"نجاح الثورة الليبية يزعج الجزائر لكنه لا يعزلها"
٣٠ أغسطس ٢٠١١أعلنت وسائل إعلام جزائرية أن الجزائر ستغلق حدودها الجنوبية مع ليبيا بعد يوم من إغضابها للحكام الجدد في ليبيا إثر منحها اللجوء لأفراد من أسرة معمر القذافي، في مؤشر على مزيد من التدهور في العلاقة بين المجلس الانتقالي الليبي والنظام الجزائري. فقد قال المتحدث باسم حكومة الثوار محمود شمام إن "إنقاذ عائلة القذافي ليس عملا نرحب به أو نفهمه". وأضاف شمام قائلا: "نريد أن يعود هؤلاء الأشخاص ونحن نضمن إجراء محاكمة عادلة".
وكانت الخارجية الجزائرية قد أعلنت في بيان أن "زوجة معمر القذافي صفية وابنته عائشة وابنيه هانيبال ومحمد، يرافقهم أبناؤهم، دخلوا الجزائر عبر الحدود الجزائرية الليبية". يشار إلى أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي لم تعترف بعد بالمجلس الوطني الانتقالي. كما دأب الثوار على توجيه الاتهامات إلى النظام الجزائري بدعم القذافي بالسلاح والمرتزقة وهو ما نفته الجزائر في أكثر من مناسبة.
وفي حوار مع دويتشه فيله أوضح الباحث الجزائري حسني عبيدي، رئيس مركز الدراسات المتوسطية والعالم العربي في جنيف، أن خلفية موقف الحكومة الجزائرية تقوم على "العلاقة المتميزة بين نظام معمر القذافي والجزائر في مجالات عدة منها ما يسمى بالحرب ضد الإرهاب وبقضايا دبلوماسية إفريقية عربية ودولية".
الخوف من انتقال عدوى الثورة؟
يفسر عدد من المراقبين موقف النظام الجزائري من الأزمة الليبية بالخوف من انتقال عدوى الثورة خصوصا وأن الحذر بل والصمت الذي التزمته الجزائر شمل أيضا الثورتين المصرية والتونسية.
فالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يتولى الحكم منذ 12 سنة، يواجه معارضة متصاعدة. كما يسعى إلى ولاية جديدة من خمس سنوات في عام 2014. أما الاحتجاجات الشعبية فووجهت إما بالقمع والمنع أو بإجراءات "شراء السلم الاجتماعي"، وإجراءات مالية واجتماعية كرفع الرسوم على المواد الغذائية وذلك بهدف إزالة فتيل الغضب الشعبي.
إلا أن حسني عبيدي ينظر إلى هذا الأمر من وجهة نظر أخرى موضحا أن "نجاح الثورة الليبية يشكل حقا مصدر إزعاج للجزائر، إلا أنني لا أعتقد أن النظام الليبي الجديد بإمكانه تصدير النموذج الليبي الجديد إلى الجزائر". وأضاف أن "الإعلام الرسمي الجزائري يمكنه استخدام تعثر النماذج المصرية والتونسية والليبية للقول بأنها لا تؤدي إلا للفوضى والاقتتال". ويشير عبيدي إلى أهمية الجانب الاقتصادي لفهم الموقف الجزائري ويقول: "هناك علاقات اقتصادية، فشركة سوناتراك النفطية الجزائرية لديها أكثر من حقلين في ليبيا ما جعل العلاقات استثنائية بين القذافي وبوتفليقة".
تعثر الدبلوماسية الجزائرية
وتتعرض القيادة السياسية في الجزائر لانتقادات واسعة داخل الجزائر وخارجها بسبب موقفها من الأزمة الليبية. ففي تصريح لصحيفة "الخبر" الجزائرية اعتبر عبد العزيز رحابي وزير الإعلام الجزائري السابق أنه بموقفها هذا تكون الجزائر قد ربحت عدوا جديدا على حدودها، منتقدا موقف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وأضاف رحابي أن "المسؤولين في الجزائر لا يزالون يعيشون في مرحلة الحرب الباردة، ولم يصلوا بعد إلى براغماتية العلاقات الدولية التي أصبحت الميزة اليوم في العلاقات بين الدول. كما تناولت الصحف الجزائرية المستقلة بإسهاب هذا الموضوع واعتبرت أن الدبلوماسية الجزائرية لعبت الورقة الخاسرة ما جعلها تبدو معزولة إقليميا ودوليا. ويرى حسني عبيدي بدوره أن "الجزائر أخطأت عندما لم تفتح قناة مع المجلس لانتقالي ما سمح لأطراف في هذا المجلس بتوجيه الاتهامات للجزائر بدعم القذافي".
إلا أن عبيدي يقلل في الوقت نفسه من شأن تداعيات الموقف الجزائري على المدى البعيد بقوله "لا أعتقد أن الجزائر يمكن أن تعيش عزلة إقليمية أو دولية نظرا لثقلها الديموغرافي وقوتها الاقتصادية وهي التي تشكل قاطرة أساسية في منطقة المغرب العربي".
ويرجح عبيدي أن تغير الجزائر موقفها خصوصا بعد القبول الأممي والإفريقي بالقيادة الليبية الجديدة معتبرا أن "الجزائر تعي جيدا أن ليبيا لا يمكنها الاستغناء عن الجزائر كجار وشريك بحكم حتميات الجغرافيا السياسية". وأشار عبيدي إلى أن علاقات الجزائر بالقذافي، عكس ما يعتقد، لم تكن دائما علاقات سهلة خاصة في عدد من الملفات كقضية الطوارق. يشار إلى أن القذافي كان قد اقترح عليهم تأسيس كيان خاص بهم، وهو ما أغضب الجزائر كثيرا.
حسن زنيند
مراجعة: أحمد حسو