هراوات في مأوى لاجئين - شجار لأسباب دينية؟
٢١ أغسطس ٢٠١٥هدوء حذر يسود المكان. الشاب الذي تغطي ضمادات جروحا في وجهه لا يريد في الواقع قول أي شيء حول الشجار، الذي اندلع في مأوى لللاجئين في مدينة زول الألمانية. ثم يقول الشاب، الذي يصف نفسه بالمسلم: "قلبي يبكي". ويبدو الرجل، الذي يعيش منذ 26 يوما في مأوى مكتظ باللاجئين في ولاية تورينغن الألمانية، أنه يعاني من اضطرابات نفسية. ويوضح أنه لا يمكنه أن يقبل بأن لاجئا آخر يبلغ من العمر 25 عاما يمزق صفحات من القرآن ويلقي بها في المرحاض، ويقول: "إنه قرآننا".
بعد هذه العملية تصاعد التوتر في مأوى اللاجئين في ليل الأربعاء الخميس، حيث نشب شجار اسخدمت فيه قضبان حديدية وحجارة وأثاث، الأمر الذي استدعى تدخّل 120 رجلا من الشرطة بالإضافة إلى رجال المطافئ وطاقم إسعاف.
وزير الهجرة لولاية تورينغن ديتر لاوينغر من حزب الخضر، والذي زار شخصيا أمس الخميس مأوى اللاجئين في زول عقب المشاجرة العنيفة التي أسفرت عن إصابة 17 شخصا بجروح، تحدث عن "مشاحنة ذات دوافع دينية تحولت إلى مشاجرة". واعتبر أن ما حدث لا يمكن وصفه إلا بمحاولة "إعدام بدون محاكمة"، مشددا على أنه بذلك تم تجاوز الخط الأحمر. وتحدث المقيمون عن أوضاع مشابهة للحرب الأهلية. وأضاف الوزير خلال زيارته للمقر أمس الخميس أنه "عندما يعيش مجموعة من الأشخاص مع بعضهم البعض في مكان ضيق، فإن الأمور لا تجري بدون نزاعات"، مشددا على ضرورة محاولة الحد من هذه النزاعات.
اكتظاظ وأناس يعانون من أزمات نفسية
بيد أن عدد اللاجئين في ارتفاع مستمر وهذا ليس في ولاية تورينغن فحسب، حيث تعمل السلطات وبارتباك على توفير أماكن في مدينتي مولهاوزن وغيرها لاستقبال عدد متزايد من اللاجئين. وهو ما أشار إليه الوزير الذي تعرض لانتقادات مفادها، أن طاقة الاستيعاب للمأوى قد تم تجاوزها بما يصل إلى 600 شخص إضافي. وفي الواقع، ترى المعارضة ومستشارية المهاجرين أن المشكلة تكمن في مآوي اللاجئين المكتظة. وفي سياق متصل تقول إيلين كونيكر من مستشارية المهاجرين: "الوضع سيء إلى درجة أنه لا يمكن الحديث عن مستوى نظافة أو إقامة تليق بالانسان. حتى تزويد الناس بالطعام يتطلب منهم صبرا طويلا."
من جهته، انتقد وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير بشدة المشاجرة التي وقعت في مأوى اللاجئين في زول. وقال دي ميزيير مساء أمس الخميس (20 آب/أغسطس 2015) في برلين، إنه لا يفهم مثل هذا العنف بين طالبي اللجوء، مشيرا إلى أنه من الضروري التعامل بصرامة مع مثل هذه المشاجرات كما يتم التعامل مع الاعتداءات التي تقع عليهم. وأكد الوزير قائلا: "على من يتوقع منا الحماية (...) ويتم استقباله في أراضينا أن يلتزم بالقانون والأعراف الألمانية". إلا أن الوزير اعترف بأن مقار الإيواء الجماعية ترتبط عامة بالمخاطر، حيث قال "كلما اجتمع عدد كبير من البشر في مكان ضيق ازداد الأمر صعوبة". وأوضح الوزير أنه لو قررت حكومة ولاية تورنغن عزل طلاب اللجوء وفقا لجنسياتهم، فمن الممكن عمل ذلك، وهناك أمثلة سابقة على تطبيقه.
وبعد الشجار العنيف تم اعتقال المتسبب فيه – وهو شاب من أفغانستان – ووضعه في الحبس الاحتياطي. أما اللاجئون، فتراهم متجمعين في مجموعات صغيرة ويتناقشون، فيما ودع آخرون أصدقاءهم الذين نقلوا على متن حافلات إلى مقرات إقامة أخرى. والجميع يوحدهم الأمل في أن يتم منحهم حق اللجوء في ألمانيا. ولربما يكون ذلك وراء قيام الشاب بتمزيق صفحات من القرآن ورميها في المرحاض، على ما يقول العديد من اللاجئين الذين أشاروا إلى أنه أراد اللعب على المشاعر الدينية واستخدامها كورقة لصالحه. "لقد كان يريد لفت الأنظار إليه"، على ما يقول شيخ من إيران.