ناشطون مغاربة يواصلون احتجاجاتهم على الحدود مع مليلية
١٨ أغسطس ٢٠١٠قام ناشطون مغاربة في الساعات الأولى من اليوم الأربعاء للمرة الثانية في غضون ستة أيام بسد معبر حدودي يؤدي إلى مدينة مليلية الإسبانية. ورغم أن المظاهرة الاحتجاجية لم تستغرق سوى ساعة فقط، إلا أن متظاهرا قال لوكالة الأنباء (أ.ب) إن المتظاهرين يعتزمون سد الطريق المؤدية إلى مدينة مليلية الإسبانية مرة أخرى خلال هذا اليوم.
وكان المتظاهرون يسعون إلى قطع إمدادات الخضر والسمك التي تصل مليلية من المدن والقرى المغربية المحيطة بها. وتأتي هذه المظاهرات احتجاجا على المعاملة "السيئة" و"المهينة" للمغاربة، الذين يحاولون دخول الجيب. وكانت الحكومة المغربية قد أصدرت مذكرات احتجاج رسمية تتهم فيها الشرطة الإسبانية بإصابة خمسة مغاربة كانوا يحملون العلم المغربي لدى محاولتهم دخول مليلية، فضلا عن استخدام الشرطة الإسبانية "العنف" ضد طالب مغربي عند نقطة تفتيش حدودية حسب المذكرة. وقالت الرباط إن الشرطة الإسبانية اعترضت قاربا كان يقل مهاجرين أفارقة، وتركتهم في المياه قبالة سواحل المغرب، لكن مدريد تنفي وقوع أي مخالفات من قبل الشرطة الإسبانية.
منظمة حقوقية إسبانية: ارتفاع المخالفات على الحدود
من جهتها، أكدت المنظمة الحقوقية الإسبانية "إس.أو.إس راسيسزو" في حوار مع دويتشه فيله "ارتفاع عدد المخالفات من قبل الشرطة الإسبانية ضد اللاجئين والمهاجرين السريين على الحدود وفي المدن وفي مراكز الإيواء". ولفتت المنظمة، التي تعنى بمكافحة العنصرية ومعاداة الأجانب، إلى أن هذه المخالفات تتمثل في "معاملات سيئة وفي حملات بوليسية". لكن مصدرا دبلوماسيا إسبانيا قال لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أمس الثلاثاء إن ما وقع منذ منتصف تموز/يوليو الماضي كانت عبارة عن "أحداث منفردة، يجب ألا تؤثر على العلاقات" بين مدريد والرباط.
ولا يزال نشطاء مغاربة ينظمون مظاهرات احتجاجية على الحدود "الإسبانية المغربية"، ويعرقلون دخول الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية أو مواد البناء إلى مليلية. وأعلنت نقابة العاملين بالشرطة الإسبانية عن إقامة دعوى قضائية بشأن اللافتات التي يحملها عدد من الناشطين، والتي ينظر إليها على أنها تمثل تشويها لسمعة الشرطيات الإسبانيات على الحدود.
هل يتصاعد التوتر بين الرباط ومدريد؟
ورغم المحاولات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد، إلا أنه يبدو أن التوتر لم ينفرج بعد. وترى منظمة "إس.أو.إس راسيزمو" أن سبب "التوتر الديبلوماسي" المستمر منذ منتصف الشهر الماضي يكمن في أن "المغرب ربما يسعى إلى المطالبة بفرض سيطرته على سبتة ومليلية". وبالفعل فقد وصفت الخارجية المغربية في مذكرات الاحتجاج التي أصدرتها مدينة مليلية "بالمحتلة". حيث لوح المتظاهرون على الحدود مع مليلية، وفي مواقع أخرى بالأعلام المغربية ووصفوا الجيبين الإسبانيين، بـ "الأراضي المحتلة".
وتخضع مليلية التي يبلغ عدد سكانها حوالي 70 ألف نسمة، وسبتة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 80 ألف نسمة، لسيطرة إسبانيا منذ عام 1497 و 1580 على الترتيب. وتؤكد مدريد أنها احتلت الجيبين حتى قبل وجود المغرب كدولة، في حين تعتبر الرباط سيطرة إسبانيا عليهما من بقايا عهد الاستعمار الأوروبي في القارة الإفريقية.
العلاقات المغربية الإسبانية بين المد والجزر
ويقول محللون، إنه حتى وقت قريب، كان للمغرب مصلحة اقتصادية في بقاء سبتة ومليلية تحت سيطرة إسبانيا، حيث ساعد هذا في توفير فرص عمل لعشرات الآلاف من المواطنين المغاربة. لكن ومع تزايد الواردات الصينية وتحرير التجارة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تراجعت الأهمية الاقتصادية لسبتة ومليلية، وهو ما أثار مخاوف مدريد من أن الجيبين، اللذين تعيش فيهما أقليات كبيرة من المسلمين، يمكن أن يقعا في نهاية المطاف تحت سيطرة المغرب.
وهددت الأحداث الحدودية الأخيرة بإثارة أزمة جديدة بين الدولتين، الأمر الذي دفع العاهل الاسباني إلى إجراء اتصال هاتفي بنظيره المغربي الملك محمد السادس، إلا أنه يبدو أن الحوار بين الصديقين أخفق في تهدئة التوتر على الحدود المغربية مع مليلية الاسبانية.
جدير بالذكر أن العلاقات بين إسبانيا والمغرب شهدت تحسنا بشكل عام تحت قيادة رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس زاباتيرو، الذي اقترب سلفه خوسيه ماريا أزنار من الدخول في صراع عسكري مع الرباط حول جزيرة غير مأهولة عام 2002.
(ش.ع / د.ب.أ / أ.ب / دويتشه فيله)
مراجعة: طارق أنكاي