفا ينطلق من الخوف"، هكذا انتقدت إحدى مستخدمات تويتر القرار الألماني، والذي يشكل في رأيها عودة ألمانيا للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي، المسماة باتفاقية دبلن. وتنص هذه الاتفاقية على أنه يجب تسجيل اللاجئين عند دخولهم لأول دولة من دول الاتحاد الأوروبي، وأن القيام بإجراءات طلبات اللجوء يجب أن تتم في تلك الدولة التي دخلوها بداية، ويعني ذلك أن أولائك اللاجئين لايمكنهم مواصلة السفر للوصول إلى الدولة التي وقع اختيارهم عليها.
استقبال غير بيروقراطي
عشرات الآلاف من اللاجئين الذين وصلوا إلى المجر، كانوا يودون اللجوء إلى ألمانيا، فسمحت الحكومة الألمانية برحيلهم من المجر والسماح لهم بدخول ألمانيا بشكل غير بيروقراطي، حيث تم تسجيلهم فيها كلاجئين.
تمر طرق الهروب الرئيسية للاجئين من سوريا والعراق وأفغانستان، عبر اليونان والمجر، ومن هناك يمكنهم الوصول إلى النمسا وألمانيا. لكن المجر في ظل حكومة فيكتور أوربان تنتهج موقفا متشدداً فيما يتعلق بسياسة اللجوء، ولذلك فقد قامت ببناء سياج على حدود صربيا لمنع اللاجئين من الوصول إليها، بل واستخدمت أيضاً الغاز المسيل للدموع في مواجهتها للاجئين، كما إن الظروف كارثية في عدد من مخيمات اللاجئين هناك.
خلال الأسابيع الماضية، سمحت المجر لعدد من الاجئين بمواصلة الرحلة باتجاه غرب أوروبا، مخالفة بذلك القواعد الأوروبية. وقد احتشد الآلاف من اللاجئين ومن بينهم أطفال لمواصلة رحلتهم الشاقة إلى ألمانيا، سيراً على الأقدام ولمسافات طويلة. وفي مواجهة هذا الوضع المأساوي في المجر قررت الحكومة الاتحادية تعليق العمل باتفاقية دبلن على المدى القصير.
منذ ذلك الحين، ارتفعت الهجرة بشكل حاد في ألمانيا. مدينة ميونخ، التي يصلها معظم اللاجئين عبر النمسا، شهدت وصول أكثر من 60 ألف لاجئ نهاية شهر أغسطس/آب الماضي.
ثقافة ترحيب جديدة
في عدة مناطق من ألمانيا، تم استقبال اللاجئين استقبالاً حاراً، وشارك عدد كبير من المتطوعين في الترحيب بالقادمين بالتصفيق لهم في محطة القطار بميونخ، كما قاموا بتوزيع المواد الغذائية والمشروبات على الاجئين. وفي مناطق أخرى تم أيضا تقديم المساعدة والدعم من طرف المواطنين. فبعد إضرام النار عمداً في عدد من منازل الاجئين، وبعد مظاهرات مناهضة للهجرة، يتحدث الكثيرون الآن بحماس عن وجود "ثقافة ترحيب جديدة" في ألمانيا.
لكن هذا جانب واحد من الصورة، ففي الأيام الأخيرة، طالب العديد من السياسيين المنتمين للائتلاف الحاكم بالحد من دخول اللاجئين، كما أصر سياسيون على ضرورة قيام تضامن أوروبي لحل أزمة اللاجئين. وقد أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الأيام الأخيرة مراراً وتكراراً على أن دول اتفاقية شنغن قد تصبح في خطر في حال عدم تقسيم العبء بشكل عادل، حيث إن ألمانيا تستقبل حالياً العدد الأكبر من اللاجئين. وتطالب ميركل بحصص ملزمة للاجئين على مستوى أوروبا، غير أن الإقتراح لا يجد قبول دول شرق أوروبا بالخصوص.
ربما تريد الحكومة الاتحادية الضغط على الشركاء في أوروبا للعمل على إيجاد حل لأزمة اللاجئين على المستوى الأوروبي. فالقرار الألماني يوضح الحاجة الملحة وضرورة العمل على حل أزمة اللاجئين، كما يرى أيضاً رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر، الذي يدافع على فكرة الحصص عند استقبال اللاجئين، ولكن دون جدوى.
صعوبة استقبال المتوافدين
لقد تم فرض رقابة على الحدود يوم الأحد، بناء على رغبة مباشرة وملحة من طرف ولاية بافاريا، حيث فاقت أعداد اللاجئين القدرة الاستيعابية بالولاية. كما تمت مناقشة هذا الإجراء بين رؤساء أحزاب الائتلاف الحاكم. وأوضح رئيس وزراء بافاريا هورست سيهوفر ضرورة مراقبة الحدود مجدداً من أجل استعادة النظام.
بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، تعد هذه الحالات الاستثنائية مشروعة تماماً لمدة قد تصل إلى 30 يوما. ففي عام 2013 قرر الاتحاد الأوروبي في اتفاقية شنغن، أنه يمكن للدول الأعضاء إعادة الرقابة على الحدود إن كانت تخشى وصول أعداد كبيرة من اللاجئين.
من جهته أوضح وزير الداخلية الألماني دي ميزيير يوم الأحد أن الهدف هو "الحد من تدفق اللاجئين إلى ألمانيا"، وربما يكون ذلك الإجراء مناسباً أيضاً لإرسال رسالة إلى العالم، مغزاها أن ألمانيا تتحمل مسؤوليتها، لكنها تطالب أيضاً بتوزيع أكثر إنصافاً تجاه هؤلاء الوافدين على الدول الأوروبية. وأضاف الوزير دي ميزيير، الذي ينتمي للاتحاد الديمقراطي المسيحي: "لا يجب المبالغة في استغلال هذا الاستعداد الكبير في تقديم المساعدة، والذي يسود ألمانيا"