"نظم التعليم ليست وحدها مسؤولة عن ظاهرة هجرة الكفاءات"
١٩ أبريل ٢٠٠٩خلال ندوة أوروبية- مغاربية نظمتها المؤسسة الألمانية للتعاون التقني/ GTZ بالتعاون مع "مؤسسة الثقافات الثلاث" نهاية الأسبوع الحالي في مدينة أشبيلية الأسبانية حول إشكالية علاقة نظم التعليم بظاهرة هجرة الشباب المغاربي إلى أوروبا، رأى خبراء أوروبيون ومغاربيون أن إصلاح هذه النظم في بلدان المغرب العربي يمكن أن يشكل أحد البدائل الناجعة لمعالجة مشكلة هجرة الشباب المغاربي إلى أوروبا، وخصوصا الهجرة غير الشرعية التي تشهد نموا ملحوظا رغم زيادة الحواجز الأمنية على حدود الاتحاد الأوروبي. لكن عز الدين اقصبي الخبير بمركز التوجيه والتخطيط للتعليم واستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس في الرباط ، اعترف في لقاء خص به دويتشه فيله بأن هجرة الشباب المغاربي وخصوصا فئة خريجي الجامعات لا تعود فقط إلى ضعف نوعية التكوين والتعليم وعدم ملاءمته لمتطلبات سوق العمل، بل ايضا إلى وتيرة التنمية الحالية التي لا تسمح بخلق فرص كافية للعمل وخصوصا بالنسبة للفئات المؤهلة، حيث تسجل دراسات أنجزها المركز الذي يعمل به الدكتور اقصبي، ان نسبة البطالة في صفوف الشباب المغاربة غير المؤهلين تبلغ 9 في المائة بينما تبلغ 36 في المائة في صفوف المؤهلين وخريجي الجامعات.
وأضاف الدكتور اقصبي أن هجرة الكفاءات تسبب مشاكل كبيرة للبلدان المغاربية. فمثلا في المغرب تفيد الدراسات " انه عندما يغادر 10 آلاف من المؤهلين سنويا يؤدي ذلك الى فقدان 2 الى 3 في المائة من الناتج المحلي الخام".
إصلاح التعليم وحده ليس كافيا
ويتفق الخبراء المغاربيون والأوروبيون على ان إصلاح نظم التعليم يعتبر أحد البدائل الضرورية، لكنه لن يكون وحده كفيلا بمعالجة معضلة الهجرة وعدم اندماج الشباب المؤهلين في سوق العمل ببلدانهم. وتقول الدكتورة ايلفيرا غانتر مديرة مكتب برنامج العلاقات الثقافية مع الدول الإسلامية في المؤسسة الألمانية للتعاون التقني والفني/ GTZ ان "اصلاح نظم التعليم لا ينبغي ان يطرح كبديل مباشر لمعالجة مشكلة الهجرة، وانما يمكن ان يشكل أرضية أساسية لخلق مناخ يساعد الشباب على الاستقرار في بلدانهم المغاربية، وعلى إيجاد الفرص التي تجتذبهم للاستقرار عبر تطوير كفاءاتهم الشخصية والإنتاجية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يساهم في تنمية بلدانهم".
ولهذا تدعم المؤسسة الألمانية برامج عديدة لإصلاح التعليم ولكن أيضا لإدماج الشبان خصوصا في المناطق التي تشكل مصادر للهجرة غير الشرعية، كما تنفذ بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي برامج لمساعدة الشبان المهاجرين الذين يعودون إلى بلدانهم من خلال مساعدتهم على إقامة مشاريع تنموية.
تعزيز الشفافية لضبط إنفاق الموازنات المخصصة للتربية
أظهرت دراسة انجزتها منظمة الشفافية الدولية/ ترانسبارينسي انترناسيونال حول تدبير الموارد المالية المخصصة لبرامج التعليم الابتدائي في دول شمال افريقيا، ان هنالك نفقات كبيرة ترصد، لكن قدرا ضئيلا جدا منها يصل الى المستفيد أي التلميذ. ولذلك يدعو الدكتور اقصبي الى نهج مقاربة جديدة تقوم على مشاركة أولياء التلاميذ وهيئات المجتمع المدني في مراقبة كيفية إنفاق الموازنات المخصصة للتربية سواء كان مصدرها محليا أو من جهات أوروبية أو دولية مانحة.
بدورها تؤكد الدكتورة غانتر ان من أولويات أجندة البرامج التي تنفذها المؤسسة الألمانية للتعاون التقني والفني في منطقة المغرب العربي، تشجيع الحكم الرشيد وتدعم برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ولتنفيذ برامجها تعتمد المؤسسة الألمانية على الشراكات مع الهيئات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية. وتستفيد بلدان المغرب من برامج مساعدات تقنية تنفذها المؤسسة لبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص لاستقرار الشباب ودعم الإصلاحات في ميادين التكوين والتعليم. وبلغت قيمة المساعدات للمغرب حوالي 640 مليون يورو عام 2007 خصص 31 في المائة منها لبرامج التنمية الاقتصادية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والتدريب المهني وتشجيع القروض الصغيرة ومكافحة الفقر. كما استفادت تونس من مساعدات ألمانية تقنية تجاوزت قيمتها 554 مليون يورو وبلغت قيمة المساعدات للجزائر 42,7 مليون يورو في عام 2007.
الكاتب: منصف السليمي – أشبيلية
المحرر: ابراهيم محمد