"موقف الجزائر من الأزمة الليبية راجع لخوفها من تداعياتها عليها"
١٩ سبتمبر ٢٠١١يرى الدبلوماسي والوزيرالسابق في الحكومة الجزائرية، عبد العزيز رحابي، الذي يعتبر أحد ابرز منتقدي سياسة الحكومة الجزائرية الحالية، في حوار مع دويتشه فيله، أن هناك خوفا في الجزائر من تداعيات الثورة الليبية عليها، واعتبر أن سبب غموض الموقف الجزائري من الأزمة الليبية راجع إلى عدم وجود تواصل بين الأطراف المشكلة للسياسية الخارجية الجزائرية تسمح ببلورة موقف موحد.
ويعتقد رحابي أن "الجزائر ستخسر الكثير جرءا موقفها من الأزمة الليبية" وان استقبالها لعائلة القذافي سيشكل لها إحراجا مع الحكومة الليبية المستقبلية إلا انه توقع تطبيع العلاقات بين البلدين في ظرف ثلاث سنوات بعد تغيير الحكومات لدى كل البلدين.
وفيما يلي نص الحوار:
دويتشه فيله: شاب الموقف الجزائري بخصوص الأزمة الليبية الكثير من الغموض ما خلفية ذلك؟
عبد العزيز رحابي: كل سياسية خارجية لديها هويتها وهوية السياسية الخارجية الجزائرية هو رفض التدخل الأجنبي مهما كان نوعه، فالجزائر كانت من أقلية الدول التي نددت بالاجتياح العراقي في الكويت. ولكن الوضع يختلف شيئا ما عندما يتعلق الأمر ببلد جار، هنا لابد من تجسيد مبدأ خدمة المصالح الوطنية. فالجزائر بحاجة للتفكير بنوع من البراغماتية وتوظيف هذا المبدأ لمصالحها، لأن تداعيات الأزمة يتحملها الجار يعني الجزائر لا حلف الناتو ولا فرنسا ولا بريطانيا .
كان على الجزائر أن تأخذ بعين الاعتبار أن في ليبيا برزت قوى ثانية سياسية عسكرية ودبلوماسية اسمها المجلس الانتقالي الليبي، وللمحافظة على دورها كقوى إقليمية من المفروض ان تمد جسور الاتصال مع المجلس وتحتفظ بعلاقتها مع العقيد معمر القذافي للمحافظة على قوة التفاوض وكان بإمكانها لعب دور الوساطة بينهما. وفي أبجديات الدبلوماسية هنالك ما يسمى بالعلاقات الموازية، فالجزائر لم تتمكن من لعب دور الوساطة لعدم ربطها علاقة مع المجلس الانتقالي الليبي، رغم انها لعبت دور الوساطة بين العراق وإيران في التسعينات وبين أميركا وإيران كما كان لها دوروسيط بين الطوارق مع مالي.
البعض يعزو عدم وضوح الموقف الجزائري بخصوص الأزمة الليبية إلى وجود حسابات بين مراكز نفوذ داخل مربع الحكم في الجزائر؟
اعتقد ان عدم ظهور الجزائر بموقف موحد من الأزمة الليبية أعطى المجال لمثل هذه الاطروحات، وعندما لا يكون هناك إجماع وطني حول السياسية الخارجية، فإن ذلك يعطي الانطباع بوجود حسابات او اختلاف في الرؤى بين صناع القرار، لكن ليس لدي معلومات بشأن وجود اختلاف بين صناع القرار في الجزائر حول الأزمة في ليبيا، وربما لا يوجد هناك تواصل بين ما يشكل السياسة الخارجية المتمثلة في الدفاع والدبلوماسية والاقتصاد لتشكيل موقف موحد.
هل المسألة مرتبطة بالخوف من تداعيات الثورة الليبية على الجزائر؟
صحيح، فهذا خوف مشروع لان ما يحدث في ليبيا يجري في حدودها مع الجزائر وليس مع فرنسا. ثانيا، نحن لا نعرف حقيقة الوضع في ليبيا من يحكم ومن يقرر ومن يضع إستراتيجية المجلس الانتقالي الليبي، هل المجلس مستقل أم هو خاضع لإملاءات عربية وغربية...
البعض يربط وقوف الجزائر إلى جانب نظام العقيد الليبي معمر القذافي، حتى ولم يكن ذلك بصفة معلنة، بالخوف من مستقبلها في سوق الطاقة العالمية بعد تغيير النظام في ليبيا؟
الجزائر لا تنافسها ليبيا مباشرة وليس لديها تخوف من الجانب الاقتصادي لدينا اتفاقيات طويلة المدى لكن من التداعيات الاقتصادية لهذه الأزمة على الجزائر، ان الجزائر ستخسر كثيرا بموقفها الأخير وأعطت شعورا للشعب الليبي بانها تؤيد القذافي رغم انه شعور غير صحيح، المشكل أن الجزائر لم تعرف فقط كيف تعبر عن موقفها. وفي المدى المتوسط سنرى ان تونس ستبعث يد عاملة إلى ليبيا ومصركذلك وكل الفائض في الإنتاج الاقتصادي التونسي والمصري تستفيد منه ليبيا، اما ايطاليا وإسبانيا وفرنسا وإنجلترا فسيحلون أزمتهم الاقتصادية عن طريق الصفقات التي سيتم إبرامها مع ليبيا والخاسر الوحيد في هذا الوضع هو الجزائر التي لن تجن من هذه الأزمة سوى مواجهة مشكل تداول السلاح في المنطقة .
وما رأيكم في استقبال الجزائر لعائلة القذافي؟
أنا ضد استقبال الجزائر لعائلة العقيد معمرالقذافي لأننا بذلك نكون قد خرقنا اللائحة الأممية 19- 70 التي تمنع عائلة القذافي من السفر للخارج لأنهم طرف في الصراع حسب القانون الدولي العام، ليسوا مدنيين عاديين. وكان يمكن تقبُّل لو استقبلنا لاجئين عاديين، وستكون الجزائر في حرج لو حكم عليهم وطلبت الحكومة الليبية التي ستتشكل مستقبلا تسليمهم. كان على الجزائر أن تراعي مصالحها الخاصة فوق كل الاعتبارات.
كيف تتوقعون مستقبل العلاقات بين الجزائر وليبيا؟
في اعتقادي انه بعد ثلاثة سنوات سيكون هناك تطبيع في العلاقات بين البلدين بعد استقرار ليبيا أمنيا وتشكيل حكومة جديدة تضبطها مؤسسات وطنية. وفي المقابل ستجرى تغييرات في الجزائر سيكون هناك برلمان جديد والجزائر مقبلة على انتخابات تشريعية ورئاسية في السنوات المقبلة.
البعض يتحدث عن مؤامرة لضرب استقرار وأمن بلدان المنطقة، هل تؤيد هذه القراءة؟
لا أؤمن بوجود مؤامرة، الغرب يفكر دائما في المستقبل لكن الحكام العرب يفكرون في كيفية الوصول إلى السلطة وكيفية البقاء فيها ولهذا فإن ما وقع بالبلدان العربية سببه ظلم الحكام وانا أقول ان القذافي هو السبب في دخول الناتو إلى ليبيا وليس الثورة الليبية.
أجرت الحوار رانيا سليمان
مراجعة: منصف السليمي