مهرجان الفيلم العربي الإيراني ـ رؤية من زاوية أخرى للذات وللآخر
١٤ أكتوبر ٢٠٠٩شهد مهرجان الأفلام العربية الفارسية الذي أقيم في العاصمة الألمانية برلين في الفترة من التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول وحتى الرابع عشر منه، إقبالاً كبيرا من قبل الجمهور الألماني. وشكلت قضية الأقليات موضوعه الرئيسي، وتم في إطار هذا المهرجان، الذي أقيم تحت شعار "رؤية من زاوية أخرى"، عرض عدد نحو 25 فيلما عربيا وإيرانيا، تتوزع بين الوثائقية والروائية والقصيرة، ويركز جلها على إبراز التنوع الإتني والثقافي في المجتمعات العربية و إيران. ومن بين المشاركين مخرجون عرب وإيرانيون يعيشون في أوروبا وألمانيا. وفي حديث مع دويتشه فيله يقول منظم المهرجان برند أسباخ، من مؤسسة هاينريش بول، إن الهدف من هذا المهرجان هو التعرف على النظرة التي يرى المخرجون من خلالها أوطانهم إذا كانوا يعيشون خارجها.
ويوجد في أوروبا وألمانيا عدد كبير من المخرجين العرب والإيرانيين الذين يراقبون عن بعد التغيرات التي تشهدها بلدانهم، ويعبرون عنها في أفلامهم، ويحاول بعضهم، كما قال المخرج المصري المعروف سمير نصر، أن يخرج أفلاماً يفهمها الجمهور الألماني والمصري على حد سواء.
رؤية من الخارج وأخرى من الداخل
تلاقي نظرة المخرجين من الخارج إلى التغير الذي تشهده بلدانهم الأصلية مع نظرة أهلها إليها من الداخل يشكل أحد أهداف مهرجان الأفلام العربية والإيرانية في برلين، وفي هذا الإطار قام طلاب شبان ألمان من المعهد العالي للفيلم والتلفزيون في بابلسبيرغ بعرض أفلام صوروها في إيران ، إلى جانب أفلام صورها طلاب إيرانيون حول نفس الموضوع . وكما يقول أسباخ يسعى هذا المهرجان السينمائي إلى " اجتذاب شريحة أكبر من المواطنين للمشاركة في هذه الفعالية" لهذا فتح المنظمون باباً واسعاً أمام زوار المهرجان لمناقشة المواضيع التي يطرحها.
تقديم صورة أشمل عن المجتمعات العربية
إطلاع الجمهور الألماني على التنوع الكبير الديني والإثني في المجتمعات العربية والإسلامية شكل أحد الدوافع الهامة لقيام مؤسسة هاينريش بول بتأسيس مهرجان برلين للأفلام العربية والإيرانية بالتعاون مع شريكها في لبنان جمعية بيروت دي سي قبل ست سنوات، في هذا السياق يقول أسباخ أن مؤسسته أرادت تقديم "نوع آخر من صور الحياة في عملية التبادل الثقافي" وبناء على ذلك تم التخطيط عندئذ لعرض أفلام تظهر تنوع أوجه الحياة في بلدان الشرق الأوسط ولإشراك الجمهور في مناقشتها.
ومن بين أعضاء جمعية بيروت دي سي، المشاركين في تنظيم المهرجان، المخرجة اللبنانية زينة صفير التي ساهمت بفيلم "هيدا لبنان " أو (هذا لبنان) الوثائقي من إخراج اليان الراهب. وقالت في حديث لدويتشه فيله إنها تتعاون "ونعمل بنفس الاتجاه في ميدان الفيلم الوثائقي الذي يتناول الموضوعات الاجتماعية". ويعالج فيلم "هيدا لبنان" التطورات في لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري، مروراً بانتخابات 2005 ووصولاً إلى الحرب الإسرائيلية مع حزب الله 2006.
خلال اللقاء مع الجمهور البرليني لاحظت زينة صفير أنه على اطلاع واسع على لبنان والمنطقة عموماً، وأظهر فضولاً لمعرفة المزيد عن طبيعة تركيبة بلاد الأرز المعقدة. ولهذا السبب وقع الاختيار على فيلم " هيدا لبنان "لتعريف الجمهور الألماني على الواقع اللبناني، كما تقول المخرجة اللبنانية، التي أضافت بالقول إن هذا الفيلم أضاف أشياء جديدة إلى معلومات الألمان عن بلادها.
المهرجان فرصة ثمينة لتحسين النظر إلى الأخر
الخبير الثقافي اللبناني بيير أبي صعب يجد في هذا المهرجان السينمائي فرصة ثمينة تساعد على تحسين النظرة إلى الآخر، "لأننا نعاني من سوء تفاهم ثقافي وحضاري وفكري قائم على الجهل" بالأخر كما يقول أبي صعب. وكما يقول بيير أبي صعب يمهد هذا النوع من اللقاءات الثقافية الطريق لتجاوز الكليشيهات والأحكام المسبقة لدى الأوروبيين والعرب على حد سواء.
ولدى المقارنة بين الأفلام الإيرانية والعربية المشاركة في مهرجان برلين يقول بيير أبي صعب إن أسلوب الأفلام الإيرانية بسيط ودون مؤثرات يعرض حياة ألأفراد في قصص عادية. فهي تعرفنا على ظروف المرأة في مجتمع تقليدي صارم وظروف الأفراد في بحثهم عن الحرية وعن الحب وعن معنى الحياة والتعامل مع الواقع اليومي، بينما تتميز السينما العربية "بالاختبارية" والتجرؤ على البحث عن أشياء غير نمطية وغير معهودة ، وفيها حرية أكبر في التعامل مع الدين والمجتمع والمرأة والمحظورات في المجتمعات العربية الإسلامية.
الكاتبة منى صالح
مراجعة: عبده جميل المخلافي