ميركل في لبنان.. الأموال وحدها لا تحل مشكلة اللاجئين؟
٢١ يونيو ٢٠١٨ضمن جولتها للشرق الأوسط تتوجه المستشارة الالمانية إلى العاصمة اللبنانية بيروت بعد زيارة استهلتها للعاصمة الأردنية عمان. وتهدف ميركل من خلال جولتها تحسين وضع اللاجئين في تلك الدول وجعلهم لا يفكرون في اللجوء والهجرة إلى أوروبا ويرافق ميركل وفد اقتصادي حيث تستثمر جولة المستشارة حتى مساء غد الجمعة.
وقالت الحكومة الألمانية على موقعها الإلكتروني الخميس (21 يونيو/ حزيران) إن من ضمن الموضوعات التي ستشملها المحادثات في عمان وبيروت وضع اللاجئين، ولا سيما السوريين، في المنطقة عامة، والأردن ولبنان خاصة. ويمثل دعم دول المنطقة التي استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين والعراقيين، مثل الأردن ولبنان، مكوناً مهماً في القواعد التنظيمية الجديدة للهجرة التي تسعى ميركل إلى تطبيقها في الاتحاد الأوروبي.
زيارة ميركل مقترنة بالمساعدات
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة النهار اللبنانية راجح خوري في حوار مع DW عربية فإن أهمية زيارة المستشارة الألمانية تنحصر في "كون ألمانيا لاعباً أساسياً وكبيراً في المنطقة، كما أن ألمانيا قدمت مساعدان كبيرة لدول المنطقة لتحسين ظروف معيشة اللاجئين فيه، وهو ما ينعش الآمال بحصول لبنان على مساعدات عاجلة تمكنه من دفع بعض المستحقات المالية المتراكمة عليه".
منذ 2012 خصصت برلين مساعدات لعمان بقيمة نحو ملياري يورو لدعم برامج تعليمية وتوفير الإمدادات لمخيمات اللاجئين وتدريب عناصر الإغاثة والشرطة، فيما قدمت مساعدات لبيروت العام الماضي بقيمة نحو 370 مليون يورو، حيث تدعم لبنان في توفير إمدادات للاجئين في مجالات التعليم والتدريب المهني ومياه الشرب.
وبحسب مجلة دير شبيغل التي تناولت زيارة ميركل، فإن المستشارة الألمانية قد تواجه بعض التحديات خاصة في ظل مضايقات حكومية لبنانية للاجئين السوريين والتضييق عليهم على أمل إجبارهم على العودة. كما قالت المجلة عن وضع اللاجئين في لبنان إن "أحزاباً مسيحية تشن حملات منظمة ضد التواجد السني في لبنان وذلك لقضايا تتعلق بكسب أصوات المزيد من الناخبين".
ولقد أدى النقصُ في الدعم الدولي إلى إرهاق اقتصاد لبنان خاصة مع أعداد اللاجئين السوريين الكبيرة، وفي حين طالبت الحكومة اللبنانية الأمم المتحدة بالحصول على مساعدات دولية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي لتلبية احتياجات المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين في لبنان خلال 2017، لكن لم يؤمَّن سوى 54 بالمئة من التمويل مع حلول ديسمبر/ كانون الأول 2017 بحسب ما نشرته الوكالة الفرنسية للأنباء.
"الافتقار لحل سياسي"
ويرى الخبير اللبناني أن الأموال المقدمة لإغاثة اللاجئين لا تمثل حلاً للأزمة التي يعيشها لبنان بل هي عامل مساعد فقط. ويؤكد خوري أن الحل السياسي والذي يتمثل بعودة اللاجئين السوريين إلى مناطق سورية آمنة قد يكون الحل الأمثل لبدء حل جدي لإعادة اللاجئين المُهجرين إلى بيوتهم.
وبحسب موقع دير شبيغل الألماني فإن الحكومة اللبنانية صرحت بأن فاتورة وجود أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان أضحت كبيرة، حيث تؤكد مصادر حكومية لبنانية تكبد لبنان لثمانية مليارات دولار سنوياً، ما أدى إلى مطالبة الحكومة لمساهمة مالية عاجلة بحسب المجلة الألمانية. وبعد مرور سبع سنوات على الأزمة في سوريا، يحتضن لبنان مليون لاجئ سوري مسجل، وهو أعلى عدد في العالم بالنسبة إلى عدد السكان.
وشهدت لبنان علاقة متوترة مع المنظمات الدولية وذلك بعد تقارير دولية توضح إجلاء 13 بلدية في لبنان لأكثر من 3500 لاجيء من بيوتهم بشكل قسري بسبب جنسيتهم أو دينهم، فيما يواجه 42 ألف لاجئ خطر الإجلاء بحسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش التي تعني بمراقبة حقوق الإنسان في العالم.
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد لوحت بإعادة تقييم عمل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بعد بيان أصدرته المفوضية شككت خلاله في العودة الطوعية لنحو 500 لاجئ سوري غادروا لبنان منتصف الأسبوع، فيما اتهمت منظمة هيومن رايتش ووتش بلديات لبنانية بـ"إجبار مئات اللاجئين السوريين في لبنان على مغادرة أماكن سكنهم وذلك لاعتبارات دينية أو قومية" كما نشرت المنظمة الدولية على صفحتها.
واعترضت وزارة الخارجية اللبنانية على بيان "مفوضية شؤون اللاجئين" الذي اعتبرته غير مشجّع للعودة إلى سوريا. وحصلت هذه التهجيرات بينما تصاعدت دعوات السياسيين وآخرين إلى عودة السوريين إلى سوريا. وبحسب المنظمة الحقوقية إلى خسارة اللاجئين مدخولهم وممتلكاتهم. كما عطلت تعليم أولاد اللاجئين، وأدت في بعض الحالات إلى غياب الأطفال عن المدرسة لشهور أو حتى تركها نهائياً وفقاً للتقرير المنشور من قبلها.
خشية من تكرار السيناريو الفلسطيني
وفي حوار مع مجلة دير شبيغل الألمانية صرح السفير ألمانيا لدى لبنان مارتن هوت: "أن المجتمع الدولي يدرك تماماً حجم العبء الملقى على لبنان بالتعامل مع أزمة اللاجئين"، وأوضح السفير بأن "ألمانيا ملتزمة بعودة اللاجئين إلى بيوتهم"، إلا أن الحومة الألمانية ترى أن الوضع السياسي والانساني هناك "لا يسمح بعودة حالية للاجئين إلى بيوتهم"، وهو ما رفضه المحلل اللبناني راجح خوري.
وقال الخبير اللبناني إن أوروبا تنظر للمشكلة بـ"واقع انساني مجرد" دون الأخذ بعين الاعتبار الانهيار الذي يشهده لبنان من أعداد اللاجئين الكبيرة والتي تظهر أن واحداً من كل أربعة سكان في لبنان هو لاجئ.
ويرى خوري أن المشكلة أعمق مما تتصوره أوروبا، إذ أن هناك تخوف لبناني من تكرار السيناريو الفلسطيني في لبنان، وذلك باستقبالها للاجئين فلسطينيين وعدم قدرتهم على العودة. ويوضح خوري بأن هناك "آلاف الولادات للاجئين سوريين في الأراضي اللبنانية ولا توجد أي ضمانات من النظام السوري بالاعتراف بهذه الولادات أو منحها جنسية".
كما أن العديد من اللاجئين متخوفين من العودة وذلك خشية من استهداف النظام لهم ومعاقبتهم واعتبارهم من المعارضة وهو ما يعني بحسب خوري عدم وضوح الرؤية لمسألة العودة، وما يعنيه ذلك بحسب الخبير اللبناني من "انهيار وشيك" لمؤسسات الدولة اللبنانية.
الكاتب: علاء جمعة