"نموذج يحتذى به".. كيف نجحت بلدة برتغالية في إدماج المهاجرين
١١ أغسطس ٢٠١٩في يونيو/ حزيران 2018، كانت أكواريوس واحدة من أوائل سفن الإنقاذ التي اعترضت الحكومة الإيطالية على عملها بعد أن أغلقت الباب أمام عمل المنظمات غير الحكومية التي تقوم بإنقاذ المهاجرين من البحر المتوسط. كان على متن أكواريوس 630 مهاجرا وتم توزيعهم في جميع أنحاء أوروبا، استقر 19 منهم في بلدة صغيرة تسمى فونداو في البرتغال.
بعد مرور عام على محنتهم، تزدهر حياة هؤلاء اللاجئين في بلدهم الجديد. قامت سلطات المدينة عام 2017 بتحويل مدرسة كاثوليكية سابقة إلى مركز لاستقبال اللاجئين، تحيط به الحقول الخضراء الواسعة من كل اتجاه. يضم المركز حوالي 30 لاجئًا، بما في ذلك من أنقذتهم أكواريوس. معظم المهاجرين من نيجيريا والسنغال وإريتريا والسودان - وهي البلاد التي دفعتهم فيها الحرب الأهلية والفقر إلى البحث عن حياة جديدة في أوروبا. من بين هؤلاء ديبورا أوساريتين (21 عاما) والتي فرت من جماعة بوكو حرام المتطرفة في نيجيريا.
دمج المهاجرين أولوية قصوى
تقضي أوساريتين أيامها في العمل بالمطبخ تصنع وتبيع الكسكس - وهو طبق شعبي في بلدها الأم. عملها هو جزء من برنامج تدفع نفقاته الحكومة المحلية، كما أنها مسجلة في برنامج أوروبي لمدة 18 شهرا لتعزيز اندماج الوافدين الجدد من خلال تعليمهم المهارات اللغوية وتنمية مهاراتهم الشخصية من أجل الحصول على عمل.
في غضون ستة أشهر، سيكون على أوساريتين أن تتخلى عن غرفتها في المدرسة الكاثوليكية السابقة وتبدأ في إعالة نفسها دون مساعدة من السلطات. قد تبدو هذه مهمة شاقة، لكن أوساريتين تبدو ممتنة بما لديها، على الرغم من أنها "لن تنصح أي شخص أن يفعل ما فعلته".
وتتذكر رحلة لجوئها وما عاناته خلالها، قائلة: "في كل يوم أفكر في المخاطر التي كنت أمر بها، حيث خارت قواي تماما وبقيت بدون ماء للشرب". لكنها الآن سعيدة جدا وتقول لوكالة الأنباء الفرنسية (ا ف ب) "بصراحة، أنا سعيدة للغاية لأن لدي الآن سقف فوق رأسي ولدي عمل وآكل جيدًا". وهدفها هو أن "تكون لدي حياة هنا وأن أجد زوجا وأنجب سبعة أطفال".
الوصول إلى بلد آمن
تشارك ديبورا أوساريتين غرفتها مع أوغستينا سنداي، وهي أيضا لاجئة نيجيرية تعمل في بستان كرز. تحدث مهاجر نيوز إلى سنداي عن تجربتها منذ وصولها إلى فونادو، قالت إنها لم تسمع بالبرتغال من قبل إلى أن وصلت إلى أوروبا. تمت إعادة توطين سنداي في البرتغال وهو ما حدث مع كل من كانوا على متن أكواريوس من المهاجرين، حيث كانت السفينة واحدة من أوائل السفن التي رفضت السلطات الإيطالية إرساءها في إحدى موانئها. وتقول سنداي لمهاجر نيوز متذكرة رحلتها "ما أعرفه الآن، هو أن البرتغال بلد آمن ومسالم".
الافتخار باستقبال اللاجئين
منذ الصيف الماضي، أبدت البرتغال أكثر من مرة استعدادها لمواصلة استقبال المهاجرين بعد اشتراكها في برامج إعادة التوطين الأوروبية، وقالت إنها ستنظر في طلبات إعادة التوطين المقدمة من المهاجرين خصوصاً أولئك الذين تم إنقاذهم بواسطة سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات الإنسانية.
وفي عام 2018، قبلت البرتغال باستضافة 86 مهاجراً تم إنقاذهم من البحر المتوسط. إجمالاً ومنذ عام 2015، وصل ما يقرب من 2000 مهاجر إلى البرتغال.
في الأشهر الأخيرة، أظهرت البرتغال بشكل متكرر اهتماما كبيرا بالانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في الترحيب بالمهاجرين الذين رفضتهم إيطاليا وغيرها. وتريد البرتغال محاربة التدهور الديموغرافي ونقص العمالة لديها مع التأكيد على سمعتها كدولة "إنسانية".
وقالت روزا مونتيرو، وزيرة الخارجية المكلفة بشؤون اللاجئين، لوكالة فرانس برس إن حوالي نصف اللاجئين والمهاجرين في البرتغال وجدوا عملاً في مجالات الزراعة أو المطاعم أو صناعة الملابس أو البناء، في حين أن غالبية من تبقوا دون عمل إما ما زالوا منخرطين في برامج التدريب والاندماج، أو غادروا البلاد وذلك في الأغلب للانضمام لأسرهم في بلدان أخرى.
ترغب بلدة فونداو الصغيرة في تقديم نفسها كوجهة نموذجية لدمج المهاجرين. ولا يقصد بذلك فقط أن تكون مكاناً لإظهار قيم الحداثة، ولكن أيضا أن تكون جزء من خطة لمواجهة الهجرة من الريف.
وقال رئيس بلدية فونداو باولو فرنانديز لوكالة فرانس برس: "يسعدنا مشاركة المهاجرين في تطوير أعمالنا وخلق قيمة.. لقد تجاوزنا المرحلة الأولى من عدم الثقة لنتحول إلى الفخر باستقبال اللاجئين".
سرتان ساندرسون/ عماد حسن
المصدر: مهاجر نيوز