مهام صعبة بانتظار الرئيس الفلسطيني الجديد
قبل التطرق إلى المهام التي تنتظر الرئيس الفلسطيني يجب علينا القول إنها صعبة جدا وتتطلب منه صلابة وتركيز غير مسبوق في الأشهر المقبلة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويرى المراقبون أن صعوبة المهام تكمن أولا في انه يحل محل زعيم تاريخي ملك كاريزما غير عادية ليس فقط على الصعيد الفلسطيني بل أيضا على الصعيدين العربي والدولي، وثانيا لأن توقعات وآمال الشعب الفلسطيني المستقبلية كبيرة جدا.
أما السبب الثالث فيعود إلى أنه سيفاوض طرفا متمرسا وهو الجانب الإسرائيلي ورئيس وزراء إسرائيلي عنيد ترمي سياسته إلى ضم 48 بالمائة من الضفة الغربية لإسرائيل. كما ترمي الى حصر الدولة الفلسطينية المعلن عنها في قطاع غزة وبعض مناطق الضفة الغربية.
التوفيق بين الفصائل ووقف "عسكرة الانتفاضة"وفقا لرأي المراقبين فإن التحدي الأكبر الذي سيواجه محمود عباس في الأشهر الأولى هو التوفيق بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وإقناعها بوقف إطلاق النار. في هذه الأثناء يبذل عباس جهودا بالتعاون مع دول عربية وأوروبية ليكون وقف إطلاق النار متبادلا بينها وبين إسرائيل.
وفي هذا الخصوص قال المحلل السياسي والصحافي الفلسطيني محمد النوباني لموقعنا " دويشه فيلله باللغة العربية " إن طريق محمود عباس على الصعيد الداخلي" لن يكون مفروشا بالورود " رغم انه حصل على أكثر من 60 بالمائة من أصوات الناخبين الفلسطينيين. وأضاف النوباني ان ما يسمى بـ " وقف عسكرة الانتفاضة " سيشكل العقبة الرئيسية أمامه في المستقبل القريب. وعزا ذلك إلى أن التنظيمات الفلسطينية المسلحة أوجدت لها في المجتمع الفلسطيني " وزنا جماهيريا وعسكريا كبيرا منذ انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وهذا ما يؤهلها للاستمرار في ممارسة جميع أشكال المقاومة." ونصح النوباني الرئيس الجديد بانتهاج سياسة المقاومة والتفاوض في آن واحد قائلا أن " مقاومة الاحتلال في تاريخ الشعوب لا تقتصر على استخدام السلاح فقط " وان استخدامه " ليس هواية أو نزعة تتحكم بطبائع الشعوب بل هو مسألة لها أسبابها الموضوعية.
القضاء على ظاهرة "فوضى السلاح"
يرى المراقبون أن التحدي الثاني الذي سيواجه محمود عباس هو ضبط الأجهزة الأمنية الفلسطينية وفرض سلطة القانون. ومما يعنيه ذلك إنهاء ظاهرة فوضى السلاح الأمر الذي يعتبر موضوعا شائكا ومعقدا
. ويعود السبب في ذلك إلى تعدد هذه الأجهزة وتشابك صلاحياتها. كما أنها تشكل مراكز لصراع شخصيات وقوى سياسية من مختلف التيارات. ونظراً لحساسية المسألة يجب على عباس إتباع الحنكة في التعامل معها. ويبدو أن الحل الأفضل يتمثل في إيجاد طريق يتم من خلالها التوفيق بين المصالح المتباينة.
الخسائر الاقتصادية
أما من الناحية الاقتصادية فإن التحديات التي ستواجه الرئيس الفلسطيني الجديد كبيرة جداً. ويعود سبب ذلك إلى الخسائر الضخمة التي تكبدها الفلسطينيون خلال السنوات القليلة الماضية. وتشير المعلومات المتوفرة لدى موقع دويشه فيلله باللغة العربية أن حجم هذه الخسائر يتراوح بين 5 إلى 7 مليار دولار سنويا. وتقدر المصادر الفلسطينية حجم هذا الدمار في قطاع غزة لوحده ب 4،5 مليار دولار.
وهي خسائر نجمت عن تدمير أو تخريب البنى التحتية والمنشآت والمزروعات والاغلاقات والحرمان من العمل. وفي حين بلغ حجم الخسائر الإسرائيلية 5 بالمائة من النائج القومي خسر الفلسطينيون 150 بالمائة من ناتجهم القومي السنوي. وعلى هذا الصعيد قال النوباني انه يتوجب على عباس مجابهة هذه التحديات من خلال الشروع فورا في إعادة إعمار ما دمرته الآلة العسكرية الإسرائيلية كي يشعر الفلسطينيون بحدوث تحسن في مستوى معيشتهم. ولعل تعاطي محمود عباس بنجاح مع المؤسسات الحكومية التي أحاطت بالرئيس الراحل عرفات هو أحد أهم التحديات التي تواجهه على الصعيد الاقتصادي. ويعني هذا النجاح التغلب على مشاكل الفساد والبيروقراطية التي يعاني منها الفلسطينيون إلى جانب مشكلتهم الرئيسية المتمثلة في الاحتلال.
ناصر جبارة