"سالفيني حوّل الهجرة إلى مشكلة ليكون هو المنقذ"
٢١ يونيو ٢٠١٩انتُخب بيترو بارتولو، المعروف باسم طبيب المهاجرين الإيطالي، للبرلمان الأوروبي كمرشح عن الحزب الديمقراطي (يسار وسط) في إيطاليا. في انتخابات أيار/ مايو، حصل على 274 أف صوتا، وحل في المرتبة الخامسة كأكثر المرشحين الذين حصلوا على أصوات انتخابية، وذلك على الرغم من أن أصواتا قليلة فقط جاءته من جزيرة لامبيدوسا مسقط رأسه.
ويقضي بارتولو الآن أربعة أيام في الأسبوع في بروكسل ليستعد للجلسة العامة الأولى للبرلمان الأوروبي في 2 يوليو/ تموز القادم. بيد أنه في نهاية كل أسبوع يسافر إلى مسقط رأسه جزيرة لامبيدوسا، والتي تبعد عن السواحل الليبية والتونسية حوالي 22 كيلومترا، وهناك يعود الطبيب إلى روتينه المعتاد: بصفته مدير الخدمات الصحية بالجزيرة، والمسؤول أيضا عن تقديم الإسعافات الأولية للمهاجرين الذين وصلوا إلى هنا.
بتاريخ 15 يونيو/ حزيران كان ينتظر على الشاطئ، لاستقبال 10 لاجئين كان من بينهم امرأتان حوامل وثلاثة قاصرين، حيث تم السماح لهؤلاء بمغادرة سفينة الإنقاذ "سي ووتش3" لأسباب طبية. السفينة تمكنت من إنقاذ أكثر من 50 مهاجراً قبالة ساحل ليبيا في 12 يونيو/حزيران وأبحرت باتجاه لامبيدوسا. لكن الحكومة الإيطالية لم تسمح للسفينة بالرسو. وكان وزير الداخلية ماتيو سالفيني وزعيم حزب الرابطة اليمينية المتطرفة قد وقع مرسومًا جديدًا بتغريم المنظمات غير الحكومية التي تنقذ المهاجرين في البحر. فيما يلي نص المقابلة مع بارتولو:
مهاجر نيوز: ما الذي يحدث مع سفينة الإنقاذ "سي ووتش"؟
بيترو بارتولو : في كل مرة يتم فيها عملية إنقاذ من قبل منظمة غير حكومية، يبدأ سالفيني هذه المهزلة. في الواقع ، هناك قوارب صغيرة تحط هنا طوال الوقت، وهو لا يقول شيئًا، وهو يقول إن الموانئ مغلقة. لكن الموانئ مفتوحة. يوم السبت (15يونيو/حزيران) سمح لعشرة أشخاص بدخول إيطاليا، لكن أتمنى أن يتم استقبال الآخرين أيضًا. لقد أنقذتهم "سي ووتش" ، والآن يسميهم مجرمين. حسب رأي سالفيني، إن منظمة " سي ووتش" تعرض المهاجرين للخطر. إنه جنون. إنهم يريدون إجبارهم ( سي ووتش)على إعادة هؤلاء الأشخاص إلى ليبيا، المكان الذين هربوا منه وتوجهوا إلى البحر. مع العلم أنهم كانوا يخاطرون بحياتهم.
مهاجر نيوز: هل كان الوضع في ليبيا سيكون سيئا بدون الصفقة المثيرة للجدل التي أبرمها وزير الداخلية السابق ماركو مينيتي مع ميليشيات قبلية وخفر السواحل الليبية؟
لقد فعل مينيتي شيئًا أدنته منذ اللحظة الأولى، وهو ما دفعني إلى الابتعاد عن الحزب الديمقراطي - رغم أنني جزء منه الآن من خلال Demos ، وهو حزب صغير. لقد بدأ مينيتي في هذا المسار، واستفاد سالفيني منه، وأنا أعتبره عملا شنيعا، لم أتفق معه مطلقًا. نحن مذنبون بالفعل، إن عقد اتفاقات مع ليبيا لخفض تدفق المهاجرين بشكل غير قانوني يعني إنشاء معسكرات اعتقال هناك، في رأيي.
مهاجر نيوز: ما الذي يمكن أن تفعله أوروبا إزاء المرسوم الأمني الإيطالي الجديد؟
المرسوم الأمني الجديد غير دستوري وينتهك جميع المعايير الدولية. يجب أن يتم التراجع عنه. أتمنى بعد أن أبدأ عملي في البرلمان الأوروبي، أن أتمكن من جعل قدوم هؤلاء الأشخاص إلى هنا بأمان عبر الممرات الإنسانية والقنوات العادية وليس عبر البحر، هذا أمر خطير. من الضروري لأوروبا أن تعتبر الهجرة ظاهرة هيكلية وليست حالة طارئة.
مهاجر نيوز: حقق حزب الرابطة المناهض للهجرة والذي ينتمي إليه وزير الداخلية الالايطالي ماتيو سالفيني فوزا تاريخيا في الانتخابات الأوروبية، إذ حصل على بنسبة 34 في المائة من الأصوات. في لامبيدوسا، حصل الحزب على 45 في المائة من الأصوات، رغم أن نسبة المشاركة في التصويت لم تتجاوز الـ26 بالمئة . كيف تفسرون نتائج الانتخابات هذه؟
إنه تصويت احتجاجي. في لامبيدوسا ، يطالب الناس الدولة بفعل شيء ما. في الواقع ، تم التخلي عن الجزيرة، بعد أن تحملت عبء الهجرة لمدة 30 عاما.
بيد أنني أود القول أنني كنت مستاء قليلا. فهم أبناء بلدتي، وانا قمت بالكثير من أجلهم. كان عليهم أن يدركوا أن أحدا من أبناء لامبيدوسا يريد الوصول إلى البرلمان الأوروبي. وألا تكون الأصوات التي أدلوا بها نوعا من الاحتجاج. بل كان بإمكانهم إرسال إشارة دعم لابن بلدتهم.
مهاجر نيوز: كيف أثرت الهجرة على الخيارات الانتخابية؟
لقد خلق حزب الرابطة هذا العدو. وجدوا عدوًا (يمكن الاعتماد عليه) لتخويف الناس، هذا خلق أرضا خصبة (حتى يتمكنوا) من التحدث عن الأمن، والقول"يمكننا حمايتك من هذا العدو". إنهم يفعلون كل ذلك لكسب التأييد. الخوف والجهل والكراهية كل ذلك يساعد على كسب المزيد من المؤيدين.
الهجرة ليست هي المشكلة. نحن نتحدث عن أشخاص بحاجة إلى رعاية إنسانية . الهجرة مشكلة أنشأها ماتيو سالفيني والسياسيين الآخرين من أجل تبرير كل شيء آخر. و المقلق هو أن فكرتهم تدور حول تقطيع أوروبا، وبقاء أوروبا ضعيفة يعني بالتأكيد هلاكها.
مهاجر نيوز: ايطاليا لديها تاريخ مع الهجرة. هل تم نسيان هذا؟
نحن دولة غريبة، تمكنت من التفوق في جميع القطاعات: التكنولوجيا والفنون والتصميم والبيئة. الاختلاف الثقافي، وتعدد الأعراق والجنسيات والثقافات كل ذلك شكل ما نسميه الشعب الإيطالي.
لكننا نسينا هذه الأشياء. كما أننا نسينا أننا هاجرنا إلى دول مختلفة مثل الأرجنتين والولايات المتحدة وكندا وأستراليا. حتى سويسرا كانت من البلدان التي استقبلت الكثير من المهاجرين الإيطاليين. هجرة الإيطاليين لا زالت مستمرة حتى الآن. في هذا العام هاجر 25 ألف شخص من إيطاليا. وسنويا يهاجر الكثير من شبابنا، وبالتأكيد السبب لا علاقة له بوجود المهاجرين الذين "يستحوذون على وظائف الإيطاليين".
مهاجر نيوز: كيف يمكن مكافحة هذه المعلومات المضللة تجاه المهاجرين في أوروبا؟
لو قرر جميع المهاجرين الذين يعيشون ويعملون في إيطاليا المغادرة فسوف تموت هذه البلاد. يعد تغيير اتفاقية دبلن أمرًا مهمًا. إذ تفرض هذه الاتفاقية على طالبي اللجوء البقاء هنا. وتغيير هذه الاتفاقية، يتيح لهم إمكانية اختيار مكان إقامتهم.
ليس صحيحا أن هناك توافد كبير للاجئين. لكن سالفيني يحاول أن يجعل من اللاجئين مشكلة ليتمكن من خلق أرض خصبة ليقول "أنا هنا ، المنقذ".
مهاجر نيوز: ما مدى تفاؤلك؟
من الممكن تغير الكثير، فالوقت لم يفت. وقضية الهجرة هي التي دفعت بي للذهاب إلى بروكسل. أريد أن أؤكد للأخرين أن الهجرة ليست مشكلة، بل هي ظاهرة تحدث بين الحيوانات أيضًا. كلنا نهاجر إلى الأماكن التي تجعلنا نعيش في وضع أفضل.
إرينه كاسيلي/ ع.ج - مهاجر نيوز